محمد مصباحي (مفكر): علي يعته الزعيم الذي رفض الحكم الفردي المطلق أيام المغفور له الحسن الثاني المرحوم علي يعتة زعيم سياسي ومفكر اشتراكي، بقي ذكره خالدا وحيا في قلوب مناضلي الحزب والمنخرطين فيه، وكذا في قلوب الشعب المغربي لعدة أسباب، أذكر منها، أولا: كان علي يعته وطنيا، حيث التحق منذ نعومة أظافره بصفوف الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال، وهو ما تسبب في نفيه وسجنه في الجزائر وفرنسا مرات عدة، وهو وطني أيضا لأنه كان المحرك الأول لقضية الوحدة الترابية لاسترجاع الصحراء والجزر، ولهذا منع الحزب وعوقب بسبب موقفه من الصحراء المغربية.ظل ذكر علي يعته خالدا لأنه كان رائد الحداثة، إذ منذ نضجه السياسي التحق بالحزب الشيوعي الأممي، قبل أن يقود انقلابا في صفوفه ليؤسس الحزب الشيوعي المغربي. ثانيا، مشروعية هذا الحزب ارتطبت على أساس نضاله التاريخي ورؤيته الثقافية التي تنطلق من الفكر التنويري، عندما يكون فكرا علمانيا وأمميا. استطاع علي يعته أن يعبر لا فقط عن حقيقة وروح الشعب والبلاد، بل عن طموحها في العدالة الحقيقية ممثلة في الاشتراكية وأن تكون للبلاد والشعب مكانة مهابة بين الأمم. كان رحمه الله شجاعا لا يخاف لومة لائم ويصف الأشياء بوصفها الحقيقي كما حدث مع وصفه للحكم بالمغرب، إذ وصفه بالحكم الفردي المطلق، وطالب بالتخلي عن هذه الفردية والتحكم. علي يعته وفكره يكتسيان أهمية كبيرة في تاريخ المغرب، لأنه كان واقعيا وعقلانيا وله آراء تراعي حدود الإمكانيات الاقتصادية والسياسية للبلاد. دعا إلى التعامل مع الواقع بصدق وجد ورفض تزييف الواقع والكذب على الذات والناس. فكر علي يعته كان تاريخيا بالنظر إلى أنه دافع عن طبيعة الدولة المغربية وخصوصيتها. دافع عن المؤسسة الملكية باعتبارها حكما بين الأحزاب والتيارات السياسية، لكنه في نفس الوقت رفض الحكم الفردي المطلق أيام المغفور له الحسن الثاني. رفض أيضا فكرة الحزب الوحيد وهيمنة الأحزاب الوطنية والاشتراكية لإيمانه بالتعددية وضرورة تواجد كافة الأحزاب والتلوينات السياسية. علي يعته كان حازما ضد من ينحرفون عن الفكر الاشتراكي من مناضلي حزبه. وكان كذلك علمانيا ولا يرضى بأن يحشر الإسلام في السياسة، حيث تميز بفكر يمتد بجذوره في تراثنا الثقافي والإسلامي. علي يعته رجل وحدوي وضمن طليعة من أسسوا ما يسمى بالكتلة الوطنية كسبيل لمواجهة القمع وأشكال الانفراد بالحكم. علي يعته حارب كل هذا في وضعية صعبة للغاية. تنهال عليه السهام من كل جانب. آمن بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومنحها الأولوية وخاض نضالا مريرا لصالحها. هناك إجماع على أن تحليلاته قوية ونافذة وواقعية. باختصار علي يعته إنسان كلي يجمع كل شيء في ذاته، ولذلك ترك أثره في عدة مجالات. محمد الكلاوي (أستاذ جامعي) نفتقد اليوم نبل أخلاق وأفكار علي يعته ما يمكن قوله عن المرحوم علي يعته أنه كان رجلا مؤمنا بالمبادئ التي اعتنقها. هو أيضا زعيم سياسي محنك من أوائل من أحبوا هذا البلد حتى قبل أن ينال سنة 1957 الجنسية المغربية. ما زلت أذكر علي يعته من خلال شاشة التلفاز كرجل يتقن اللغة العربية ومعروف بفصاحته ومصداقيته كزعيم سياسي يدافع عن قضية الصحراء المغربية. سياسيا، كان اختيار علي يعته صعبا في مجتمع محافظ تسيطر عليه الخطابات الإيديولوجية الدينية منها بالخصوص، لكنه اختار في نهاية المطاف النظرية الشيوعية. وقد كان القائد الثاني للحزب الشيوعي المغربي الذي تأسس سنة 1944 خلفا لليون سلطان، وظل أمينا عاما للحزب إلى أن توفي في تلك الحادثة المشؤومة. علي يعته يعتبر من المناضلين الحقيقيين الذين دافعوا عن البروليتاريا. كان شديد الدفاع عن الطبقة العاملة ويؤمن بهذه المبادئ رغم أن فكره الاشتراكي لم يفقد الخصوصية المغربية التي تتمثل في تواجده في بلد إسلامي يستحيل معه أن تكون الشيوعية مرادفة للإلحاد. على هذا الأساس بنى فلسفته وأفكاره السياسية وظل يناضل من أجلها إلى وفاته في ذاك الحادث الأليم. كما يظل علي يعته راسخا في عقول المغاربة عبر التلفاز بطريقة تدخله في