ارتفعت مجموعة من الأصوات التي تشكك في نوايا من يقف خلف تأجيج النقاش حول المقاطعة التي استهدفت بعض المنتجات الاستهلاكية خصوصا منها “سيدي علي”، “وشركة أفريقيا-غاز” وحليب “سنطرال”. واستقرت العديد من التحاليل على اعتبار أن جوهر وكُنْهَ هذه الضجة من وراء حملة المقاطعة، سياسي بالدرجة الأولى، وتقف وراءها كتائب حزب “المصباح” الذي يقود الحكومة، في محاولة منه لتغطية الفشل والتعثر الذي طال الحوار الاجتماعي. وتؤكد ذات التحاليل أن حزب “العدالة والتنمية” استطاع عبر كتائبه الإلكترونية استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في توجيه سهام فشل الحوار الاجتماعي إلى شركات خاصة، تابعة إلى عزيز أخنوش رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار”، وهي السهام التي لم تستثن أيضا سيدة الأعمال مريم بنصالح، وشركة “سنطرال”. فمباشرة بعد الإعلان عن فشل الحوار الاجتماعي عمدت كتائب “البيجيدي”، إلى قصف تلك الشركات والمشرفين عليها لصرف الأنظار عن فشل الحكومة، في تدبير الحوار الذي كان يعول عليه المواطن المغربي البسيط أملا في رفع الأجور. وحسب معطيات موثوقة، فقد ساهمت في الحملة مواقع مدعومة من حركة العدل والاحسان وكتائب “البيجيدي” وكذا عدد من الموظفين والمأجورين المتضررين من نتائج الحوار الاجتماعي. وفِي وقت التزم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وأعضاء حزبه وحكومته بالصمت المطبق رغم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي قد تتسبب فيها المقاطعة على المستوى الوطني، تساءل عدد من المتتبعين عن سبب هذا التواري والاختفاء وراء الأسوار علما أنه من مسؤولية رئيس الحكومة التواصل مع المواطنين ودراسة مطالب المحتجين والتجاوب معها. ورجحت مصادر قريبة من دوائر القرار الحكومي، أن يكون للصفعة التي وجهتها مريم بنصالح لحزب “العدالة والتنمية” عبر الانضمام إلى المساندين لصلاح الدين مزوار في ترشحه لقيادة الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، أثر كبير وراء تحريك الدواليب الخفية لاستهداف شركة مريم بنصالح المنتجة لماء “سيدي علي”. وعليه، يؤكد عدد من المحللين بأن حملة المقاطعة لا تعدو أن تكون مجرد سيناريو محبوك بعناية، في محاولة لاختلاق نقاش مفتعل يلقي باللوم على بعض الشركات التي اشتغلت بالمغرب منذ سنوات، خصوصا وأن تزامن حملة المقاطعة مع فشل الحوار الاجتماعي، يفضي بشكل مباشر إلى استنتاج وجود علاقة مباشرة بين المؤشرين معا. التعثر والفشل الذي طال حزب “العدالة والتنمية” بخصوص الحوار الاجتماعي، يعتبر فقط ملمحا واحدا يؤشر على أن الحزب يمر من مرحلة حرجة، يشكو فيها مجموعة من التصدعات التي جعلت حضوره السياسي يبدو خافتا، وتدبيره السياسي لا يرقى لتطلعات المواطن المغربي. وفي المقابل، فحزب “التجمع الوطني للأحرار”، تمكن في الآونة الأخيرة من كسب ثقة شعبية ملموسة، يكشف عنها الحضور الملموس الذي تجسده مجموعة من التحركات الميدانية لرئيس الحزب، الذي يحرص على تقوية هياكله، وتحقيق التنزيل الفعلي لبرنامجه، في أفق التحضير لانتخابات 2021. أكثر من ذلك، فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، تعد بمثابة المجال الرحب الذي تستغله كتائب “البيجيدي” بلا رقيب ولا حسيب، لتصفية الحسابات وشن الحملات والتشهير بكل من يخالفهم الرأي والتوجه، سواء تعلق الأمر بفاعلين سياسيين واقتصاديين وحكوميين أو فعاليات المجتمع المدني. استغلال الكتائب لهذا الفضاء ليس كما يعتقده البعض عشوائيا، بل يخضع لمنطق احترافي ومدروس وخطط له، حيث يتم توظيف الوسائل والتقنيات المتاحة الكفيلة بخلق ثقافة شعبية تقاطع هذه المنتوجات، من خلال نشر ملصقات وفيديواهات محبوكة وتقنية عاليتين.