قال محمد عبد النبوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن موضوع قانون محاربة العنف ضد النساء يكتسي أهمية بالغة ويعتبر محط اهتمام الفعاليات الوطنية والدولية المعنية باحترام حقوق الإنسان. وأضاف عبد النبوي خلال حضوره ورشة عمل حول “قانون محاربة العنف ضد النساء في المغرب بين الواقع والآفاق” المنظمة يومي 1 و2 أكتوبر 2019 بمدينة الرباط، أن هذا الموضوع يندرج في إطار مواصلة بلورة وتنفيذ التوجهات الملكية السامية من أجل إرساء ودعم دولة الحق والقانون القائمة على مبادئ العدل والإنصاف والمساواة والحكامة الجيدة. وفي إطار تنزيل أحكام الدستور والقانون الوطني والاحترام التام للمواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان، ولاسيما المتعلقة بحماية المرأة من مختلف أشكال العنف. ووجه عبد النبوي شكرا خاصا لمفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان على التعاون مع رئاسة النيابة العامة في مساعيها الرامية إلى تعزيز قدرات القضاة، وكذا التنسيق مع مختلف المتدخلين في عملية التكفل بالنساء، وصيانة كرامتهن وتوفير مناخ آمن لهن داخل المجتمع. وأضاف رئيس النيابة العامة أن المملكة المغربية أحرزت تقدما كبيرا في مجال النهوض بحقوق الإنسان بصفة عامة، والحفاظ على حقوق المرأة على وجه الخصوص، من خلال المصادقة على المواثيق الدولية المتعلقة بالموضوع، ورفع المملكة لتحفظاتها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. بالإضافة إلى الموافقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، أن المغرب يبذل مجهودات متواصلة لملاءمة التشريع الوطني مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان عموما، وجاءت المقتضيات الدستورية صريحة بالتزام المغرب بسمو الاتفاقيات الدولية والتأكيد على حظر مختلف أشكال التمييز ضد النساء والتنصيص على المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وبالنص على إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. وأشار عبد النبوي إلى أن المكتسبات التشريعية لفائدة المرأة تعززت بالمصادقة على القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي تطرحه أشغال هذه الورشة للنقاش، من أجل تسليط الضوء على مستجداته من جهة، ومن أجل تقييم تطبيق هذه المستجدات بعد مرور سنة على دخول ذلك القانون حيز النفاذ من جهة أخرى. كما تستهدف الورشة مناقشة الإشكاليات التي طرحها تنفيذ القانون، والبحث عن أنجع السبل لتدبيرها، بقصد توفير الحماية القانونية والاجتماعية المطلوبة للنساء ضحايا العنف. مع تسليط الضوء على مدى فعالية ونجاعة آليات التنسيق المحلية والجهوية ذات الصلة التي ترأسها النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف. وتابع المتحدث أن هذه الورشة تنعقد غداة تنصيب أعضاء اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء كآلية وطنية ينتظر منها إعطاء دفعة أقوى للتنسيق الوطني حول قضايا العنف ضد المرأة وحول حماية ضحايا العنف. وهو ما يؤكد حرص رئاسة النيابة العامة على توفير كل الظروف لنجاعة التعاون بين سلطات الدولة، التي يعتبر القضاء واحدة منها. ولذلك، فإن السياسة الجنائية تضع محاربة العنف ضد النساء في مقدمة أولوياتها، وتولي ذلك كل العناية، وكامل الحرص. وأضاف عبد النبوي، أنه قبل دخول القانون حيز التطبيق، سارع إلى اتخاذ التدابير المناسبة لحسن تطبيقه. وفي مقدمتها منشور رئاسة النيابة العامة الذي يحث السادة الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية على تفعيل مقتضيات هذا القانون والتصدي للأفعال التي يجرمها بكل صرامة. بالإضافة إلى دعوتهم إلى تنظيم لقاءات دراسية حول مقتضيات القانون من أجل مواكبة وتتبع تنفيذه، ومن أجل دعم القدرات الفكرية والمهنية للقضاة، لضمان تنزيل مقتضياته التنزيل السليم. وأكد رئيس النيابة العامة على أن انتظارات المجتمع في هذا المجال كبيرة، وإننا عاقدون العزم على بذل مزيد من الجهد من أجل تأطير عمل النيابة العامة من خلال توفير أحسن الخبرات والتجارب الوطنية والدولية، كما أن آذاننا صاغية لاقتراحات كافة شركائنا في المجال من أجل ضمان التفعيل الأمثل للقانون. وختم عبد النبوي مداخلته بدعوته للحاضرين إلى طرح كل الإشكاليات القانونية التي أفرزتها سنة من العمل بهذا القانون والتفاعل بشأنها، والتوافق على الحلول المثلى لها وإلى تقاسمهم الخلاصات مع زملائهم وشركائهم لتعم الفائدة على الجميع.