ثبتت مقولة أن الخبرة تتفوق على الشجاعة، بعدما حسم الملاكم الأميركي فلويد مايويذر نزاله المرتقب ضد بطل الفنون القتالية المختلطة الايرلندي كونور ماكغريغور بالضربة الفنية القاضية في الجولة العاشرة من "نزال الملايين" الذي جمعهما في لاس فيغاس. وتعمد مايويذر، بطل العالم السابق في وزن الوسط والذي عاد عن اعتزال أعلنه قبل عامين لمواجهة ماكغريغور، تأجيل الحسم في نزال السبت لاستغلال عامل الإرهاق لدى منافسه الإيرلندي، بحسب ما أكد بعد النزال الذي جمعهما أمام 14623 متفرجا في مجمع "تي موبايل ارينا"، بينهم نجوم كممثل الأميركي بروس ويليس، ولاعب كليفلاند كافالييرز لكرة السلة ليبرون جيمس، وأسطورة الملاكمة مايك تايسون. وأكد مايويذر البالغ 40 عاما "خطتنا للمباراة كانت أن نأخذ وقتنا، أن نذهب إليه وأن نمنحه فرصة توجيه لكماته في وقت مبكر ثم القضاء عليه في الوقت المناسب. قدمت ضمانات للجميع بأنها (المباراة) لن تذهب حتى النهاية"، أي إلى الجولة الثانية عشرة. وتأخر انطلاق النزال لدقائق لأن الشبكات الناقلة عانت مشكلة في تلبية التهافت الهائل على طلبات الاشتراك الخاص لمشاهدة المواجهة التي دفع من أراد متابعتها في الولاياتالمتحدة عبر شاشات التلفزة رسما إضافيا بلغ 99,99 دولارا. وحافظ مايويذر على سجله الخالي من الهزائم بعدما سيطر على مواجهته مع ماكغريغور (29 عاما)، أحد أبرز نجوم الفنون القتالية المختلطة ("أم أم اي")، منذ الجولة الرابعة قبل أن يعلنه الحكم منتصرا بالضربة القاضية بإيقافه المباراة في الجولة العاشرة إثر توجيهه ضربتين خاطفتين بيسراه لمنافسه المرمي على حبال الحلبة. وكان ماكغريغور ندا قويا للأميركي في الجولات الثلاث الأولى، إذ وجه له العديد من اللكمات، لكن ما أن دخل مايويذر في الأجواء ووجد وتيرته المعتادة، حتى بدأ في توجيه اللكمات المرهقة لمنافسه. ومنذ الجولة الرابعة، بدأ مايويذر يوجه الضربات بسهولة تامة ما أرهق الايرلندي الذي تمكن على رغم ذلك من الصمود حتى الجولة العاشرة، بعدما بدا قريبا من الخسارة بالضربة القاضية في السابعة. وفي نهاية المطاف، لم يخرج هذا النزال عن السيناريو المتوقع بين بطل محنك في الملاكمة ومنافس يخوض أولى مبارياته في رياضة "الفن النبيل"، وصبت قرارات الحكام الثلاثة لمصلحة الأميركي بعد إيقاف المواجهة من قبل حكم الحلبة روبرت بيرد. وأقر مايويذر بأن ماكغريغور "كان أفضل مما توقعت. إنه منافس صلب، لكني كنت الرجل الأفضل هذا المساء". ورأى الايرلندي من جهته انه كان في إمكان الحكم السماح بمواصلة المواجهة، مشيدا بالملاكم الأميركي قائلا "يتميز برباطة جأشه، إنه ليس سريعا جدا، وليس قويا جدا، لكن رباطة جأشه ملفتة جدا". وواصل "أعتقد أن التوقف (إيقاف المباراة) كان مبكرا. كنت متعبا بعض الشيء. كان أكثر تمكنا بعض الشيء في ضرباته. يجب أن أعترف له بذلك، هذا ما تصل إليه بعد 50 مباراة احترافية"، في إشارة منه إلى عدد المباريات الرسمية التي خاضها مايويذر على الحلبة. ورفض مايويذر التقليل من أهمية الفوز وموقعه في سجله الخالي من الهزائم بالقول "الفوز هو فوز، بغض النظر عن الطريقة التي تحقق بها". ولاقى النزال انتقادات العديد من مشجعي الملاكمة الذين رأوا فيه مواجهة دعائية أكثر من رياضية، وأقرب إلى نزالات المصارعة الاستعراضية الأميركية، أكثر منه إلى مبارزة حقيقية في الملاكمة. وسيعود مايويذر الآن إلى ما اعتبره اعتزالا نهائيا وفي رصيده 50 انتصارا دون أي هزيمة، متفوقا بفارق انتصار على أسطورة الوزن الثقيل الأميركي الراحل روكي مارسيانو الذي حقق 49 انتصارا دون هزيمة بين 1947 و1955، بينها 43 بالضربة القاضية. وتابع مايويذر الذي أضاف 200 مليون دولار الى حساباته المصرفية جراء هذا النزال، رافعا عائداته المالية في مسيرته الى حوالى مليار دولار، "روكي مارسيانو أسطورة وأتطلع لإدراج اسمي في قاعة المشاهير في أحد الأيام"، مؤكدا "إنها مباراتي الأخيرة الليلة، بالتأكيد. الليلة، اخترت الشريك المناسب لأرقص معه (ماكغريغور)". ولن تكون الهزيمة أمام مايويذر خسارة كاملة لماكغريغور الذي كان سباكا عاطلا عن العمل قبل أربعة أعوام فقط، إذ من المتوقع أن يحصل على 100 مليون دولار من هذه المواجهة. كما أظهر النجم الايرلندي قدرات مميزة وخالف من توقع تلقيه هزيمة ساحقة أمام الخبير الأميركي، والأرقام تؤكد ذلك إذ وجه 111 لكمة لمايويذر، أي أكثر ب30 لكمة مما حققه الفليبيني ماني باكياو عندما تواجه الملاكمان عام 2015 في "منازلة القرن". وعن المستقبل، كشف ماكغريغور أنه منفتح على العودة إلى حلبة الملاكمة، مضيفا "يسألني الناس، ماذا بعد؟، أنا لست متأكدا. أمامي الكثير من ألقاب +يو أفي سي+ (بطولة القتال المطلق) للتفكير بها"، لكنه أردف "بإمكاني أيضا الاستمرار في لعبة الملاكمة. أنا متأكد بأنه ستكون هناك خيارات أمامي في الملاكمة".