شهدت مكاتب النيابة العامة لدى محاكم عدد من المدن المغربية، خاصة مدينة الدارالبيضاء في الآونة الأخيرة، تقاطر سيل من شكايات ضحايا نوع من التسويق دخل للمغرب تحت مسميات «التسويق الشبكي»أو «التسويق الهرمي» ، وهي يافطات عديدة تحجب نشاطا مبهما وغير واضح سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية. وتعددت أسماء الشركات التي تنشط في هذا النوع من التسويق، كما تعددت عناوين الشعارات والهدف واحد. ومنذ تفجرملف شركات التسويق الهرمي، وتكاثر شكايات الضحايا دخلت السلطاتا لقضائية والبنكية على الخط ما أدى إلى تجميد الحسابات البنكية لبعض الشركات العاملة في المجال، من أجل إجراء تدقيقات وافتحاصات لماليتهاا لتي وصلت إلي عشرات مليارات السنتيمات. هذه الشركات قدمت إلى عملائها وعودا بتحقيق أرباح مغرية، ما يدفع الباحثين عن الكسب السريع إلى الانسياق وراء هذه الدعاية، في غياب أي إطار قانوني يحميهم من مخاطر الوقوع في فخ وحالة من النصب والاحتيال يتوهمون أنه باب للاستغناء والهروب من وضعية الفقر والهشاشة. لكن، ومع الأسف، فهذا الفخ وقع فيه عشرات المآت بل الآلاف من المغاربة قبل أن يستفيقوا من حلمهم على وقع تحقيقات قضائية وتجميد لحسابات بنكية بمليارات السنتيمات بل، واعتقالات تلتها محاكمات. فما هو التسويق الشبكي والتسويق الهرمي؟ وكيف دخل المغرب؟ وماهي «نظرية بونزي» في الاحتيال التي يستند إليها؟. وكيف انتهت أحلام عشرات الآلاف من المغاربة البسطاء من معانقة فردوس الاغتناء السريع إلى دهاليز الشرطة القضائية وردهات المحاكم؟ نظرية "بونزي" في قلب الأزمة العالمية ل2008 تعتبر الأزمة الاقتصادية التي بدأت في منتصف العام 2008 هي الأسوأ من بين الأزمات الاقتصادية منذ الكساد العظيم سنة 1931 للأجيال الأصغر سنا التي اعتادت على أزمات ركود خفيفة لمرحلة جديدة من العولمة. ويعتقد هؤلاء أن بؤس الكساد العظيم هو حتى الآن ليس أكثر من أسطورة قديمة. ومع ذلك فقد حصل انهيار اثنين من صناديق الاحتياط لبير ستيرنز Bear Stearns Hedge Funds في صيف العام 2007، وتعرضهما لبداية ما يعرف بأزمة الرهن العقاري وإعادة تقديم العالم إلى حقبة من إخفاقات البنوك في أزمة ائتمان مفتعلة وتسريح أعداد غفيرة من العمال. ويجري كل هذا في عالم جديد من الاقتصاديات المترابطة فيما بينها بشكل وثيق، حتى أن ويلات ربات البيوت الأمريكية يمكن أن يراها الناس من بكين إلى ريو دي جانيرو لأن الأزمة قد أثرت في كل جزء من العالم تقريبا وانعكس هذا في تغطية واسعة في وسائل الإعلام الدولية لها. ويؤدي تمويل "بونزي" الى هشاشة أكثر للاحتياطي المالي لأن تدفقات الدخل تواجه توقع الوفاء بالالتزامات المالية في كل فترة زمنية بما في ذلك الدين الأصلي والفائدة على القروض. فلتمويل المضاربة يجب على الشركة أن تمرر وتطوي الدين لأن تدفقات الدخل المتوقعة هي لتغطية كلفة الفوائد وليس لدفع الدين الأصلي. وأما تمويل شارل بونزي ، فان تدفقات الدخل المتوقع سوف لن تغطي حتى تكلفة الفائدة وبالتالي فعلى الشركة أن تقترض أكثر أو تبيع أصولها من أجل خدمة ديونها. ويكمن الأمل إما في ارتفاع قيمة الأصول أو زيادة الدخل ما يكفي لسداد الفوائد والدين الأصلي. وتتحرك مستويات الهشاشة المالية جنبا إلى جنب مع دورة الأعمال. وبعد فترة الركود تكون الكثير من الشركات قد فقدت التمويل وتختار مبدأ الحيطة والحذر(الوقاية من الخسارة) لأنه الأكثر أماناً. ومع تطور الاقتصاد والأرباح المتوقعة الارتفاع ، تميل الشركات إلى الاعتقاد بأنها يمكن أن تسمح لنفسها أن تضطلع بتمويل المضاربة. ففي هذه الحالة تعرف أن الأرباح لن تغطي دائماً كل اهتمامها. ومع ذلك تعتقد الشركات بأن الأرباح سترتفع وسوف تتمكن من سداد القروض