وصلت الصناعة التقليدية المغربية للعالمية بفضل صناع تقليديين احترفوا “الصنعة” وتمكنوا من أن يخلقوا منها فنا بذاته تجده متجليا في الملابس التقليدية الأصيلة التي تعكس حضارة وعمق هوية المغاربة المحافظة والحداثية، إذ أن الصناعة التقليدية بارزة في الجلابة والقفطان والتكشيطة والجبادور والبلغة وغيرها من أصناف الملابس الأخرى تظل شاهدة على التميز المغربي في هذا المجال. التميز هذا جعل دولا أخرى تبحث عن استيراد هذه الصناعة، بحيث الجلابة والقفطان المغربيين لم يغريا المغاربة فقط وإنما أغريا شعوب بلدان أخرى خاصة منها الجارة مع المغرب، فالشعب الجزائري أشد المعجبين والعاشقين للجلابة والقفطان المغربيين وللألوان التزيينية التي يتخذها الصناع فنا يبدعون من خلاله على الثوب، في تصاميم تمزج بين الأصيل والمعاصر، وما كان لهذا المنتوج المغربي إلا أن يسافر عبر الحدود ليصل للشرق الجزائري كما لغربه ولشماله كما لجنوبه. وصول الجلابة والقفطان المغربيين للجزائر هو وصول للثقافة المغربية التي انتشرت في مئات المحلات التجارية المنتشرة في مدن جزائرية عدة، ووجد التجار الجزائريين رواجا تجاريا كبيرا أغنى الكثير منهم بفضل هذا المنتوج المغربي، الذي كان يتخذ له طريقا سهلة عنوانها “التهريب” سابقا قبل أن يتحول هذا العنوان إلى تصدير رسمي مراقب تشق لأجله البواخر طريقها المتوسطي من الناظور نحو وهران حاملات القناطر من السلع المرتبطة بهذه الصناعة التقليدية. صناع من قلب مدينة وجدة ومن أمام الجامع الكبير وسط المدينة القديمة حيث تنتشر خياطة الجلابة والقفطان بأشكالها المتنوعة كشفوا بخصوص موضوع تهريب الجلابة والقفطان نحو الجزائر ل”برلمان.كوم“، أن هذا التهريب كان في فترة ماضية حين كانت الحدود ميسرة وقبل أن تحفر السلطات الجزائرية خندقا عريضا عميقا، وقبل أن يتم تسييج الحدود بأسلاك من طرف السلطات المغربية حماية للتراب الوطني من دخول أجانب عبر الحدود، غير أن الأمر اشتد ولم يعد التهريب ممكنا بعد إحداث هذه الحواجز فلجأنا يضيف الصناع المصرحون إلى تصدير سلعنا بشكل قانوني وبمساعدة مسؤولي المنطقة الذين شجعونا على تنظيم عملنا وتصدير الجلابة والقفطان إلى مدن جزائرية كسب التجار بها ثقتنا في التعامل التجاري فباتوا لا يستوردون إلا سلعنا المصنوعة تقليديا بمدينة وجدة. المصمم المغربي الشهير منظم مهرجان الأناقة والإبداع للقفطان المغربي “نبيل موض” في تصريح خاص ل”برلمان.كوم” أكد أن موضوع تهريب وتصدير الجلابة والقفطان إلى الجزائر هو موضوع قديم حديث، مشيرا إلى أن زيارته للجزائر كشفت له ضخامة المحلات التجارية التي تمتلئ بهذا المنتوج التقليدي المغربي، وكاشفا أن الأثمنة التي تباع بها المنتوجات المغربية في مدن جزائرية هي أثمنة خيالية تصل إلى 15 مليون جزائري للقفطان الواحد، وتجد إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين، مؤكدا في الصدد ذاته أن الجزائر لم تعد تكتفي باستقبال المنتوج المغربي وإنما بدأ بعض أصحاب الأموال يستوردون صناعا تقليديين مغاربة يمارسون نشاطهم بشكل يومي ويحصلون على تعويضات ومبالغ كبيرة. رئيس غرفة الصناعة التقليدية بجهة الشرق إدريس بوجوالة المسؤول الأول عن قطاع الصناعة التقليدية بالجهة، أكد في تصريح ل”برلمان.كوم” أن “الجهة تعتبر منطقة حدودية وجميع المناطق الحدودية تعرف دينامية تجارية، لكن وللأسف أن ما يحدث بوجدة هو إغلاق حدودها مع الجزائر وهو ما انعكس بطريقة سلبية على الاقتصاد وعلى المواطن كشخص، وإذ لا بد من إيجاد بديل اقتصادي”، مضيفا أنه “بالنسبة لهذه المنطقة فإن قطاع الصناعة التقليدية ومنتوجاتها بالجهة كانت تسوق بالتهريب، وبعد إغلاق الحدود فإن الصادرات بجهة الشرق عرفت قفزة كبيرة وحققت رقما قياسيا عبر ميناء الناظور الذي يعرف صادرات جد مهمة في قطاع الصناعة التقليدية، وذلك بالنسبة للبلوزة والجلابة والقفطان والبلغة ونوع من الأحذية، ويتم التفكير حاليا في حوافز للحرفيين من أجل مضاعفة المردودية للصناع، وتحقيق بديل اقتصادي للشباب خاصة في قطاع الصناعة التقليدية”.