في وقت تستمر انتقادات النساء لعدم فعالية القوانين التي تسنّها الحكومة للقضاء على العنف ضد النساء في المغرب، قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن الأخيرة حريصة على توفير كل الظروف للقضاء على العنف ضد النساء. وأكد عبد النباوي، في ورشة عمل حول قانون محاربة العنف ضد النساء في المغرب، نظمتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئاسة النيابة العامة، أن رئاسة النيابة العامة وضعت السياسة الجنائية المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء ضمن أولوياتها. وأشار المتحدث ذاته إلى أن رئاسة النيابة العامة سارعت، منذ نشر قانون محاربة العنف ضد النساء، إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحسن تطبيقه، إذ بادرت إلى توجيه منشور يحث الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية على تفعيل مقتضياته، والتصدي لكل الأفعال التي يجرّمها بصرامة. ويتواصل العمل الذي تقوم به رئاسة النيابة العامة من أجل حث الوكلاء العامين ووكلاء الملك، لدى محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، عبر دعوتهم إلى تنظيم لقاءات دراسية حول مقتضيات القانون من أجل مواكبة وتتبع تنفيذه، ومن أجل دعم القدرات الفكرية والمهنية للقضاة، لضمان تنزيل مقتضياته تنزيلا سليما. واعتبر عبد النباوي أن موضوع محاربة العنف ضد النساء يكتسي أهمية بالغة، ويحظى باهتمام الفعاليات الوطنية والدولية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الورشة التي تحتضنها الرباط تندرج في إطار مواصلة بلورة التوجهات الملكية من أجل إرساء دعائم دولة الحق والقانون القائمة على العدل والمساواة، وفي إطار تنفيذ الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، لاسيما المتعلقة بحماية النساء من كل أشكال العنف. واستطرد رئيس النيابة العامة بأن المغرب "أحرز تقدما كبيرا في مجال النهوض بحقوق الإنسان والحفاظ على حقوق المرأة على وجه الخصوص"، مستعرضا عددا من المواثيق الدولية والبروتوكلات الاختيارية ذات الموضوع التي صادق عليها المغرب، وكذا رفع المملكة لتحفظاتها عن جميع أشكال التمييز ضد المرأة. من جهته قال منير بنصالح، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن موضوع مناهضة العنف ضد النساء يكتسي أهمية خاصة، آملا أن يسهم طرحه للنقاش في تعزيز حماية النساء ومنع العنف ضدهن، "رغم أن القانون وحده لا يكفي لتحقيق الهدف". وأشار بنصالح إلى أن المغرب حقق تقدما من حيث الترسانة القانونية وتحديد السياسات المتعلقة بحماية النساء من العنف، وإقرار المساواة بين الجنسين، مشيرا إلى أن قانون محاربة العنف ضد النساء الذي وضعه البلد مؤخرا عزز البعد الحمائي والوقائي. ورغم أهمية القانون في محاصرة ظاهرة العنف ضد النساء فإن الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان دعا إلى "عدم محاصرة محاربة هذا الفعل في النصوص، بل تطبيقها على أرض الواقع، لتكون حامية للنساء، ومراعاة الحاجيات الواقعية للمجتمع، وتأهيل منظومة التربية والتكوين لتكون قادرة على التربية على المساواة، وتحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في سوق الشغل". وأشار بنصالح إلى إن أكثر من خمسين في المائة من النساء في المغرب يتعرضن لشكل من أشكال العنف، حسب ما تؤكده الأرقام الرسمية، معتبرا أن هذه النسبة "مرتفعة وتسائلنا جميعا وتحث على التفكير في الحلول الناجعة لتحقيق التنمية التي لا يمكن تحقيقها بدون مشاركة فعالة للمرأة"، مضيفا: "كيف يمكن الحديث عن مشاركة النساء وهناك تمييز ضدهن في القانون وفي الممارسة بشكل أكبر". في السياق ذاته، قال فيليب بوينزوت، ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق بدون مشاركة المرأة، وفي ظل استمرار العنف والتمييز ضدها، مبرزا أن المفوضية تبذل جهودا، بتعاون مع شركائها في المغرب، من أجل محاربة العنف ضد النساء وتحقيق المساواة. ونبه المتحدث ذاته إلى أن مشاركة المرأة "ليست موضة أو مسألة شكلية، بل هي لبنة أساسية من أجل تطوير المجتمع وتحقيق التنمية"، وزاد: "مشاركة النساء وتحقيق المساواة بينهن وبين الرجال مسألة ضرورية".