جلسات البرلمان دون أن يخاف لومة لائم. كان لي شرف معايشة أحد أبنائه ندير يعته الذي كان أستاذا معنا في الكلية. أعتقد أننا نفتقد اليوم نبل أفكار وأخلاق علي يعته في الزعماء السياسيين. عبد الكريم الدرقاوي (مخرج سينمائي) :علي يعته إنسان فريد من نوعه شخصيا.. أدين أنا رفقة أخي مصطفى الدرقاوي ومجموعة من الرفاق الآخرين للمرحوم علي يعته والحزب الشيوعي المغربي بالفضل الكبير. فهما من قاما بإرسالنا ضمن بعثة طلابية لإكمال دراستنا ببولونيا. وعلي يعته دون غيره من الكوادر كان يهتم بنا ويتنقل إلى الديار البولونية من أجل تفقد أحوالنا، قبل أن نعود بعد إتمام دراستنا كل حسب تخصصه إلى أرض الوطن من أجل خدمة مغربنا الحبيب. علي يعته كان رجلا يهتم بالثقافة والشباب دون أن نغفل حبه الكبير لبلده. كان إنسانا فريدا من نوعه ولا يوجد في وقتنا الحالي 3 أو 5 أشخاص مثله. كان عظيما وكفى. المسكيني الصغير (شاعر ومسرحي) :علي يعته شعلة نضالية ورجل نموذجي كنت محظوظا عندما اشتغلت بصحيفة البيان إلى جانب مؤسسها المرحوم علي يعته والذي كان يديرها، كنت أشتغل ضمن أعضاء هيئة التحرير كمحرر للصفحة الدولية وأحيانا لبعض المواد الثقافية والفنية والأدبية. استفدت كثيرا خاصة حينما كان يعقد اجتماعات كل صباح لتهيئة صفحات الجريدة مع مناقشة كافة المحتويات. وكنا نستمع إليه بإمعان وإلى توجيهاته القيمة لإعداد العدد القادم. كانت طريقة توجيهه لنا تدفعك إلى البحث والاعتناء بالمقال. كان إشراف علي يعته على الجريدة إشرافا أبويا. كانت له حنكة وتجربة كبيرة في تسيير الأمور حتى تكون الصحيفة مهيأة للخروج إلى القارئ. وأعتقد أن كل الرفاق الذين جايلوا هذا الرجل استفادوا، إضافة إلى ما كان يكتبه من افتتاحيات لها بعد سياسي وثقافي واجتماعي آنذاك، خصوصا في تلك الأيام التي كانت تتطلب نضالا مستمرا من طرف جميع مكونات الصحيفة. علي يعته رجل له رأي وحضور سياسي متميز في الساحة الوطنية بمواقفه ونضالاته ومتابعته للشأن السياسي بشكل عام. وكان من خلال أسرته الصحفية بحكم اشتغالهم أيضا في حقل الصحافة، شعلة نضالية سواء كبرلماني أو مدير جريدة أو أمين عام حزب. علي يعته رجل نموذجي ويتميز بحركية فريدة سواء داخل البرلمان أو خارجه. محمد الأزهر (مسرحي وأستاذ جامعي): علي يعتة أسس حزبا اشتراكيا يمتح من واقع وثقافة وهوية المغرببعد مرور 20 سنة، لا زال صوت علي يعته وصدحاته في البرلمان حاضرة في مخيلتي وكوامني بتلك اللغة العربية الفصيحة ودقة ملاحظاته وطليعية أفكاره. ليس من السهل تأسيس حزب اشتراكي في دولة ملكية ليبرالية. ليس سهلا أن يستمر هذا الحزب رغم العراقيل والاعتقالات والمداهمات والتعسفات في زمن ما يسمى ب «سنوات الرصاص». هذا الأمر يتطلب حنكة سياسية وصبرا وجلدا وأناة وقوة وعزيمة. وهذه هي طبيعة السي علي يعته، الرجل المناضل الذي واجه الاستعمار بالصياح والقلم والمجابهة مع أقرانه ورفاقه. تعرض علي يعته لكثير من المضايقات في حياته، لكنه امتلك قوة نادرة إلا من أراد الله به خيرا. السي علي يعته كان عالما يتقن اللغة العربية ولا يلحن فيها ويتقن أيضا اللغة الفرنسية بأدق تفاصيلها. علي يعته مناضل رشف رحيق الاشتراكية من الحزب الشيوعي الفرنسي وحاول استنساخ الاشتراكية بمرجعية سياسية مغربية، فأسس حزبا اشتراكيا مغربيا يمتح من الواقع السياسي المغربي والثقافة المغربية والهوية المغربية. لم يبعد الحزب عن مغربيته. وهذه هي المناعة التي جعلت الحزب يستمر رغم المعارضة القوية من المخزن والمعارضين للاشتراكية من البورجوازية المتوحشة التي ظهرت في المغرب في أواخر فترة الاستعمار وبداية الاستقلال. لقد ظل السي علي يعته صامدا بحزبه وأسس مدرسة اشتراكية تخرج الكثيرون منها ممن يحاولون استنساخ هذا الدستور الحزبي الذي تركه علي يعته في أفق أن يظل الحزب حزبا اشتراكيا مغربيا. ولا يمكن أن ننسى أن السي علي يعته كان مثقفا وصحافيا، إذ أنه رغم قلة ضيق اليد والتعسفات والمراقبة القبلية، حاول الإبقاء على جريدة الحزب مستمرة إلى يومنا هذا. كما أنه زرع ثقافة النضال في كافة العاملين بها.