في نهاية المطاف دون أية متاعب. ويؤدي المزيد من القروض الى زيادة في الاستثمارات والتطور بشكل أكبر. أما المقرضون فيبدأون بالاعتقاد بأنهم سوف يسترجعون كل المال الذي أقرضوه، وبالتالي فهم على استعداد لإقراض الشركات الاستثمارية دون ضمانات في نجاح استثماراتهم. في حين يعرف المقرضون أنه سيكون لهذه الشركات مشاكل في سداد القروض، ومع ذلك فانهم يعتقدون أن هذه الشركات ستعيد التمويل من أماكن أخرى مع ارتفاع الأرباح المتوقعة. هذا هو جوهر تمويل شارل بونزي. وبهذه الطريقة يكون الاقتصاد قد اضطلع بتمويل محفوف بمخاطر أكثر. والآن هو عبارة عن مسألة وقت قبل أن تتخلف كبريات شركات التمويل عن ايفاء الدين. وهنا يفهم المقرضون الخطر الحقيقي في الاقتصاد ووقف منح الائتمان بكل سهولة. * الحلقة 12 * أزمة اقتصادية جديدة ويصبح من المستحيل إعادة التمويل للعديد والمزيد من الشركات الائتمانية. وإذا لم تدخل أموال جديدة الى الاقتصاد للسماح بعملية إعادة التمويل فسوف تبدأ أزمة اقتصادية جديدة. وخلال فترة الركود ستبدأ الشركات بتوخي الحيطة والحذر (الوقاية من الخسارة) ويتم إغلاق الدورة الاقتصادية. إن الأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة من الألفية الثانية هي الأزمة الاقتصادية الجارية. ويقول العديد من الاقتصاديين إنها أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم خلال سنوات 1929-1931. فقد أغلقت العديد من الشركات الهامة أبوابها بسببها وفقد الكثير من الناس أعمالهم. وهذا يعني أن الناس سيفقدون قوتهم الشرائية وهو أمر سيء جدا للاقتصاد الوطني. توجد أسباب كثيرة جعلت الاقتصاديين يفكرون بها، فأغلبهم يعتقدون أن الأزمة بدأت في الولاياتالمتحدة، فمنذ العام 1997 وحتى 2006 اشترى الناس منازل غالية جدا على الرغم من أنه لم يكن لديهم ما يكفي من المال. ولكن لأن الأموال قدمت الى الولاياتالمتحدة من دول أخرى ، لذلك كان من السهل الحصول على ائتمان جيد. وقد استخدم الناس هذا الائتمان للحصول على قروض لشراء منازل غالية الثمن. وهذا ما خلق فقاعة الإسكان التي جعلت أسعار المنازل ترتفع أكثر. ولأن الشركات المقرضة لديها أموال كثيرة جعلت من السهل الحصول على قرض حتى ولو كان المقترض لا يملك تاريخا إئتمانيا جيدا. وتسمى هذه القروض بقروض الرهن العقاري. وخلال هذا الوقت قام كثير من أصحاب المنازل بإعادة تمويل منازلهم، وهذا يعني أن نسبة الفائدة على قروضهم العقارية تم تغييرها. ولذلك فهم حصلوا على فائدة منخفضة. وتمكن أصحاب المنازل بعد إعادة تمويلها من الحصول على قروض عقارية أخرى لإنفاقها على أغراضهم الشخصية. وقامت شركات الاقراض بتغيير قروضهم من فائدة منخفضة في البداية ولكن يمكن زيادتها لاحقا، وهذا ما يسمى بتعديل نسبة التمويل العقاري. لقد قامت الشركات بذلك من أجل اقناع المزيد من الناس بالحصول على قروض. وقد أدى هذا الى أن يأخذ الكثير من الناس الذين لديهم قروض رهن عقاري قروضا عقارية أخرى بنسب معدلة آملين أن أسعار منازلهم الجيدة ستساعدهم على إعادة التمويل في وقت لاحق. وبينما لا تزال اسعار المنازل مرتفعة، استثمرت الكثير من الشركات الأمريكية والأوروبية، بما في ذلك البنوك، أموالها في قروض الرهن العقاري. أعطت هذه الاستثمارات المزيد من الأموال لشركات الاقراض، الذين استخدموه لإعطاء المزيد من القروض العقارية عالية المخاطر. ومن شأن هذه الاستثمارات طرح الكثير من المال طالما كانت أسعار المنازل عالية. ومع ذلك قامت شركات الإسكان ببناء الكثير من المنازل، وهذا ما تسبب في انخفاض أسعار المساكن في بداية صيف العام 2006. وحينما حدث هذا، كان كثير من الناس يدفعون أموالاً أكثر من قيمة منازلهم. وهذا ما يسمى بالأسهم السلبية. يتبع