أصدرت وكالة بيت مال القدس الشريف، مؤخرا، تقريرا يرصد جهود الملك محمد السادس، على رأس لجنة القدس خلال العشرين سنة الأخيرة، مشيرة إلى أن هذه المرحلة تميزت على الخصوص بمنهجية عمل جديدة، على المستوى الدبلوماسي والعمل الاجتماعي الميداني، بإعطاء جلالته دفعة قوية لمشاريع وكالة بيت مال القدس الشريف، قصد حماية المدينة المقدسة ودعم صمود أهلها وصيانة تراثها الحضاري والديني. وقدم التقرير، الذي يقع في 131 صفحة، نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، لمحة حول ظروف تأسيس لجنة القدس كآلية لتنسيق العمل الإسلامي المشترك لحماية المدينة والحفاظ على طابعها الحضاري، والتي أسندت رئاستها للملك الحسن الثاني، خلال مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية العاشر المنعقد بفاس في سنة 1979. وأشاد التقرير بالدور المحوري الذي لعبه الملك الحسن الثاني ويضطلع به الملك محمد السادس، من خلال مواقفهما الثابتة، في التعريف بقضية القدس الشريف ومكانتها الرمزية والتاريخية لدى الشعوب العربية والإسلامية على أوسع نطاق، مشيرا على الخصوص إلى المبادرات والحضور الوازن للمملكة المغربية في دعم فلسطين في العديد من المحطات التي تعرضت فيها لتهديدات حقيقية. واهتم التقرير بعدد من المواقف التي عبر عنها الملك محمد السادس في رسائل موجهة إلى الملتقيات والمؤتمرات الدولية، مؤكدا من خلالها على الارتباط الوثيق للمغاربة بالقضية الفلسطينية ومساندتهم المطلقة للشعب الفلسطيني إلى غاية استرجاع كل حقوقه المغتصبة. ويفصل التقرير في دورات لجنة القدس المنعقدة بالمملكة المغربية، وهي كل من الدورة الثامنة عشرة المنعقدة بأكادير في غشت 2000، والدورة التاسعة عشرة المعقدة في مراكش في يناير 2002، ثم الدورة العشرين التي احتضنتها مراكش في يناير 2014، مبرزا التطورات والسياق السياسي الذي ميز كل دورة، وأهم محاور النقاش والتوصيات التي تم التوصل إليها. وأبرز الإصدار الدور الذي قدمته هذه المحطات في رفع التنسيق وحشد الدعم وتجنيد جميع الطاقات والإمكانيات المتاحة للدفاع عن فلسطين وتخليصها من الاحتلال الغاشم، ومن ثم الخروج بموقف عربي إسلامي موحد يؤكد أن القدس الشريف هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، إلى جانب مواصلة الضغط على المنتظم الدولي لتحمل مسؤولياته الكاملة في المآلات التي ستعرفها هذه القضية المشروعة. كما تم تسليط الضوء على أهم المشاريع والمنجزات التي عملت المؤسسة، وفقا للتعلميات الملكية، على تنفيذها لدعم صمود المقدسيين وإحداث برامج تنموية واستثمارية لفائدتهم، وعلى رأسها بناء المدارس وتجهيز المستشفيات وتوفير الخدمات الصحية، فضلا عن مكافحة الإقصاء والفقر ودعم قدرات الشباب وتشجيع النشاط الاقتصادي. كما تميز التقرير بعرض معطيات تفصيلية حول أهم البرامج المنفذة في القدس وتوزيعها حسب القطاعات من سنة 2000 إلى سنة 2018، وتطور التبرعات لتمويل المشاريع من 1998 إلى غاية 2018. ويلامس الإصدار الأهمية التي يمثلها الجانب الثقافي في عمل وكالة بيت مال القدس، من خلال إقامة المركز الثقافي المغربي "بيت المغرب" بالقدس، وتمويل عدد من المشاريع ذات الطابع التعليمي والتثقيفي، بالإضافة إلى تكريس حضور إعلامي مكثف عبر إصدار دورية "صدى لجنة القدس" ودراسات علمية متنوعة بهدف الحفاظ على رصيد هام من الذاكرة الفلسطينية. وتم تخصيص حيز لنداء القدس الذي وقعه الملك محمد السادس وقداسة الباب فرانسيس خلال زيارته الأخيرة للمملكة المغربية، باعتباره واحدا من أهم الوثائق المرجعية التي تكرس مكانة المدينة كأرض للتعايش والسلام بين أتباع الديانات التوحيدية. وخلص التقرير إلى تقديم قرارات مؤتمرات القمم الإسلامية بشأن لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس الشريف، والتي أجمعت على التنويه بالدور الريادي الذي ما فتئ الملك محمد السادس يبذله لنصرة القضية الفلسطينية العادلة، والتي أعلنت أيضا استعداد قادة الدول لتقديم الدعم المادي اللازم لوكالة بيت مال القدس الشريف لتمويل مشاريعها.