أفادت صحيفة نيويورك تايمز يوم السبت الماضي أن الإدارة الأميركية لمكافحة المخدرات تحولت إلى منظمة استخبارية دولية يصل مدى أنشطتها أبعد بكثير من حدود الاتجار بالمخدرات. وأوردت الصحيفة نقلا عن تسريبات لموقع ويكيليكس أن عمليات إدارة مكافحة المخدرات توسعت بشكل كبير لدرجة اضطرت فيها هذه المنظمة إلى صد سياسيين خارجيين حاولوا الاستعانة بها لمحاربة خصومهم السياسيين. وقد ذكرت برقية مؤرخة في غشت 2009 أن الرئيس البنمي ريكاردو مارتينيلي أرسل رسالة عاجلة عبر الجهاز المتعدد الوسائط بلاكبيري إلى السفيرة الأميركية طالبا منها محاربة إدارة مكافحة المخدرات لخصومه السياسيين. كما أفادت برقية دبلوماسية مؤرخة في مايو 2008 ومرسلة من غينيا في غرب إفريقيا احد اكبر تجار المخدرات في البلاد كان عثمان كونتي ابن الرئيس الغيني آنذاك لانسانا كونتي. وأشار دبلوماسيون في برقية مؤرخة في مارس 2008 ومرسلة من غينيا أيضا إلى استبدال كميات كبيرة من المخدرات بالدقيق قبل مصادرتها من جانب الشرطة التي اكتشفت أمرها. وتم توقيف الضابط في الجيش لانسانا كونتي في شباط/فبراير 2009 بعد شهرين على استلام مجلس عسكري بقيادة الكابتن موسى داديس كامارا السلطة عقب وفاة والده بعد 24 عاما قضاها رئيسا لهذا البلد الإفريقي. وتم إطلاق سراحه بكفالة في يوليو الماضي بعد قضائه 16 شهرا في السجن بتهمة الاتجار بالمخدرات. كما تحدثت برقية أرسلتها السفارة الأميركية في مكسيكو في أكتوبر 2009 عن توجيه قادة عسكريين هناك نداءات خاصة يطالبون فيها بتعاون أوثق مع الإدارة الأميركية لمكافحة المخدرات بسبب عدم ثقتهم بقوات الشرطة المحلية. وفي سيراليون, نقلت صحيفة نيويورك تايمز معلومات مستقاة من برقية دبلوماسية مؤرخة في مارس 2009 ومفادها أن المدعي العام طلب رشاوى بقيمة 5,2 مليون دولار من وكلاء الدفاع في قضية كبرى تورط فيها تجار مخدرات. إلا أن رئيس البلاد ارنست كوروما تدخل لإحباط هذه الصفقة. ونقلت برقيات مرسلة من بورما عن مخبري الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات إشارتهم إلى استخدام قادة المجلس العسكري الحاكم لأموال ناتجة عن الاتجار بالمخدرات وإلى الأنشطة السياسية لمعارضي المجلس الحاكم, بحسب الصحيفة. وأضافت نيويورك تايمز أن المسؤولين الحكوميين الأميركيين رفضوا مناقشة ما قالوا إنها معلومات ما كان يجب الكشف عنها يوما. الرئيس البنمي طلب مساعدة الولاياتالمتحدة للتجسس على معارضيه ذكرت برقية دبلوماسية أميركية نشرها موقع ويكيليكس يوم السبت الماضي أن الرئيس البنمي ريكاردو مارتينيلي طلب مساعدة الولاياتالمتحدة للتجسس على معارضيه وحماية نفسه من اليسار. واعترفت بنما في بيان بأنها طلبت مساعدة الولاياتالمتحدة لكنها دانت «التفسير السيئ للسلطات الأميركية» لأن الأمر كان يتعلق «بمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وجنوح القاصرين». وقال مارتينيلي في رسالة نصية إلى السفيرة