شهد المغرب مؤخرا تزايدا ملحوظا على مستوى تزوير الوثائق المتعلقة بفيروس كورونا، حيث تم توقيف مئات الأشخاص بتهم تزوير جوازات التلقيح والكشف عن الفيروس بالعديد من المدن المغربية. وبهذا الخصوص، قامت رئاسة النيابة العامة، يوم الجمعة الماضي بدعوة المسؤولين القضائيين إلى التصدي لهذه الممارسات التي تشكل جرائم تستلزم العقاب بموجب القانون، حيث من شأنها الحد من فعالية السياسات العمومية الخاصة بمحاربة تفشي فيروس كورونا، لا سيما ما يتعلق بالجهود المبذولة لتوسيع نطاق الفئات المستفيدة من اللقاح والحد من التنقلات المخالفة للضوابط المعمول بها. هذا الأمر دفع أيضا بوزارة الداخلية يوم الثلاثاء الماضي، إلى عقد اجتماع رفيع المستوى، حيث تقرر تعزيز عمليات مراقبة الوثائق، والمتابعة القضائية لكل شخص يحمل وثيقة صحية مزورة أو متورط في تزويرها، فما هي إذن التداعيات القانونية لتزوير الوثائق المتعلقة بفيروس كوورنا بالمغرب ؟. عقوبات تزوير الأوراق في القانون الجنائي المغربي قالت الأستاذة خديجة حسيمي المحامية بهيئة المحامين بالرباط، إن جريمة التزوير هي جريمة عاقب عليها المشرع ضمن مجموعة القانون الجنائي المغربي، من خلال الفصول (من 351 إلى 356)، حيث عرف المشرع المغربي تزوير الأوراق أنه "هو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون". وقد عاقب القانون الجنائي على هذه الأفعال، بعقويات سجنية تترواح من عشر إلى عشرين سنة فضلا عن غرامات مالية قد تصل إلى 200 ألف درهم في حالة تزوير الأوراق من قبل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل، قام إما بوضع توقيعات مزورة، أو تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع، أو وضع أشخاص وهميين أو استبدال أشخاص بآخرين، أو كتابة إضافية أو مقحمة في السجلات أو المحررات العمومية، بعد تمام تحريرها أو اختتامها. كما عاقب القانون بنفس العقوبة كل قاض أو موظف عمومي أو موثق أو عدل ارتكب، بسوء نية، أثناء تحريره ورقة متعلقة بوظيفته، تغييرا في جوهرها أو في ظروف تحريرها، وذلك إما بكتابة اتفاقات تخالف ما رسمه أو أملاه الأطراف المعنيون، وإما بإثبات صحة وقائع يعلم أنها غير صحيحة، وإما بإثبات وقائع على أنها اعترف بها لديه، أو حدثت أمامه بالرغم من عدم حصول ذلك، وإما بحذف أو تغيير عمدي في التصريحات التي يتلقاها. وبالإضافة إلى ذلك، عاقب المشرع بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم كل شخص ليس طرفا في المحرر، أدلى أمام العدل بتصريحات يعلم أنها مخالفة للحقيقة، كما رتب عن استعمال الورقة المزورة السجن من خمس إلى عشر سنوات، في الأحوال المشار إليها في القانون مع علمه بتزويرها. حسيمي: تزوير وثائق كورونا يختلف عن باقي أنواع التزوير وفي هذا السياق، ترى حسيمي في تصريح لموقع "برلمان.كوم"، أن تزوير الوثائق المتعلقة بفيروس كورونا، خصوصا تزوير جواز التلقيح وشواهد الكشف عن الفيروس PCR يختلف عن باقي أنواع التزوير، حيث تعتبر جريمة حديثة برزت مع مرض كوفيد-19، وما أسفر عنه من تغييرات في الحياة اليومية، فمن الطبيعي أن تصدر هذه الانحرافات في سلوك المواطنين، تردف المتحدثة. وأوضحت حسيمي، أن المشرع ميز بين ثلاث مستويات من تزوير الشواهد، فالمستوى الأولى يهم صنع الإقرارات والشواهد يكون مبنيا على وقائع غير صحيحة، أما المستوى الثاني فيتعلق بتزوير أو تعديل الشواهد، بينما المستوى الثالث يهم استعمال هذه الشواهد المزورة. ومن جانب آخر، أشارت المتحدثة إلى أن المشرع كان واضحا في تجريم انتحال الصفة ضمن الفصل 381 من القانون الجنائي، خاصة فيما يتعلق بانتحال صفة مزاولة مهنة الطب، بحيث نص على عقوبتها في القانون 131-13 والذي نص ضمن المادة 44 منه "يجب على كل طبيب أن يحرر التقارير والوصفات والشهادات الطبية وكل الوثائق الطبية الأخرى المفروضة أو المأذون بها بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بناء على نتائج الفحوصات السريرية أو الوظيفية التي قام بها والأعمال الطبية والتحليلات البيولوجية الطبية والفحوص الطبية بالأشعة أو بالتصوير التي أذن بها إن اقتضى الأمر". وأضافت المادة ذاتها "يجب أن تحرر هذه الوثائق بخط مقروء وأن تحمل اسم الطبيب المعني وصفته وعنوانه المهني ورقم هاتفه وتوقيعه بخط يده وختمه وتاريخ الإعداد". ومنه حسب المحامية بهيئة المحامين بالرباط، فإن هذه الشواهد الطبية لا يمكن أن تكون منجزة وفقا للقوانين إلا بتوفر الشروط المذكورة أعلاه، وفي حالة ادعاء التزوير أو التعديل فيها يمكن أن تخضع للخبرة الطبية أو الكتابية أو لجميع وسائل الفحص والتحقق من حقيقة الوثيقة. حصيلة التصدي لجرائم تزوير الوثائق الصحية المتعلقة بكورونا في المغرب وفي إطار سياسة الدولة المغربية الرامية إلى حماية الصحة العمومية، تضيف حسيمي، أن القطاع الطبي يساهم في ترقية وتربية الصحة العامة، لذلك فإن جميع المؤسسات التي لها ارتباط بالقطاع الصحي يجب أن تكون حريصة على ممارسة القواعد الطبية بأخلاقياتها وممارستها المعهودة في احترام للقواعد القانونية، تحت طائلة ترتيب الجزاء القانوني المتمثل في العقوبات السجنية والغرامات المالية. والجدير بالذكر، أن العمليات الأمنية الرامية للتصدي لجرائم التزوير في الوثائق الصحية، بما فيها اختبارات الفحص عن عدوى كوفيد-19وجوازات التلقيح، أسفرت عن ضبط 222 شخصا في حالة تلبس بتزوير هذه الوثائق أو استعمالها، وذلك طيلة فترة الطوارئ الصحية. وأفادت الإحصائيات المسجلة، أن الأشخاص الموقوفين تم ضبطهم في إطار الأبحاث والتحريات التي باشرتها مصالح الأمن الوطني في 999 قضية زجرية، من بينها 921 قضية تتعلق بالتزوير في اختبارات الفحص عن كورونا، وقضيتان تتعلقان بالتزوير في جوازات التلقيح، حيث تم فتح بحث قضائي في حقهم تحت إشراف النيابة العامة المختصة قبل الامتثال للمحاكمة.