شفشاون أو “الشاون” كما يسميها سكانها، مدينة التحفت زرقة السماء واتخذت من شوارعها وطرقاتها وأزقتها الضيقة ومنازلها ذات الطابع المعماري البسيط والراقي لوحات تصور فيها جنة بألوان السكينة والطمأنينة؛ لأنها وبكل بساطة مدينة ولدت من رحم السماء، وتتميز بطبيعتها الجبلية الوعرة ووديانها المنخفضة ومنزلقاتها الحادة. هذه المدينة الواقعة في شمال المغرب والمتموقعة في قلب سلسلة جبال الريف والتي لا يتعدى سكانها 42,786 نسمة وفقاً لآخر إحصائية في عام 2014م، لا يمكن لزائرها إلا أن يقع في حبها للوهلة الأولى ولو عن طريق تصفح صورها التي تعكس كل مناحي الحياة المشرقة والإيجابية بغض النظر عن أشياء أخرى، وذلك لما تزخر به من معالم تاريخية، وأحياء عتيقة، وطبيعة غنية. وتأسست شفشاون الملقبة باللؤلؤة الزرقاء سنة 1471 ميلادية، أي أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، على يد الشريف مولاي علي ابن راشد، في عهد الدولة الإسلامية للوطاسيين في المغرب، وأسست لتكون حصنا عسكريا، في مواجهة الأطماع الاستعمارية الأجنبية، خلال ما سمي بمرحلة الاستكشافات الجغرافية الكبرى في العالم، كما أنها مثلت قلعة للمجاهدين ضد الاستعمار الإسباني خلال القرن الماضي. وأرجع المؤرخون أصل تسميتها إلى الكثير من الروايات إذ أرجعه بعضهم إلى كلمات عربية أو أمازيغية محرفة، غير أن غالبيتهم قد استقروا على أن اسم شفشاون مركب من كلمتين: الأولى هي «شف» بمعنى انظر، والثانية «إشاون» جمع كلمة «إش» الأمازيغية التي تعني «القرن»، وتطلق في العادة على قمة جبل حادة. وتعد شفشاون التي تتناقض زرقة جدرانها وأحيائها بشكل فني مع طبيعتها الجبلية ذات اللونين الأصفر والبني بتدرجاتهما المتعددة المكسوة بالخضرة، في مشهد بديع، (تعد) من أجمل المدن المغربية السياحية التي ارتبط تاريخها بالمأساة الأندلسية بمختلف أبعادها وتجلياتها وانعكاساتها السلبية. ويعزى سبب التحاف المدينة تلك الزرقة، إلى روايتين اثنتين، أولها يعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي عندما بدأ اليهود نزوحهم من إسبانيا واستقرارهم بشفشاون، نتيجة لأعمال التطهير العرقي والديني ضد غير المسيحيين، فبدأوا في طلاء منازلهم باللون الأزرق، معتقدين أن لون السماء سيذكرهم بالله، فيما الرواية الثانية تقول إن السكان الأوائل للمدينة اختاروا لون الأزرق لأنه يطرد حشرات”الناموس”. ومن بين أهم الأماكن المشهورة بالمدينة هي المركز الأساسي للمدينة الذي يسمى ب”القصبة” وتحتوي على مباني أندلسية الهندسة ومسيجة بحوالي 10 أبراج شاهقة تعود إلى العام 1471، كما تشتهر بشلالات أقشور الشاهقة التي يمكن مشاهدة أجمل أنواع النباتات النادرة بها، إلى جانب بعض أنواع الحيوانات البرية التي تسكن بجوار الشلالات. بالإضافة إلى متحف القصبة الإثنوغرافي الذي يعتبر من أبرز الوجهات السياحية داخل مدينة شفشاون وتقبع فيه تحف نادرة تعود إلى الحقبة الأندلسية، ناهيك عن “ساحة وطاء الحمام” قلب المدينة النابض بالحياة حيث به المتحف المذكور والمسجد الأعظم وتقام فيها أهم المهراجانات السنوية الثراثية، وكذلك حي السويقة الذي يعتبر تحفة فنية لا يمكن للسائح أن لا يزوره.