يحتضن فضاء متحف القصبة بطنجة، خلال الفترة الممتدة من من 21 إلى 23، الندوة الدولية السنوية، لفرقة البحث في المسرح ودراسات الفرجة والمركز الدولي لدراسات الفرجة، في دورتها السادسة، تحت شعار: "الذاكرة الثقافية والإبداعية المعاصرة: الفرجة الخاصة بالموقع في سياقات عربية إسلامية". وتتميز هذه الدورة، على غرار سابقاتها، بحضور ثلة من الباحثين والمفكرين والمبدعين المختصين في دراسة الفرجة بعامة، وفرجة الموقع بصفة خاصة، وقد قدموا من أكثر من اثني عشرة دولة بمختلف القارات. تتوزع أشغال الندوة في محورين أساسيين: المحور الأول، وهو عبارة عن ثمان جلسات علمية وسبع محاضرات رئيسية، تتناول بالدرس والتحليل، موضوع الفرجة الخاصة بالموقع في سياقات عربية إسلامية، باعتبارها تمزج بين الحدث الفرجوي من جهة، وذاكرة المكان من جهة ثانية، حيث لا يكتمل حضور أحدهما في غياب الآخر. من هنا تتضمن الفرجة الخاصة بالموقع، قضايا متشابكة، وتحيل على تجارب سابقة، لا تزال تشع في الذاكرة الجماعية. بقدر تأثر هذا النوع من الفرجة باللحظة الراهنة، بقدر ما ينفتح على رهانات وآفاق مستقبلية، ولأنه يرتبط بالفضاء أو الموقع، بأبعاده الرمزية، يعمل هذا النوع من الفرجة على استدراج المتلقي ليحوله من متلق سلبي إلى صانع للفرجة، من خلال مسرح لا مرئي. ولعل ذلك هو ما يموضع الفرجة في فضاء بيني: بين الوهم والحقيقة، بين القدسي والدنيوي، بين العام والخاص، بين الفن والحياة. إن التساؤل الجوهري، هو أي موقع تحتله الفرجة الخاصة بالموقع في المجتمعات العربية والإسلامية؟ ما هو الحيز الذي ما زالت تشغله من الفضاءات المفتوحة والآخذة في الانكماش، مع تقلص مساحات التلقي يوما بعد يوم. وبطرح الندوة لموضوع الفرجة الخاصة بالموقع، للدرس والمساءلة لأول مرة في المغرب، قد تكون مفصلية في عنايتها بخصوصيات الفرجة التي تجمع بين الحدث الفرجوي وذاكرة المكان الذي ينطلق منه إلى أن يصبح جزءا منه، إذ لا قيمة للفرجة الخاصة بالموقع بمعزل عن الموقع ذاته. المحور الآخر، يتخذ طابعا ميدانيا، ويتقدم في فرجات ومعارض تحتضنها فضاءات مختلفة، منها ما هو مغلق، كمتحف القصبة، ومنها ما هو مفتوح كساحة المشوار بالقصبة، وحدائق المندوبية ومواقع أخرى بالمدينة القديمة. وهي تشكل في مجموعها مجالا مختبريا خصبا، لمعاينة تجارب وطنية ودولية للفرجة الخاصة بالموقع، وبالإضافة إلى ذلك، تتميز الدورة بحفل توقيع آخر الإصدارات المسرحية، وأيضا تكريم النحاتة المغربية إكرام القباج التي أنجزت بمعية زملائها، متحف الهواء الطلق بمحج محمد السادس، كما وضعت آخر منحوتاتها بطريق ما لا باطا. * برنامج المحور التطبيقي. - يشتمل هذا البرنامج على الفرجة الخاصة بالموقع تحت عنوان " من ذا الذي يخاف الفرجة الخاصة بالموقع؟"، تحت إشراف الأستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي بالرباط بوحسين مسعود، وثلة من شباب مدينة طنجة، بدعم من المسرح الوطني محمد الخامس، وذلك يوم الجمعة 21 ماي، في الساعة الثامنة مساء، بساحة المشور بالقصبة. يصب الهدف من هذا المشروع الفني المختبري، في مساءلة نظريات وتطبيقات الفرجة الخاصة بالموقع، على نحو ينعكس عليها بالذات. وبالتوازي مع المناقشات النظرية، سيتم تقديم عرض للفرجة الخاصة بالموقع، بحيث يسائل ذاته ويعكس اهتماماتنا الجمالية وتساؤلاتنا في السياق العربي الإسلامي، وذلك يوم 21 ماي، بساحة القصبة، باعتبارها مسرحا غير مرئي، بمصاحبة كوريغرافية، مع العلم أن الكوريغرافيا هي رحلة عبر إيقاعات مختلفة من الرقص، وتناغم حركة الجسد بتلقائية مع الفضاء من خلال بحث في ذاكرة الجسد، واستكشاف القناع المحايد للجسد ومسرحته، والرقص بجميع أشكاله. إن الرقص والعمارة مرتبطان ارتباطا وثيقا، فأحدهما يعتمد على فعل التنقل والحركة، والآخر يقوم على تثبيت هيئات المكان من خلال تصاميم سرعان ما تصبح محيطنا، ورغم استغالهما المتباين على المكان، سواء كان ساكنا أو متحركا، فإن كليهما، يركز على تصورنا لمحيطنا، وعلى كيفية تمثلنا للعالم وكيفية تحوله. يضم العرض كذلك تركيب فيديو، يمثل الأعمال الكوريغرافية السابقة. كما يشتمل هذا المهرجان على عرض أفلام قصيرة بساحة المشور وحدائق المندوبية، لفنانين من ألمانيا، وذلك يوم السبت 22 ماي. في هذا العرض، يقوم فريق الجدار شاشة، بجلب الفيلم القصير إلى قلب عدد من المدن الأوربية، مزودا بجهاز عرض ونظام صوتي ومولد كهربائي، يقوم الفريق بعرض أفلام قصيرة على الجدران القائمة في المدن الداخلية، وبعد انتهاء أحد الأفلام، يتنقل الفريق إلى الجدار التالي. وبالنسبة للمتفرجين، فإن الحدث له تأثير مزدوج: أولا، يكتشفون في الأغلب أجزاء من مدينتهم، لم يسبق لهم أبدا أن ذهبوا إليها من قبل، أو لم تعد تدرك بالنسبة إليهم، كما كانت من قبل، نتيجة الرتابة. مع تغير الاحساس، تتم إعادة اكتشاف المدينة، ذلك أنه مع الابتعاد عن أجواء التسوق فقط، ينتقل الناس إلى نظرة أوسع للمدينة، والأثر الجانبي الآخر، يحدث أثناء مشاهدة الفيلم، حيث يمتزج خيال الفيلم مع واقع الشوارع. يفيد مشروع "الجدار هو شاشة" من فترة التوقف ليلا، لحيوية منطقة وسط المدينة. إنها مزيج من جولة برفقة مرشدين حول المدينة وليلة الفيلم. وتتجول مجموعة من المشاركين في وسط المدينة، وتتوقف عند أسوار مضيئة، حيث يتم عرض أفلام قصيرة من أنواع مختلفة، وبعد انتهاء الفيلم، تواصل المجموعة سيرها إلى الجدار والفيلم التالي.