كل أنظار الدول العظمى تتجه مساء اليوم الأربعاء إلى العاصمة البلجيكية بروكسيل، حيث يرتقب أن تنعقد قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وسط توترات بشأن استفزازات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب التي قد تتسبب في خلافات قوية بين الحلفاء التاريخيين لواشنطن. ترامب، الذي وصل مساء أمس بروكسيل رفقة زوجته ميلانيا التي ترافقه في جولة أوروبية تستمر أسبوعا، اتهم دولا في الناتو بالتقصير في تحمل نفقاتها العسكرية، مطالبا إياها ب”تسديد” متأخرات للولايات المتحدة. وكتب ترامب على “تويتر،” وهو على متن الطائرة الرئاسية “أير فورس” في طريقه إلى بروكسيل، أن “دولا عدة في الحلف ندافع عنها لا تكتفي بعدم الوفاء بتعهد ال2%، بل تقصر منذ أعوام في تحمل نفقات لا تسددها. هل ستسدد المتأخرات للولايات المتحدة؟”. تدوينة ترامب جاءت في إشارة إلى ما كانت قد تعهدت به الدول ال29 الأعضاء في الحلف بتخصيص 2% من إجمالي ناتجها المحلي للنفقات الدفاعية بحلول العام 2024. غير أن أربع دول فقط بلغت هذا السقف، وهي الولاياتالمتحدة وبريطانيا واليونان وأستونيا، في حين ستصله أربع أخرى مع نهاية العام، وهي ليتوانيا ولاتفيا وبولندا ورومانيا، بحسب ما أعلن الأمين العام لحلف “الناتو” ينس ستولتنبرغ الثلاثاء. ويبدو أن انعدام التوازن بين الدول الأعضاء في تحمل النفقات يثير استياء ترامب الذي يتحفظ خصوصا على نفقات ألمانيا، أول اقتصاد أوروبي، والتي لا تشكل سوى 1.24% من إجمالي ناتجها المحلي. وبالمقابل بلغت قيمة المساهمة الأمريكية في موازنة حلف شمال الأطلسي حوالى 70% من إجمالي النفقات العسكرية للحلف في 2018. هذا الأمر عبر عنه الرئيس الأمريكي قبيل مغادرته واشنطن في تصريحات للصحفيين تعهد فيها ”بعدم السماح للاتحاد الأوروبي باستغلال ىالولاياتالمتحدة”. رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك رد الثلاثاء على استفزازات ترامب برسالة حازمة دعاه فيها إلى «تقدير» حلفائه. وقال توسك خلال مؤتمر صحفي بمقر الحلف في بروكسيل، «عزيزتي أمريكا، قدري حلفاءك، فليس لك كثير منهم في نهاية المطاف». وذكر توسك الرئيس الأمريكي بأن القوات الأوروبية قاتلت إلى جانب نظيرتها الأمريكية في أفغانستان بعد هجمات 11 شتنبر 2001. وتابع: «رجاء أن تتذكر ذلك غداً حين نلتقي في قمة حلف الأطلسي، ولكن قبل كل ذلك حين تلتقي الرئيس (فلاديمير) بوتين في هلسنكي. من الجدير دائماً أن تعرف من صديقك الاستراتيجي ومن عدوك الاستراتيجي». هذه التصريحات المتبادلة أصبحت تنذر بتحول قمة القادة الغربيين في بروكسل إلى خلاف علني جديد بعد قمة مجموعة السبع في كندا في يونيو الماضي والتي شهدت انقساماً كبيراً. وينظر إلى هذه القمة على أنها الأصعب منذ سنوات، وسط مخاوف أن يصبح ترامب أكثر عدوانية تجاه التحالف التاريخي الذي يدعم الأمن الأوروبي منذ 70 عاماً.