تطرق الكاتب والصحفي جمال المحافظ، في كتابه الذي اختار له عنوان “الصحفيون المغاربة والأداء النقابي في الإعلام -السياق والتحول-“، إلى الحديث عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والأهداف المنشودة من تأسيسها، وإلى إشكالية العمل النقابي في الوسطين الصحفي والإعلامي، والتفاعل القائم بينهما وبين الوضعية السياسية والاجتماعية والثقافية في المغرب. وارتكز الدكتور في القانون العام والعلاقات الدولية، في كتابه، على تأصيل العمل الإعلامي على أسس علمية، واستند على دراسة ميدانية استخدمت فيها استمارة عبأها 250 صحفية وصحفي، من وسائل إعلام متنوعة، حول اتجاهات وتمثلات الصحفيين المهنيين للعمل النقابي وانتظاراتهم من أداء النقابة الوطنية للصحافة المغربية، لتعميق الوعي بالدور الطبيعي للإعلام ومدى تأثيره من جهة، وإبراز الهدف الأساسي من تأسيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية في سنة 1963، المتمثل في مواجهة بقايا الصحافة الاستعمارية، الرامية إلى جعل العمل النقابي أداة لخدمة الفكر السياسي الحزبي المعارض والترويج له، خصوصا في مغرب الستينيات، من جهة أخرى. وخلص الكاتب إلى وجود ارتباط جدلي بين التجليات النقابية والسياقات والتحولات السياسية لمغرب ما بين 1963 و1984، والذي لم يكن في حقيقة الأمر، إلا انعكاسا للمتغيرات السياسية والإعلامية، التي وسمت كل مرحلة من مراحل تطور نقابة الصحافة، التي كان ميلادها إفرازا طبيعيا للتأثيرات التي عرفها بلد خرج لتوه من مرحلة الحماية، وبدأ يشق طريق التحرر من تبعات الفترة الاستعمارية. وأضاف أن الصحافة في مرحلة التأسيس اعتمدت على صيغة براغماتية تنطلق من فكرة أن الخصم المشترك، لا يمكن أن تقاومه صحيفة بمعزل عن الصحف الأخرى، وهي الصيغة المقبولة التي دفعت خصوم الأمس إلى التوافق على تأسيس نقابة للصحافة، مشيرا إلى أن تطورها يرتبط أشد الارتباط بمدى تمكن الإعلام المغربي من فرض استقلاليته المهنية الفعلية، عن كافة أشكال التأثير السياسي والحزبي والاقتصادي والمالي. وأشار جمال المحافظ إلى نقطة مهمة تتجلى في التحديات التي بات يعرفها قطاع الإعلام وترهن مستقبله، في ظل التحولات العميقة التي يعيشها، سواء بسبب التغييرات الجذرية الطارئة نتيجة التطورات التكنولوجية الهائلة التي يعرفها القطاع، أو بسبب تنامي الحاجة إلى وجود إعلام ينتج خدمة نافعة بعيدا عن مختلف أشكال الضغط والابتزاز والفوضى السائدة في العديد من تفرعات هذا الإعلام. ويعتبر هذا الكتاب أول عمل أكاديمي يتناول الإشكالات الصحفية الذي حاول من خلاله الكاتب الإجابة على مجموعة من الأسئلة في شتى المجالات وعلاقتها بالصحافة والعمل النقابي، الأمر الذي يكاد غائبا في الكتب والأطروحة ذات الصلة، كما أن المحافظ تمكن من التعرج على أهم المحطات التحولية في تاريخ الصحافة وألقى الضوء على الحقل الإعلامي والنقابي بالمغرب.