لم يهدأ بال لعدد من المنابر والصحف الجزائرية الصادرة أخيرا بخصوص انقشاع الغيوم من سماء العلاقات بين المغرب ومصر، عقب استقبال الملك محمد السادس لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، وبعد البيان المشترك بين هذا الأخير ونظيره المغربي، صلاح الدين مزوار. وكانت العلاقات بين الرباطوالقاهرة قد اتسمت بغير قليل من التوتر، بعد تقارير إخبارية في القناتين الأولى والثانية وصفت نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه انقلابي ودموي جاء على ظهر الدبابات ليجهض التجربة الديمقراطية لمصر، ما أفضى إلى تشنج غير مسبوق بين البلدين. والتقى العاهل المغربي بوزير الخارجية المصري، يوم الجمعة الفائت، حيث أمر الحكومة بالتحضير لأشغال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، وقبل ذلك أكدت القاهرة أنها تؤيد مخطط الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، فيما دعمت الرباط خارطة الطريق التي أتى بها السيسي. هذه المستجدات في طريق العلاقات بين المغرب ومصر أثار حنق منابر إعلامية جزائرية قالت بعضها إن مصر ضربت على الوتر الحساس لطي صفحة خلافها “العابر” مع المغرب، بوضع ملف نزاع الصحراء على طاولة استعادة دفء العلاقات الثنائية. وانتقدت تلك المنابر مبادرة الرئيس المصري، على لسان موفده إلى الرباط ووزير خارجيته، حيث دعم “الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وأيد المشروع المغربي للحكم الذاتي”، معتبرة أن هذا “التطور يعد مستفزا للجزائر التي أُقحمت عنوة في الخلاف بين البلدين”. وتشرح المنابر الجزائرية ذاتها بأن التلفزين الرسمي المغربي أقحم الجزائر في شنآن الرباطوالقاهرة دون وجه حق، فقط لأن المملكة شعرت بأن مصر السيسي تتقرب من الجزائر، وتتبنى مقاربتها لحل قضية الصحراء، فكان الرد المغربي بتلك الطريقة التي دفعت السيسي للانقلاب على موقفه. وعادت المصادر عينها إلى البيان المشترك بين الرباطوالقاهرة، حيث جاء فيه “التزام مصر بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، والحل الأممي لقضية الصحراء، وتأييدها لما جاء بقرارات مجلس الأمن حول مخطط الحكم الذاتي”، مبرزة أن القاهرة اختارت هذا الرد لدرء تهمة ألصقت بها بشأن دعمها مقاربة الجزائر. واستشاطت صحف جزائرية من “حمل مبعوث السيسي للرباط رسالة إلى الملك ظاهرها تجاوز سوء التفاهم، وباطنها استفزاز الجزائر التي أُقحمت دون سابق إنذار في الخلاف”، وفق تعبير جريدة “الخبر” التي حاولت التذكير بأن الرباط هاجمت القاهرة ووصفت السيسي ب”الانقلابي”، لأنه دعم الجزائر في القضية ذاتها. ونسبت المصادر ما جرى إلى تطبيق المغرب لما سمته “مخطط التحرك الدبلوماسي” للمملكة، والقاضي ب”مواجهة سياسة وإستراتيجية الجزائر الرامية إلى إقصاء المغرب من المؤتمرات واللقاءات الدولية، المخصصة لمعالجة التحديات الأمنية الناتجة عن تداعيات الوضع الأمني في ليبيا والساحل والصحراء”.