لم يخجل ولم يرعوي محمد عبادي، أمين عام جماعة العدل والإحسان، عندما انبرى مقسما المغاربة إلى قوى للشر وأخرى بيدها كل الخير، في "قسمة ضيزى" تذكرنا بقسمة زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن عندما جزأ العالم إلى فسطاطين أحدهما للخير ويقابله فسطاط للشر. ولم يتعظ محمد عبادي وهو يرمي بالرذيلة الأخلاقية في ملعب "قوى الشر المغربية"، متحدثا عن تكاثر الانتحار وشيوع الدعارة في المجالس، منزها حديقته الخلفية التي تعج باللواط والبغاء في بيوت الأمناء والمرشدين وليس فقط الأتباع والمريدين. بل إن أمين عام الجماعة تدثر بالنميمة والإفك وصار يردد وينشر مزاعم الدعارة التي تلوكها الألسن في المجالس، ناسيا بأن الدين الإسلامي نهى عن الغيبة والنميمة وحدد شروطا صارمة لإثبات البينة على الزنا. وإذا كان المغاربة يقبلون بتنظيمات متعددة تلتحف رداء الدين من منظور قبول الاختلاف، واحترام الأقليات، أو حتى من منطلق الإعراض عن الجاهلين، فإن محمد عبادي على النقيض من ذلك، يقسم المغاربة إلى فريقين يسم أحدهما بالخير ويزدري الثاني بالشر، في إنكار لحقوق وحريات أساسية مثل الحق في الاختيار، وحرية الاختلاف، والحق في الرأي والتعبير ..الخ. أكثر من ذلك، تجاسر أمين عام الجماعة كثيرا عندما عمم حكم "الوعظ البارد المدجن المراقب" على جميع فقهاء ومنابر المملكة، وكأنه الماسك الوحيد بناصية الدين، وأن جميع فقهاء المملكة وعلمائها مرتدون ومن الخوارج عن الجماعة! فهل تملك جماعة العدل والإحسان قبسا من الدين يسمح لها بنزع الإمامة من باقي فقهاء الأمة؟ وهل من يحتكر الدين واسم الله يمكنه أن يحقق العدل المنشود؟ ولم يقتصر محمد عبادي على الخوض في غيبيات المغاربة وشؤون دينهم، بل تجاوز تلابيب جلبابه وقياس أكمامه وشرع يتحدث عن واقع التعليم بالمغرب! ناسيا أو متناسيا بأن أوّل من اصطف رافضا إصلاح منظومة التعليم هم فلول العدل والإحسان في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. فبمثل محمد عبادي ومحمد المتوكل وفتح الله أرسلان وحسن بناجح.. تبشرنا جماعة العدل والإحسان بأنها ستحقق التنمية المأمولة ببلادنا! فأصحاب "الحسينيات" المتحالفين مع أحمد الحريف وخديجة الرياضي هم الذين سيحققون الديموقراطية والرخاء للمغاربة! وهم الذين سيقطعون مع كلام الدعارة في المجالس، وهم من سيصلحون التعليم وقطاع الصحة! فالذي سبق واعتبر جائحة كورونا هي جند من جنود الله، هو الذي سيضمن اليوم الأمن الصحي للمغاربة! فهل سيرمي المصابين منهم في الأجداث والقبور؟ بدعوى أنهم أصيبوا جزاءا بما اقترفت أيديهم من موحشات وذنوب. إنه منطق محمد عبادي وشركائه في الرهط والعثرة والجماعة. فهم يزدرون نصف المجتمع بدعوى أنه يمثل "قوى الشر الداخلية"، ويحرمون التعامل مع الغرب بدعوى أنه يمثل "قوى الشر الخارجية"! فكيف سيحققون إذن التنمية المستدامة بالمغرب؟ فهل بمنع التعامل مع الخارج وانتهاج سياسة احتراز جديدة؟ أم بوأد أبناء وبنات نصف المجتمع الآخر المختلف عن الجماعة؟ أم أنهم سيطلقون محاكم تفتيش جديدة، في صيغة محينة وراهنة، تروم تهجير المغاربة الذين لا يرضى عنهم محمد عبادي وحوارييه من دهاقنة العدل والإحسان.