5000 شخص من ساكنة مدينة الرباط يغادرونها بشكل سنوي.. ذلك ما أكده تقرير أعده مجلس عمالة الرباط، وأعلن عنه في بداية الشهر الجاري. وهو رقم يبرز بالملموس مدى تحول العاصمة الرباط من نقطة استقبال لنقطة مغادرة، بحثا عن الشغل، وبحثا عن حياة اجتماعية أفضل. التقرير كشف أيضا أن العاصمة، وبالإضافة إلى فقدانها 5000 من ساكنتها سنويا ما بين 2004 و2014، تعرف انخفاضا في معدل الخصوبة، وشيخوخة الساكنة، بالإضافة إلى تراجع متوسط حجم الأسر. هذا الرقم، حسب مجلس العمالة، توازيه أرقام أخرى مخيفة، كتلك المرتبط بانتشار الأمية، وارتفاع نسب الهدر المدرسي التي تصل ذروتها في المستوى الإعدادي، وارتفاع معدل البطالة إلى 18 بالمئة خلال ال 20 سنة الماضية. تعليلات هذه الأزمة التي تدق ناقوس الخطر بالعاصمة رصدها مجلس عمالة الرباط في مجموعة من النقط التي تحتاج للمعالجة، أولها يهم ضعف جاذبية المدينة، إذ أن الرباط تعاني من ضعف الجاذبية لاستقطاب المغاربة للاستقرار بها. وذلك يعود نتيجة فقدانها الأنشطة الاقتصادية والتي يوازيها تراجع ملحوظ في اليد العاملة المستخدمة. كما أن هذا الانخفاض في الاستقطاب يرجع، حسب التقرير، إلى تراجع العمل الإداري، الذي هيمنت عليه الرباط، التي ظلت تحمل لقب العاصمة الإدارية للمغرب. وأوضح التقرير أن انخفاض ساكنة المدينة يعود أيضا إلى فقدان مناصب الشغل التي كان يوفرها القطاع الصناعي بالمدينة، والمتسم بالضعف. وهو القطاع، الذي يعاني تراجعا كبيرا، ويتمثل في ثلاث مناطق صناعية تعاني سوء التجهيز، وفق التقرير التشخيصي الذي خلص، بشكل إجمالي، إلى أن العاصمة الرباط تعاني عجزا اجتماعيا مهولا تتجلى مظاهره في الفقر المستشري في عدد من الأحياء، خصوصا الشعبية منها، بالإضافة إلى الهشاشة والبطالة. وهي مؤشرات تدل على أن المدينة تعيش وضعية غير مواتية. مجلس عمالة الرباط، وفي دورته الأخيرة التي انعقدت بتاريخ 11 كتوبر الجاري، شخص الأزمة بالعاصمة، وقدم حصيلة لعمله من أجل القضاء على أوجه الهشاشة التي ارتكزت بالأساس في مقاطعتي اليوسفية ويعقوب المنصور (86 بالمئة من ساكنة المقاطعتين في وضعية صعبة). في ذات السياق، كان مجلس عمالة الرباط قد أعلن، موازاة مع التقرير، عن انكبابه على دراسة المشاكل التي تعيشها العاصمة، خاصة الفئة الفقيرة والتي تعرف الهشاشة، حيث أقر مجموعة من المشاريع الاجتماعية بعدد من الأحياء، مع التركيز على مقاطعتي اليوسفية ويعقوب المنصور التي تنخرهما الهشاشة بحدة أكبر بالمقارنة مع باقي مقاطعات العاصمة. وركز مجلس عمالة الرباط على بعدين، البعد الاجتماعي من جهة والبعد الخدماتي من جهة أخرى، وذلك من خلال الشروع في إصلاح إداري وإنشاء مراكز اجتماعية لخدمة المواطنين وتسهيل ولوجهم للمرافق العمومية ومن خلال العمل على الرفع من عدد المراكز الرياضية والترفيهية الموجهة للشباب وذلك في إطار محاربة الهدر المدرسي والجريمة والبطالة والنهوض بالقدرات الذاتية لدى الأطفال والشباب. وقد علق رئيس مجلس عمالة الرباط سعد بنمبارك على ذلك بالقول "إن مخطط إنعاش المجال الترابي للعاصمة الذي رصده المجلس برسم 2016 – 2021 نتاج إرادة مشتركة وتعاون وثيق بين مختلف الفاعلين، من نخب سياسية ومجتمع مدني ومؤسسات الدولة"، متابعا أنه يهدف إلى الحد من الفقر والتهميش وتبني نهج التكامل بين الإجراءات وفرصة لممارسة تسييرية ترابية مبتكرة يجب إدراجها في السياسات العمومية واستراتيجيات التنمية البشرية.