تقيس الفئات الشعبية بالمغرب أسعار السمك في الأسواق من خلال ثمن السردين، الذي يشكل العمود الفقري للنظام الغذائي لغالبية الأسر، لا سيما، الفقيرة منها التي تعتمد عليه في إعداد الكثير من الوجبات. فإذا كان السردين منخفض السعر، فهذا مؤشر على انخفاض أسعار بقية أنواع الأسماك في السوق، والعكس صحيح. هذا المعيار الشعبي، إن كان يدل على شيء، فإنه يدل على أن السردين وجبة شعبية بامتياز تعتمد عليه غالبية الأسر المغربية في سد حاجياتها من الغذاء، وأن أي نقص أو تقليل في إنتاجه سيؤثر لا محالة على القدرة الشرائية لفئة عريضة من المواطنين. مناسبة هذا القول، هو التقرير الصادر عن المجلس الدولي لاستكشاف البحار الذي أفاد، حسب ما ذكرته صحيفة "ذا بورتوجال نيوز" البرتغالية، أن ثمة انخفاضا مهولا سجل في مخزون هذا النوع من السمك خلال العشر سنوات الماضية بالبحر الأبيض المتوسط، استنادا إلى دراساته للمخزون السمكي للسردين. وقد دعا هذا المجلس الذي تعتمد عليه اللجنة الأوروبية في الاستشارات والآراء المتعلقة بآفاق الصيد، بوقف صيد السردين خلال العام المقبل في كل من البرتغال وإسبانيا والمغرب، معللا ذلك بالاستغلال المفرط لهذه الثروة السمكية بهذه المنطقة البحرية، مما يتسبب في استنزاف مخزونها. ولاستجلاء هذا الأمر، اتصلت بيان اليوم بكمال صبري رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسي الشمالية الذي أوضح في تصريحه لبيان اليوم، بأن تقرير المجلس الدولي لاستكشاف البحار، "لا يعني المغرب الذي يتوفر على استراتيجية أليوتيس لتطوير قطاع الصيد البحري التي أطلقها منذ عام 2009. كما أن المغرب الذي يعد رائدا في إنتاج السردين، والمتصدر لقائمة أنواع الأسماك المصطادة بسواحل المملكة، يقول المتحدث، يعتمد مخطط تهيئة يشدد على توفير الظروف التي تسمح بتجدد ثروته السمكية عبر هيكلة "صيد" هذا النوع من السمك من خلال اعتماد فترات للراحة البيولوجية، وحصص "كوطا"، ومناطق يمنع فيها صيد الأسماك، كما يؤكد هذا المخطط أيضا على تثمين منتوج السردين والتشجيع على استهلاكه، خاصة وأن هذا النوع يحتل مكانة خاصة في العادات الغذائية للمغاربة، بالنظر لقيمته الغذائية وسعره الذي يبقى في متناول جميع شرائح المجتمع. تطمينات كمال صبري بخصوص الوضعية الجيدة لمخزون المغرب من سمك السردين في المحيط الأطلسي، يقابلها تخوف المتحدث، الموضوعي، بخصوص الوضعية التي توجد عليها الثروة السمكية، خاصة سمك السردين، بالبحر الأبيض المتوسط والتي أكد أنها "تتعرض للنقص المهول من فرط الاستنزاف الذي تمارسه سفن الصيد الإسبانية والبرتغالية دون رقيب"، داعيا الدول التي تصطاد في هذه المنطقة البحرية لوضع مخططات تهيئة للحفاظ على المخزون السمكي، كما فعل المغرب الذي كان سباقا لوضع الاستراتيجيات للحفاظ على ثروته السمكية. يشار إلى أن المغرب يتوفر على واجهتين بحريتين هما البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بسواحل تمتد على أكثر من ثلاثة آلاف و500 كلم ومجال بحري يمتد لحوالي 1.2 مليون كلم مربع، وهو من بين أكثر المناطق الغنية بالأسماك في العالم، ويتوفر على ثروة سمكية هامة، مما يجعله يحتل المرتبة الأولى في إفريقيا والرتبة 25 عالميا من بين منتجي الأسماك. ويحتل قطاع الصيد البحري مكانة هامة في اقتصاد المغرب، ويمثل هذا القطاع، بكمية صيد تصل إلى أكثر من مليون طن، ما بين 2 و3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ويخلق حوالي 700 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر.