سبق للملك محمد السادس أن أعلن بكامل الوضوح في خطابي ذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى المسيرة الخضراء للسنة الماضية (2021)، بأن المغرب لن يقبل، من هذا التاريخ فصاعدا، بازدواجية المواقف، وبأن أي شراكة اقتصادية أو سياسية لا يمكن العمل بها ما لم تأخذ بعين الاعتبار المصالح العليا للمغرب ومنها قضية الصحراء المغربية. وقد اعتبر هذا الموقف، بقوته وحزمه، واحدا من أكثر مواقف المغرب وضوحا وصراحة، مما دفع بالعديد من الدول لكي تقطع مع مواقفها السابقة بخصوص قضية الصحراء، وتعلن بناء جديدا وجديا لعلاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية، بما يضمن أولا، الاعتراف بمغربية الصحراء، جوابا على رسائل ملك المغرب، واستحضارا بمبادئ الثقة والاحترام في العلاقات مع المغرب. وانطلاقا من هذا التوجه الحاسم كان لابد من التذكير بأن المغرب ظل على الدوام مدافعا ثابتا عن القضايا العربية العادلة ومنها قضية فلسطين، وقد بذل من أجل ذلك الكثير من الجهود، بل وقدم ارواح أبنائه الذين استشهدوا أثناء تطوعهم في الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948. كما ظل المغرب على الدوام مناصرا للمواقف الفلسطينية، وراعيا لملف القدس التي يترأس ملك المغرب لجنتها منذ تأسيسها سنة 1975، ومحتضنا لبيت مال القدس، منذ إحداثه سنة 1998، كما ما فتئ المغرب ساهرا على توفير المال لهذه المؤسسة. ولم يتردد المغرب، بجرأته وشجاعته، عن مناصرة الفلسطينيين، والمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بكامل سيادتها وبعاصمتها في القدس الشريف،رافضا كل الرفض المساس بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل إنه قام بأغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط عام 2000 إثر اندلاع انتفاضة جديدة حينها في فلسطين. كل هذه الجهود وغيرها، لا يمكنها أن تنسينا غضبة الملك الراحل الحسن الثاني في وجه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات حينما خضع للضغوط الجزائرية، واستقبل زعيم البوليساريو حينها محمد عبد العزيز أثناء انعقاد مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائ. ولا يمكنه أن ينسينا ايضا انزعاج المغرب من استضافة اسبانيا للزعيم الجديد للبوليساريو قصد العلاج، ودخوله لاراضيها باسم مستعار. كما لا يمكنه أن يجعلنا نغض الطرف على الخرجات السيئة والمنحرفة لبعض المسؤولين الفلسطينيبن، في وقت قرر فيه المغرب ان لا يقبل أبدا بدبلوماسية اللعب على الحبلين او التعامل بأكثر من وجه. إن المغرب ظل على الدوام واضحا بخصوص مواقفه من القضية الفلسطينية، ومنها أنه يضعها في صدارة القضايا العربية التي يدافع عنها، رغم أننا لم نسمع يوما بموقف فلسطيني يدعم مغربية الصحراء، ولا بتصريح بخصوص سبتة ومليلية. كل الدعم للقضية الفلسطينية، لكننا نعتبر أنها ليست في مقام قضية وحدتنا الترابية، التي تظل هي القضية الأولى لكل المغاربة. وبناء على هذه التوضيحات فإن الخرجات المشوشة والمدفوعة الأجر لبعض المسؤولين الفلسطينيين، ومنهم السفير الفلسطيني في السينغال، وضبابية بلاغ الخارجية الفلسطينية، لا يمكن اعتبارها الا بمثابة الفرصة الجديدة للمغرب، لكي يوضح مواقفه بجلاء، ومنها أنه عازم كل العزم للدفع بعلاقاته الاقتصادية والسياسية مع دولة إسرائيل في اتجاه كل ما يخدم أمنه ومصالحه وأمن المنطقة ورقي شعوبها ورخائها. ومنها أيضا أنه من أجل قضيتنا الوطنية الاولى، التي هي الصحراء، مستعدون للذهاب الى أبعد من هذه الحدود، مع الاستمرار دائما في الدفاع عن القضايا العربية العادلة، ومنها قضية فلسطين. ولعل الحقيقة التي يجب ان يعرفها الجميع، هي أننا لسنا بفلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، ولكننا مناصرون للقضية الفلسطينية في كل ما يمكن أن يخدم سلم وأمن الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء ..وتلك هي الحقيقة.