الأميركية بربارا ستيفنسن على هاتفها النقال في 2009 «أحتاج إلى مساعدة في عمليات التنصت على الاتصالات», حسب المذكرة التي نشرها ويكيليكس وصحيفتا إلباييس الاسبانية ولابرينسا البنمية. وبعد ذلك نقل الرئيس البنمي رسالة بأسماء الأشخاص الذين يريد التجسس عليهم. وقالت ستيفنسن حسب ويكيليكس «إنه لا يميز بين الأهداف الأمنية المشروعة وأعدائه السياسيين». وأضافت ستيفنسن التي تعمل اليوم في لندن في المذكرة المؤرخة في 22 غشت 2009 أن «ميله إلى المضايقة والابتزاز دفع به إلى عالم التجارة لكن هذا لا يناسب رجل دولة». وتشير سينفسن بذلك إلى رئاسة مارتينيلي لاكبر سلسلة للمتاجر الكبيرة في البلاد. ونقلت المذكرة عن الحكومة البنمية أن عمليات التنصت هدفها حماية الرئيس من أفراد مهددين بحملات الحكومة لمكافحة الفساد ومحاولات زعزعة الاستقرار التي تقوم بها «الحكومات اليسارية في المنطقة». وكتبت السفيرة الأميركية أن «مارتينيلي خاض حملته الانتخابية على أساس أنه موال لأميركا ويرى اليوم أننا مدينون له لأنه يؤمن توازنا مع (الرئيس الفنزويلي) هوغو تشافيز في المنطقة». وأضافت «علينا مواجهة تحدي إقناعه بان الثمانينات ولت في أميركا الوسطى». من جهة أخرى, قال الرئيس البنمي إن لديه كامل الثقة في توسيع قناة بنما ذات الأهمية الإستراتيجية, نافيا ما نسبته السفيرة ستيفنسن في البرقية التي نشرها ويكيليكس من توصيف للمشروع على أنه «كارثي». وقال مارتينيلي «إننا هنا لنظهر دعمنا لكل العمل الذي بذلته حتى يومنا هذا إدارة القناة وجميع أعضاء الفريق العامل فيها. هذا مشروع ستستفيد منه البلاد والعالم باسره». وهذا هو التعليق الرسمي الأول على تسريب ويكيليكس لبرقية دبلوماسية تحدثت فيها السفيرة الأميركية آنذاك لدى بنما عن القلق العميق لنائب الرئيس حيال المشروع. وبحسب البرقية المؤرخة في يناير 2010, فقد قال نائب الرئيس البنمي وزير الخارجية خوان كارلوس فاريلا للسفيرة الأميركية إن «مشروع توسيع القناة كارثة». وأضاف «خلال عامين أو ثلاثة سيتضح جليا أن هذا المشروع فاشل بالكامل», مبديا تخوفه من الاستقرار المالي للمجموعة التي تدير توسيع القناة. وأشارت ستيفنسن أيضا إلى أن مارتينيلي نفسه «كشر» لدى سؤاله عن سير المشروع معبرا عن قلقه حيال تلزيم مشروع التوسيع إلى مجموعة تضم أحد أقرباء مدير القناة. وقد فازت مجموعة دولية بإدارة الشركة الاسبانية ساسير بعقد قيمته ثلاثة مليارات دولار عام 2009 لتوسيع القناة. ويعتبر هذا المشروع الذي فازت بها مجموعة تضم شركات ايطالية وبلجيكية وبنمية, الأكبر بين سلسلة مشاريع تبلغ قيمتها 25,5 مليار دولار لتوسيع القدرة الاستيعابية للقناة. واعتبر توسيع القناة مع إنشاء ممر ثالث بطول 80 كلم بين المحيطين الهادئ والأطلسي أمرا ضروريا كي لا تصبح القناة خارج الخدمة عام 2012. وتعتبر القناة عصب الاقتصاد لهذه الدولة في اميركا الوسطى بعد ان استعادت السيطرة عليها قبل عشر سنوات.