في آخر مباشر أطلقه عبد الاله ابن كيران ليلة البارحة عبر الفايسبوك قال إنه كان ينوي أن يمسك عن الكلام، ويعمل بقول الله تعالى “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”، ولكنه تراجع عن الصمت، وفضل العودة إلى السياسة والمساهمة فيها. ورغم أن المباشر الذي ظهر فيه بنكيران متحدثا من صالون بيته، وخلفه صورة صديقه الراحل عبد الله باها، كان طويلا ومملا، فإن صاحبنا لم يول أي اهتمام إلى ردود أفعال الفايسبوكيين التي كانت غاضبة بنسبة تفوق الثمانين في المائة تقريبا، بينما فضل الجيش الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية التشويش على غضب الغاضبين، بالتصفيق والتهليل لزعيمهم المتحدث من صالون بيته. لقد اختار بنكيران أن يتحدث عن موضوع “لغة التدريس وتدريس اللغة”، لكن الفايسبوكيين واجهوه بترك هذا الموضوع جانبا، والاكتفاء بالرد على الذين يهاجمونه وينتقدونه، خاصة وأنه لم يقم بأي إصلاح يذكر حين كان رئيسا للحكومة، باستثناء الانقضاض على أموال الضعفاء في إصلاح المقاصة، وعلى أموال الموظفين والمتقاعدين في إصلاح التقاعد، بل وأنه هو من دفع بالموظفين إلى ملامسة الموت قبل مغادرة مكاتبهم، في حين ينعم هو بتقاعد ضخم رغم أنه لم يشتغل سوى خمس سنوات، فكيف له أن يكثر الكلام اليوم في مواضيع أهملها أثناء تحمله للمسؤولية. أليس “البكاء وراء الميت خسارة”؟ لم يستطع بنكيران الرد على المواطنين الذين طالبوه بالصمت مادامت صلاحيته انتهت، ولم يجرؤ على الرد على أولئك الذين استغربوا أين ينفق أموال تقاعده السمين علما أنه يلزم بيته، ويتحدث من داخل صالونه، ولم يستطع الرد على أولئك الذين واجهوه بحقيقة أمره، واكتفى بنكيران بالدوران في حلقة مفرغة، إلى أن بدا له خيال عزيز أخنوش فقرر أن يواجهه بالنقد الحاد، علما أنه ما كان لعزيز أخنوش أن يحلم بهذه القوة اليوم لولا أخطاء بنكيران أيام كان رئيسا للحكومة.. فهل نسي بنكيران أنه هو من قدم لأخنوش هدية على طبق من ذهب فيما يخص تحرير أسعار المحروقات؟ وهل نسي بنكيران يوم انتزع منه أخنوش صندوق التنمية القروية؟ وهل نسي بنكيران كيف كان عزيز أخنوش يصول ويجول في حكومته وكأنه “سوبير وزير”، حتى انه دخل إليها بلا حزب ولا “هم يحزنون”؟ وهل نسي بنكيران يوم أخبرنا بأن عزيز أخنوش هو من منعه من رفع الدعم عن قنينة الغاز؟، وهل نسي بنكيران أن حزب الأحرار “لهف” أهم الحقائب الوزارية تحت أنظاره، وفي عهد قيادته للحكومة؟ وهل نسي بنكيران أنه هو من كان لا يكف عن ترديد أسطوانته المملة: “سي عزيز راه ولد الناس..وراه راجل مزيان”؟ طبعا لم ينس بنكيران كل هذا، وإذا نسيه فليعد إلى تدوينة زميلي عمر الشرقاوي التي أحصى له فيها نقط ضعفه أيام كان رئيسا للحكومة، فكيف له أن يدعي القوة بعد أن غادرها؟ إن الحجج التي واجه بها رواد موقع التواصل الاجتماعي ادعاءت وتناقضات بنكيران، كانت كافية لتجعله يعود إلى خلوته ليستغفر الله بسبحته، عوض أن يطل علينا ليشبع الناس شتما وسبا وقذفا. فهذا كذاب، وذاك منافق، والآخر وضيع وذاك “ما فوق الحمار وتحت البغل”، فهل نحن في حاجة لنذكره اليوم بقول ابي العتاهية: أعمالنا تعلي وتخفض شأننا وحسابنا بالحق يوم الغاشية فاختر لنفسك ما تحب وتبتغي ما دام يومك والليالي باقية لقد كان بنكيران طيلة مداخلته “يهرف في ما لا يعرف”، وكان يدعي أنه عاد ليمد الناس بالنصح والتوجيه، ونحن أعلم منه بقول الله تعالى :” “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ” صدق الله العظيم.