يعتبر الزواج من أسمى وأقدس الروابط، كما أنه الرباط الذي يوثق أواصر الأسرة ببعضها لما فيه من إحصان للأزواج والمحافظة على النسل والأنساب من الاختلاط، يأتي في حالات عديدة كالغدر والخيانة ليدمر قداستها وحرمتها، في واحدة من الجرائم الأكثر انتشارا في العالم، ألا وهي الخيانة الزوجية. الخيانة الزوجية كمفهوم، تعني ربط علاقة أو ممارسة الجنس مع شخص آخر غير الشريك، وهي الظاهرة التي بدأت تنتشر أكثر وأكثر في المجتمع المغربي إلى حد أصبح الكلام عنها أو القيام بها من المسلمات نظرا لتساهل المجتمع معها خصوصا إذا كانت تحمل توقيع الرجل الذي يتم التعامل مع خيانته كشر لا بد منه، عكس المرأة التي تواجه خيانتها من طرف المجتمع بكثير من القسوة. المشرع المغربي يعاقب على جريمة الخيانة الزوجية، التي يصنفها في الفرع السادس من الباب الثامن من القانون الجنائي المخصص لجرائم انتهاك الآداب، حيث يحمل الفصل 491 من القانون الجنائي المغربي على مجموعة من الأركان الواجب توفرها في هذه الجريمة لكي تتحقق قانونا، وحدد عقوبة هذه الجريمة طبقا لقاعدة “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”. وينص الفصل بمعاقبة المتورط في الخيانة الزوجية بالحبس من سنة إلى سنتين لأحد الزوجين الذي يرتكب الخيانة، ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه، إلا إن تواجد أحد الزوجين خارج التراب الوطني، فبإمكان النيابة العامة أن تقوم تلقائيا بمتابعة الزوج الآخر الذي يقوم بالخيانة الزوجية بصفة ظاهرة. إثبات الخيانة الزوجية القاعدة العامة في الإثباث الجنائي هي حرية القاضي في اختيار ما يراه مناسبا، حيث أن المشرع لم يفرض دليلا محددا ولم يمنعه من الأخذ بدليل معين، فله أن يثبت الجريمة بأي وسيلة من وسائل الإثبات طبقا للمادة 286 من قانون المسطرة الجنائية، إلا أنه خرج عن هذه القاعدة ونص في الفصل 493 من المجموعة الجنائية على أن جريمتي الفساد والخيانة الزوجية “لا تثبت إلا بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة تلبس أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي”. هذا، وقيد المشرع حرية القاضي في إثبات جريمتي الفساد والخيانة الزوجية، بالفصل 493، بحيث لا يمكن أن يبني حكمه بالإدانة إلا بحالة التلبس، أو الاعتراف الكتابي أو الاعتراف القضائي، ما يجعل من الصعب، وفي بعض الأحيان من شبه المستحيل، إثبات الجريمتين بالوسائل المحددة تشريعيا، المتابعة القانونية فيما بعد، ما يجعل من المحادثات والاتصالات الهاتفية وتبادل الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فعلا لا يعتبره القضاء المغربي خيانة زوجية، وهو الأمر الذي سبق للمحكمة الابتدائية بمدينة سلا أن اصطدمت به، ما انتهى برفضها اعتبار محادثاث “ساخنة” وتبادل صور خليعة دليلا على الخيانة الزوجية. المتابعة في جريمة الخيانة الزوجية من لبنات القانون المغربي، أن المسؤولية الجنائية تتحقق بقيام ركني الإسناد المادي والإسناد المعنوي، ينضاف إليهما في جريمة الخيانة الزوجية، شكاية تتقدم بها الزوجة أو الزوج المجني عليه. حيث تعتبر الشكاية في قضايا الخيانة الزوجية، عنصرا أساسيا من أجل المتابعة في هذه الجريمة، غير أنه إذا وقعت المتابعة وتم بعد ذلك تنازل المشتكي أو المشتكية فإنه لا يمكن أن يستفيد من هذا التنازل مشارِكة الزوج أو مشارِك الزوجة في الخيانة. ومن جهة أخرى، فقد حاول القضاء في المملكة في مناسبات عديدة، تكييف جريمة الخيانة الزوجية التي تغيب فيها شكاية الزوج على أنها جريمة فساد، إلا أن المجلس الأعلى للقضاء أقر أنه لا يمكن متابعة الزوج أو الزوجة بتهمة الفساد طالما أنه متزوج وأن الزوجة أو الزوج المجني عليه لم يتقدم بشكاية في الموضوع. عقوبات الخيانة الزوجية في المغرب المشرع المغربي يعاقب على كل علاقة تجمع بين رجل وسيدة لا توجد بينهما رابطة زوجية، حيث ينص الفصل 490 على عقوبة حبسية تتراوح ما بين شهر وسنة، وهي العقوبة التي تعتبر ردعية لحث الأشخاص عن العدول عن مثل هذه الممارسات، في الوقت الذي يعاقب فيه الفصلين 491 و492 على معاقبة فعل الزنا الذي يرتكبه المتزوجون بعقوبة حبسية أكثر تشددا تتراوح ما بين سنة وسنتين. * الفصل 490 “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة فساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة”. * الفصل 491 “يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية، ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه. غير أنه في حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة، فإنه يمكن للنيابة العامة أن تقوم تلقائيا بمتابعة الزوج الآخر الذي يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة”. * الفصل 492 “تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا لمتابعة الزوج أو الزوجة المشتكى بها عن جريمة الخيانة الزوجية. فإذا وقع التنازل بعد صدور حكم غير قابل للطعن، فإنه يضع حدا لأثار الحكم بالمؤاخذة الصادر ضد الزوج أو الزوجة المحكوم عليها. ولا يستفيد مشارك الزوج ولا مشاركة الزوج مطلقا من هذا التنازل”. الآثار القانونية للخيانة الزوجية يتمثل الأثر القانوني للخيانة الزوجية، وخاصة إذا كانت الخائنة هي المرأة، في حرمها من حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق، كما يسقط عنها حق حضانتها للأطفال إذا كانوا في سن التمييز بين الخطأ والصواب، كما أنها لا تحتفظ إلا بالطفل الذي هو دون العامين والذي لا يستغني عن خدمة النساء في الطعام والنظافة، ولا يستطيع تمييز ما تفعله أمه. هذا، ومن جهة الزوج، فإذا ثبتت عليه جريمة الخيانة الزوجية، فبإمكان الزوجة رفع دعوى طلاق منه للضرر، وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر صداقها، وكذلك تعويضاً عن الضرر المعنوي.