دعا منير بنصالح الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى التفكير الجماعي في الحلول الناجعة والكفيلة بالقضاء على ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات، وتمكينهن من أجل تحقيق التنمية. وقال منير بنصالح في كلمة له خلال ورشة العمل التي أطلقها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشراكة مع مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، ورئاسة النيابة العامة، أمس الثلاثاء بالرباط، حول موضوع “قانون محاربة العنف ضد النساء في المغرب: تعزيز الحماية والمنع في القانون” (قال) “إن أكثر من 50% من نساء المغرب حسب تقارير رسمية، تعرضن في فترة في فترات حياتهن لشكل من أشكال العنف أو التعنيف، وهي للأسف نسبة مرتفعة تساءلنا جميعا، وتدفعنا إلى التفكير في الحلول الناجعة والكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة وتمكين النساء والفتيات من أجل تحقيق التنمية”، مشيرا إلى أنه من غير الممكن الحديث عن التنمية دون مشاركة فعلية وفعالة للمرأة، ودون القطع مع كل مظاهر التميز في القانون وفي الممارسة. وأضاف الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال الجلسة الافتتاحية التي عرفت حضور رئيس النيابة العامة في المغرب، محمد عبد النبوي، ومنسق الأممالمتحدة المقيم، فيليببوانسو، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة وطنية يشتغل وفق مقاربة ثلاثية الأبعاد وهي الوقاية والحماية والنهوض، وأن التوصيات التي صمنها المجلس لرأيه الاستشاري، الذي أنجزه بناء على طلب من رئيس مجلس النواب حول مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، تضمنت بالخصوص اعتبر العنف القائم على أساس الجنس شكلا من أشكال التمييز، وإعمال مفهوم العناية الواجبة كمفهوم يشمل مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف والتحقيق في مختلف حالاته وزجر هذه الحالات وجبر أضرار ضحايا العنف، كما تهم تلك التوصيات انسجام الإطار القانوني والسياسات العمومية المتعلقة بمكافحة العنف ضد النساء بالإضافة إلى تيسير سبل الانتصاف القضائية وغير القضائية للنساء ضحايا العنف. وبحسب منير بنصالح، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان جعل المجلس موضوع المساواة ومناهضة التمييز المبني على النوع الاجتماعي ضمن أولوياته حيث أنجز المجلس دراسة حول التجارب الدولية لمأسسة مكافحة التمييز في أفق إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، وأصدر سنة 2015، تقريره الموضوعاتي حول “وضعية المساواة وحقوق الإنسان بالمغرب: صون وإعمال غايات وأهداف الدستور” قدم من خلاله آنذاك، تحليلا لواقع حقوق المرأة والمساواة بالمغرب، خاصة بعد مرور عشر سنوات على إصلاح مدونة الأسرة وأربع سنوات على اعتماد دستور 2011 ومرور 20 سنة على إعلان بيجين. وبما أن الزواج المبكر والقسري يمثل أحد أشكال العنف ضد المرأة، ذكر المتحدث أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أطلق حملة تحسيسية لإلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة بما يمكن من إلغاء زواج القاصرات لما يشكله من انتهاك صريح وواضح لحقوق الإنسان يتنافى ومبادئ المساواة والإنصاف وعدم التمييز التي تحث عليها جملة من الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق المرأة والطفل. وفي نظر منير بنصالح، فإن القضاء على العنف ضد المرأة يحتاج إلى تفعيل المبادئ القانونية والأخلاقية القائمة على التسامح ونبذ العنف والعمل بشكل أكبر من أجل ضمان انسجام التشريع الوطني مع المعايير الدولية المعتمدة، مشيرا إلى أن مراجعة القوانين على أهميتها، تبقى نتائجها رهينة بمدى الاستعداد الجماعي من أجل العمل على تغيير المعطيات الاجتماعية والثقافية، وبالقدرة على النضال لمأسسة المساواة، مؤكدا على أن التمكين القانوني للنساء حتى يتمتعن بحقوقهن كاملة يبقى تحديا يعرقل جهود مكافحة العنف ضد المرأة،يتعين على الجميع المساهمة في التغلب عليه. يشار إلى أن الهدف من تنظيم هذه الورشة، حسب المنظمين، هو تعزيز الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف من خلال التطبيق السليم والفعلي لقانون محاربة العنف ضد النساء في المغرب وتعزيز إجراءات منع حدوث العنف الموجه ضد النساء في الفضاءين العام والخاص وكذا التعرف على المعايير الدولية المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء ومناقشة قانون محاربة العنف ضد النساء رقم 103.13ومدى مواءمته مع المعايير الدولية. ويتضمن برنامج هذه الورشة التي تنظم على مدى يومين مجموعة من الجلسات التي ستتمحور أشغالها حول “التعريف بالتزامات المغرب اتجاه الأطر الدولية”، و”التعريف بالمعايير الدولية للتشريعات المعنية بالعنف ضد المرأة على المستوى الوطني”، بالإضافة إلى “عرض بعض الأمثلة عن الممارسات الفضلى والدروس المستفادة من المنطقة وخارجها”، “عرض القانون رقم 103.13″، على أن يتم “تقديم توصيات لتعزيز الحماية القانونية للنساء المعنفات” و”مناقشة ورقة توصيات للمدى القصير وتوصيات بتعديلات تشريعية للمدى الطويل” خلال الجلسة الختامية العامة. وتميزت الورشة بحضور ممثّلين عن الجهات المكلّفة بإنفاذ القانون والمنظومة القضائية من مختلف مكونات الجسم القضائي، إضافة إلى ممثّلين عن المنظمات الحقوقية العاملة في مجال حماية حقوق الإنسان عموما وحقوق المرأة خصوصا، وممثلين عن مختلف المتدخلين في مجال محاربة العنف خاصة مصالح الأمن الوطني، الدرك الملكي، قطاع الصحة، ووزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، وممثلين عن قطاعات غير حكومية.