ذات مساء من شهر غشت أمام مكتبه في غرفة للذكريات فقط، حيث النافذة بدون ستائر، جلس عبد الله كعادته على الكرسي الأزرق يتناول فنجانه المفضل كابتشينو، يتصفح مدونة عبارة عن نصوص سردية فاستهوته رسالة حب لشيخ مغربي الذي عاش مع دادة ريم، هذه الفتاة التي استغفلت جدتها لتلاعب شفتيها بالأحمر وهي تنظر لكل مرايا المنزل الشبيه بعلبة زرقاء. ظن نفسه شيموس ذاك الذي ظل يتأمل عبر نافذة القطار في جسد حواء، هذا الجسد الذي يشبه فاكهة كرزمن حيث المذاق، أونكهة مطرينقط باردا فوق جلود عارية، دفع به إلى كتابة قصيدة غزلية تحمل عنوان»انتبه من فضلك» وأنت تتمرن على مسرحية تفاحة نيوتن، هذه التفاحة التي أبت أن تفارق خياله حيث اعتبرها سبب ولوجه في حداد ظل يلازمه سنين حيث أصيب بجنون وهو يرى والده جثة جافة معطلة الحواس، الشيء الذي جعله لايتريث في الإستعانة بجارته جاكي، المرأة المحبة لرؤية المطر وهو يتساقط على تقاسيم الشارع تخاطبه في عجب يالك من مطر ومطر. عفوا، أنت مجرد سحابة عابرة، سحبتها من تأملاتها دقاته المتتابعة مما جعلها ترفض مساعدته، الشيء الذي جعله في غضب وعداوة بينه وبينها كعداوة توم وجيري. هنا تذكر أباه آدم وهو يرفل في سعادة تامة مع زوجته حواء ومساس زغب الشيطان ووسوسته له. هذه الأحداث وهذا الجو البارد جعل الرجل يصاب بسعال حاد، تناول على إثره عددا من بيض مقلي بزيت الزيتون ثم ذهب لزيارة صديقه منصور عساه يحظى برقية لفقيه يسعى من خلالها إلى طرد هذا النحس والحصول على حقوق جثة أبيه التي تعفنت وتسرب منها خنزاكتسح الغرفة قبل أن يضرم فيها أبو حيان النار في محرقة لمحو أثرها وهو يلاعب علبة الكبريت بأصابعه، مشمئزا من مواء قطة ذكره بصافرة حالة طوارئ لشريحة مجتمعية غرقى في بحر ظلمات لاقرار له، حين انقلب القارب بهم وهم يشاهدون قتل حمام السلام بواسطة سرب من الطائرات الحربية، والتي دفعت بالأم أن تحذر طفلها الوحيد قائلة له ''أغلق عينيك'' فقد مات الكلب المسكين حارسنا الأمين تحت عجلات حافلة الغدر المحملة بقوارير زرقاء مملوءة بماء مالح غير صالح للشرب... فأسرع الخطى إلى السوليما (السينما) بدل الجلوس والتفكير في هذه المصائب، لمشاهدة فيلم عرس الذئب الذي أدرك أن أحداثه هي فوطوكوبي لأحداث طوق حمامة حيث الحبيبان يستحيل العيش بينهما جراء الظروف القاسية، وبعد ذلك وقف مليا يحدث نفسه، صفات هؤلاء شبيهة بقطرات عثرت عليها بين أوراقي والتي تحكي عن شيخ فقد عدسة عينيه جعلته يثور على واقعه، أوالرجل ذي ألف وجه همه إرضاء أسياده، والطفل الغاضب على أخلاق المتغطرسين ومايعانيه أولئك الضعفاء منهم يجعلهم يقترفون أبشع الأشياء، إنها فعلا ما تحكيه قصة الديفان حيث احتساء الخمرة ومضغ الايام الشاحبة في مساء العيد بعد انكباب الجدة كعادتها خلف منسج كي تصنع جلبابا يقي حفيدها قساوة البرد، وخشونة الحياة. كل هذا وعبد الله يتابع صفحات ضحك القصة، التي هي جزء من صفحات حياته..