بات الرأي العام المغربي في الآونة الأخيرة منشغلا بكل ما يصدر عن الوزراء والبرلمانيين وباقي الشخصيات العمومية، خصوصا وأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تُمكن من رصد كل تفاصيل الحياة الشخصية لهذه الفئات، والتي كانت في السابق محجوبة عن أعين المجتمع. غير أن ثمة مشكلة يثيرها الربط بين المسؤولية العمومية للشخصيات المشار إليها، وبين اختياراتها وسلوكاتها الشخصية، على غرار الأحداث المتواترة التي ارتبطت بوزراء وبرلمانيين من مختلف الأحزاب أبرزهم مسؤولو حزب العدالة والتنمية، بحيث كانت البرلمانية عن ذات الحزب أمينة ماء العينين آخر شخصية عمومية يثار حولها جدل بهذا الخصوص. وفي هذا الصدد، قال المحامي والباحث والكاتب نوفل البعمري في تصريح خص به “برلمان.كوم”، إن ثمة قدرا لا يمكن إنكاره من “التداخل بين المساحة الشخصية وبين الشأن العام بالنسبة للمسؤول العمومي”، مشيرا إلى عدة “حوادث مماثلة في دول كثيرة يقدم فيها مسؤولون عموميون استقالاتهم بسبب إقدامهم على نشاطات شخصية أثناء تواجدهم في مهام رسمية أو غير رسمية ذات صلة بالمسؤوليات التي يتقلدونها في الدولة”، سيما وأن المسؤول العمومي يبقى حاملا لصفته الرسمية حتى بعد انتهاء مدة تقلده للمسؤولية، فبالأحرى إذا كان ما يزال متقلدا إياها. وأكد المتحدث ذاته، أنه “حينما يؤثر الجانب الشخصي على المسؤولية العمومية، فإنه يرتب مسؤولية أخلاقية على المسؤول العمومي، لأنه يكون قد أخل بمقتضيات تعاقد بموجبها مع الرأي العام، وعلى أساسها أصبح مسؤولا، وأيضا يرتب مسؤولية قانونية لأنه لا يجب إهدار الوقت وأموال دافعي الضرائب من أجل قضاء وقت شخصي للمسؤول خارج البلاد”. وأضاف المحلل ذاته مؤكدا أن “التحول إلى شخصية عمومية يفرض ضريبة في كل دول العالم على متقلديها، بحيث أن الالتزام مع الرأي العام الذي تؤطره الشخصية العمومية يجعل من حقه تتبع كل تفاصيل تحركاتها”، معتبرا كل الحوادث التي تعلقت ببعض القياديين من حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح؛ سببا كافيا لكي يعيدا النظر في مواقفهما من الحريات الفردية، مثل زواج الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون، وقضية العلاقة بين فاطمة النجار وعمر بنحماد، وأيضا قصة الوزير محمد يتيم ومدلكته التي هي في عمر حفيدته، وصولا إلى الصور التي ظهرت فيها النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين بدون حجابها “المعتاد”. وشدد المتحدث ذاته على أنه “يجب طرح هذا النقاش بدون عقد، الموقف من مسألة الحريات الفردية، لكي لا تثار فقط حينما يعتلق الأمر بأفعال يقدم عليها أعضاء ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية أو حركة التوحد والإصلاح”، في حين يقوم هؤلاء بمواجهة كل من يطرح هذه القضايا في سياقات أخرى. وختم البعمري موضحا بأن “معظم هذه الحوادث تتجاوز مسألة الحريات الفردية”، داعيا حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح إلى الاقتداء ب”الحركات الديمقراطية المسيحية التي نجحت في تبني موقف واضح من مسألة الحريات الفردية”، بدل التلويح بها فقط حينما يتعلق الأمر بأحد مسؤولي الحزب، ومهاجمتها حينما يتعلق الأمر بمسؤولين آخرين من أحزاب أخرى.