سيظل تاريخ 4 نونبر 2017 محطة بارزة في سجل كرة القدم المغربية، إذ يؤرخ لملحمة بطولية من توقيع فريق الوداد الرياضي البيضاوي أو "وداد الأمة"، عقب تتويجه أول أمس السبت بلقب دوري عصبة أبطال إفريقيا على حساب الأهلي المصري، ليعتلي عرش الكرة الإفريقية مما فجر فرحة عفوية عارمة في بيوت الحاضرة الاقتصادية للمملكة تواصلت إلى الساعات الأولى من صباح أمس الأحد. فلم تكن سافرة الحكم الغامبي باكاري غاساما فقط إيذانا بنهاية المباراة النهائية التي حسمها الوداد لصالحه بهدف لصفر من توقيع وليد الكرتي في الدقيقة 69، بل أيضا، انطلاقة عرس جماهيري استثنائي و فرحة هستيرية تفجرت شرارتها الأولى وسط "ملعب الرعب" أو مركب محمد الخامس لينتشر لهيبها في مختلف أرجاء مدنية البيضاء ولتعم باقي أرجاء المملكة وكذا في عدد من بلدان إقامة الجالية المغربية. و شهدت الأحياء المعروفة بكونها معاقل للفريق الأحمر وكذا الساحات والمحجات الكبرى في الحاضرة الاقتصادية للمملكة تدفقا هائلا للجماهير من مختلف الأعمار ذكورا وإناثا، خرجوا فرادى وجماعات للتعبير عن فرحة لا توصف، وهم يحملون الأعلام الوطنية وكذا الرايات الحمراء المميزة للوداد، منتشين بالانجاز التاريخي الذي حققه أشبال الإطار الوطني حسين عموتة بعد مباراة بطولية. فانطلاقا من مركب محمد الخامس أطلق السائقون العنان لمنبهات سياراتهم ودرجاتهم النارية التي شكلت مواكب متواصلة على طول شوارع الحسن الثاني والجيش الملكي والروداني وساحة الأممالمتحدة وساحة الجامعة العربية ومن هناك إلى كورنيش عين الذياب، عازفين سمفونية النصر الرائعة، شبيهة بتلك التي عزفها اليوم على المستطيل الأخضر أصدقاء العميد المقاتل إبراهيم النقاش والمهاجم المارد أشرف بنشرقي. وكانت حناجر الجماهير البيضاوية الغفيرة تحيي أبطال القلعة الحمراء مرددة شعارات تمجد مسيرتهم الموفقة مع عموتة، في وقت تعالت زغاريد النساء اللواتي عبرن عن فرحة عمت جميع الأفئدة، فارتسمت على محياهن لحظة حبور خالدة ستبقى راسخة في أذهانهن. وتميزت هذه الفرحة العفوية بترديد الجماهير المحتفية بهذا الإنجاز التاريخي الذي طال انتظار، الأغاني الخالدة ل"الوينرز" أكبر فصيل لمشجعي الوداد من قبيل "الحمرا مون أمور" و"أميغو" و"ودادي ودادي لك حبي وفؤادي"و"ودادي شامبيوني" و"الحمرا أو بيضا الزاهية". والواقع أن لاعبي الوداد بصموا على مباراة تاريخية تربط حاضر النادي بماضيه التليد الغني بالألقاب و البطولات على الصعيدين الوطني والقاري، خاصة وأنهم واجهوا فريقا مصريا صعب المراس إلا أن العزيمة ورباطة الجأش التي تحلى بها لاعبو الوداد المؤزرين بجمهورهم الرائع مكنتهم من إسقاط خصمهم وانتزاع اللقب عن جدارة واستحقاق. وحظي الفريق الأحمر بمؤازة جماهيرية منقطعة النظير أبهرت المتتبعين، إذ شكل الجمهور الذي تقاطر بأعداد غفيرة على مركب محمد الخامس سواء من مدينة الدارالبيضاء أو مختلف جهات المملكة وكذا من خارج أرض الوطن، على امتداد 90 دقيقة، اللاعب رقم 12 بامتياز. فعلى بعد ثلاث ساعات من انطلاق المباراة، امتلأت جنبات المركب الرياضي محمد الخامس، بجمهور غفير فاق تعداده 45 ألف متفرج من مختلف الأعمار، و شرعوا بصوت واحد في ترديد الأغاني الوطنية الحماسية والأهازيج الشعبية التي أبدعتها حناجر الميتمين في حب "وداد الأمة". والمؤمل أن تكتمل فرحة الجمهور المغربي الذي شكل على الدوام السند القوي لكرة القدم المغربية، بانتزاع الفريق الوطني البطاقة الوحيدة عن المجموعة الثالثة حين يحل ضيفا يوم 11 نونبر 2017 على منتخب كوت ديفوار، و يعيد لكرة المغربية هيبتها وإشعاعها وبريقها إفريقيا وعالميا.