يجتمع هواة البن من جميع أنحاء العالم، في الأول من شهر أكتوبر من كل عام، للاحتفال باليوم العالمي للقهوة، التي يستهلك منها البشر، يوميا، ما يقارب المليارين ونصف المليار كوب. وفيما يزداد هذا الاستهلاك العالمي للقهوة، أشارت دراسة علمية حديثة صادرة عن "معهد المناخ" (Climate Institute)، نشرتها صحيفة "الإندبندنت" (The Independent) البريطانية، إلى أن زراعة القهوة الطبيعية مهددة بالانقراض، بحلول العام 2080، إن لم تعالج قضية تغيير المناخ. ويتوقع معدو التقرير، هبوط إنتاج القهوة إلى النصف، خلال العقود الثلاثة المقبلة. ويعيدون ذلك الانخفاض، إلى ارتفاعات متوقعة في معدل درجات الحرارة وإلى تغير جذري، في أنماط هطول الأمطار، حيث ستعاني المنخفضات الاستوائية، أكثر من غيرها، من تلك التغييرات المناخية، التي ستؤثر سلبا على الإنتاج، من حيث الكم والنوع، ما سيجبر الفلاحين على نقل مزارعهم إلى أعالي الجبال، المغطاة بالغابات. وما قد يسبب كارثة بيئية مدمرة، ظهرت أولى ملامحها، من خلال وجود زيادة في الأمراض التي تصيب النباتات، في تلك المناطق العالية، حديثة العهد بزراعة القهوة. ويؤكد الخبراء، أن المكسيك هي أول من سيخسر تلك الزراعة. تليها نيكاراغوا، بحلول العام 2050. فيما يزداد القلق، على تلك الزراعة، في كل من البرازيل وفيتنام، حيث تكاد تودي موجات الحر بكل المحاصيل، في هذين البلدين. كذلك، سيؤثر التغير المناخي على البن العربي (اليمن) وبن الروبوستا (الكونغو)، حيث من المتوقع أن ينقرض هذا الأخير من موطنه، بحلول العام2050. اليمن ويعد اليمن البلد الوحيد في العالم، الذي تزرع فيه شجرة البن، في ظروف مناخية لا تشبه تلك التي تزرع فيها، في مناطق أخرى من العالم. وعلى الرغم من أن اليمنيين يزرعون البن في طول البلاد وعرضها، إلا أن إنتاج اليمن للبن، تراجع لأسباب عديدة، فبالإضافة إلى شح المياه (بسبب التغير المناخي) وتخلف الأساليب الزراعية المتبعة في إنتاجه، فاقمت الحرب المخاطر التي تهدد زراعة البن في اليمن. فمن النقص الحاد في مادة المازوت، التي تستخدم في ضخ الماء إلى المزارع، إلى صعوبة وجود الأيادي العاملة، إلى النقص الحاد في توافر المحاصيل والأسمدة وأدوات الزراعة. أثيوبيا تنبأت اللجنة الدولية للتغير المناخي، بأنه، فيما لو استمرت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، على حالها، من الآن إلى سنة 2100، فإن ارتفاعا في درجات الحرارة سيحدث بمعدل 4 درجات مئوية. و بحسب توقعات الدراسة، التي نشرها باحثو حدائق كيو في أثيوبيا، سيؤدي هذا الارتفاع حتما، إلى تقلص مساحات زراعة القهوة في أثيوبيا، بنسبة قد تصل إلى 60 في المائة. البرازيل حصدت البرازيل في عام 2016 وحده، حوالي 52 مليون كيس بن. إلا أن التقديرات تشير إلى انخفاض هذا الإنتاج، هذه السنة (2017) بنسبة 11.3 في المائة، بسبب الانعكاسات الكارثية للتغير المناخي، على مناخ البلاد عموما، حيث حدد بحث نشرته "اللجنة الحكومية الدولية للتغير المناخي"، أن ارتفاع ثلاث درجات في حرارة الجو وزيادة 15 في المائة في هطول الأمطار، عن المستويات السابقة في أكبر ولايتين منتجتين للبن (ساوباولو وميناس جيرياس)، قد يؤدي إلى تقليص المناطق المحتملة للإنتاج البرازيلي، من 70 إلى 75 في المائة من مناطق الولايتين، إلى 20-25 في المائة. في حين لا يزال التحدي كبيرا أمام دول أمريكا الوسطى والجنوبية، لأن زراعة البن، هناك، تأثرت، بدرجة كبيرة، جراء التغير المناخي وانتشار الوباء. ووفقاً للأرقام، تأثرت المحاصيل في كوستاريكا بنسبة 30 في المائة، فيما تأثرت محاصيل غواتيمالا، بنسبة 64 في المائة. ومحاصيل السلفادور، هندوراس ونيكاراغوا، بنسبة 10 في المائة. ما العمل؟ في نشرتها عن الفصل الأول من سنة 2017، أعلنت المنظمة الدولية للبن، أن هناك 25 مليون عائلة في 60 بلدا، في العالم، تعتمد على إنتاج البن. ويدر هذا القطاع مائة مليار دولار على المستوى العالمي. ولذلك، يعمل العالم عموما ومزارعي البن خصوصا، اليوم، على مواجهة مخاطر التغير المناخي على هذه الزراعة، من خلال أمرين: الأول، تخفيف آثار الاحترار، من خلال خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. أما الأمر الثاني، فيتركز في التكيف مع التغير المناخي، من خلال زراعة أنواع من الاشجار، إلى جانب البن، تؤمن له الظلال؛ واستنباط أنواع جديدة، أكثر قدرة على تحمل الحر. وأخيرا، تغيير مواقع المساحات الزراعية. فادي نصار