التأم "رفاق الأمس واليوم" ووجوه من مختلف الأطياف، ليلة أول أمس الخميس، بأحد فنادق الدارالبيضاء، لتكريم رجل طبع المشهد السياسي في المغرب سنوات عدة، وأبى مناضلو حزبه في التقدم والاشتراكية إلا أن يصفوه بفقيد الوطن والشعب، ويتخذوا لندوته التكريمية شعار "علي يعته: الوطني المنفتح والسياسي المتبصر". حضور وازن لشخصيات بارزة في حفل التكريم (أيس بريس) مساء أول أمس، غصت القاعة عن آخرها بمناضلين وسياسيين من مختلف المشارب والأجيال الحزبية، إلى جانب مثقفين وفنانين، حضروا تكريم "السي علي" كما يحب مناضلو حزب الكتاب تسميته. أما الذين غالبهم المرض، أو منعتهم ظروف قاهرة من حضور لحظة الوفاء لروح هذا الزعيم، فبلغوا الحاضرين، عبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام للتقدم والاشتراكية، بما يحتفظون به في ذاكرتهم عن "الشخصية الفذة" لعلي يعته، واصفينه ب"المناضل السياسي الكبير، ورمز من رموز الحركة الوطنية". وتوفي علي يعته، سنة 1997، إثر حاثة سير بالدارالبيضاء، وأشرف على صحافة الحزب، وأنتخب أول عضو له بمجلس النواب في الثمانينيات. واعتبر إسماعيل العلوي، رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، علي يعته "مدرسة للأخلاق، والاستقامة، والتضحية، والتفاني لخدمة جميع قضايا الوطن والشعب". وقال "تعرفت عليه في مطلع الستينيات، ورأيت فيه المناضل والقائد السياسي المتبصر والمتواضع، في الوقت نفسه، وسأكون وفيا دائما للقيم والمبادئ التي ناضل من أجلها". من جهته، قال نبيل بنعبد الله إن اللقاء التكريمي يدخل ضمن الاحتفالات بالذكرى السبعين للحزب، لذا "ارتأينا أن يكون هناك نشاط مركزي مرتبط بحياة السي علي يعته، الذي اقترن اسمه باسم الحزب الشيوعي المغربي، وحزب التحرر والاشتراكية، وحزب التقدم والاشتراكية". ووصف بنعبد الله الراحل ب"الرجل العملاق، الذي تشبث حتى النخاع بأفكار الاشتراكية، وناضل من أجل ربط مسألة الاستقلال بمسألة التحرر الديمقراطي، وتحرر الفئات المستضعفة، وناضل كثيرا من أجل أن يضع دائما وحدة الوطن فوق كل اعتبار"، معتبرا أن "علي يعته يشكل نبراسا ورمزا ومدرسة تربينا داخلها، وكان لزاما علينا أن نقوم بهذا النشاط لنؤكد أن حزب التقدم والاشتراكية سيظل وفيا، وسيظل كما أراده هو مجددا". من جهته، تأسف عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لأنه لم تتح له الفرصة للتعرف على المناضل علي يعته، وقال "ربما لو التقينا كنا سنتفاهم بشكل جيد"، وأضاف "ما أثارني في حزبكم، أنكم تتميزون بالجدية، والشجاعة، والاختصار، والتواضع، وكنت أسأل دائما عن السر في ذلك، ووجدت أن السر يكمن في مبادئ علي يعته التي رسخها في الحزب". وأضاف "المغاربة ملي تيشوفو شي ولاد مربيين، يقولون الله يرحم من رباهم، الله يرحم السي علي". أما أحمد عصمان، الوزير الأول ورئيس مجلس النواب الأسبق، فوصف الرجل ب"إحدى الشخصيات البارزة، التي كبرت في هذا الحزب، ويستحق العناية وكل الاحترام، نظرا ما قام به من خدمات لصالح بلاده وحزبه". من جانبه، أثنى المناضل اليساري والمقاوم محمد بن سعيد أيت يدر، على مسار علي يعته، الذي يعد رمزا من رموز الحركة الوطنية، وقال "السي علي ظل دائما يحظى بالاحترام من طرف الجميع، وهو صديق حميم، كانت لدي معه علاقات جيدة، وكنا نعمل سوية في البرلمان، وله دور مهم في التاريخ السياسي". أما الميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، فوصف علي يعته بأنه "رجل وطني من المستوى النادر والرفيع"، مشيرا إلى أنه كان دائما يدافع عن الجماهير الكادحة وعموم المأجورين. وتعاقبت على إبراز المسار السياسي والإعلامي المتميز للراحل شخصيات بارزة، مثل محمد اليازغي، الكاتب الأول الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي، والسفير الفلسطيني السابق بالمغرب أبو مروان، والقيادي في حزب الاستقلال عبد الحق التازي، ورشيدة الطاهري، عضو الديوان السياسي للتقدم والاشتراكية، ومحمد برادة، المدير العام لشركة سبريس، الذي قال إنه تعلم الكثير من علي يعته، وكان له "الفضل في نجاح شركة سبريس ووجودها اليوم". وقبل اختتام حفل التكريم، أهدى الاتحاد المغربي للشغل درعا تذكاريا إلى حزب التقدم والاشتراكية، بمناسبة احتفاله بالذكرى 70 لتأسيسه. وكان مسك ختام اللقاء الاحتفالي بروح علي يعته على لسان نجله فهد، الذي بدا متأثرا وهو يتحدث عن القيم والمبادئ والأخلاق التي نهل منها من مدرسة والده، وأضاف "كان يقول لنا ونحن في المنفى بفرنسا، إن المغرب هو بلدكم، أنتم مغاربة، والمغرب هو أحسن بلد".