يحظى مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية الذي قدمه المغرب قبل عقد من الزمن بمصداقية كبيرة لدى المنتظم الدولي، وحسم المغرب موقفه من النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية باختيار الحكم الذاتي، في إطار سياسة جهوية موسعة تشمل كل جهات البلاد. يعرف الحكم الذاتي بأنه نظام سياسي، اقتصادي وإداري يحصل فيه إقليم معين، أو منطقة معينة من بلاد ما بحكم الطبيعة الاقتصادية أو الثقافية أو الاثنية على نوع من الاستقلال يخوله صلاحيات واسعة لتدبير شؤونه السياسية والاقتصادية والإدارية، ويطلق غالبا على الدول التي تسير وفق هذا النظام بالدول الفدرالية. قدم المغرب حل الحكم الذاتي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية منذ سنة 2007 بمبادرة رسمية ترأسها الملك محمد السادس، وقد شكلت هذه المبادرة رغبة حقيقية من جانب المغرب في وضع حد للصراع المفتعل حول قضية الصحراء، و لاقت ترحيبا من قبل العديد من الجهات الدولية والإقليمية التي رأت في هذه المبادرة حلا جريئا ومنطقيا لنزع فتيل الأزمة. يكاد المنتظم الدولي اليوم يجمع على جدية ومصداقية المقترح المغربي، الذي التزم من خلاله المغرب بضمان سواسية حقوق الصحراويين في الداخل والخارج بالمشاركة في تسيير جهة الصحراء بعيدا عن كل إقصاء أو تميييز. من هذا المنطلق تكفل المملكة المغربية وفقا لنص مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها آنذاك سفير المغرب في الاممالمتحدة مصطفى الساهل، للصحراويين مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية مستقلة استقلالا كاملا عن المركز مع ضمان الموارد المالية لذلك. ويخضع نظام الحكم الذاتي، وفقا لنص الوثيقة المنبثق عن المفاوضات السياسية لنظام استفتاء تشارك فيه الساكنة الصحراوية وفقا لما ينص عليه ميثاق الاممالمتحدة من حق تقرير المصير. وضع مشروع الحكم الذاتي بين يدي ساكنة الصحراء كل الوسائل المؤسساتية لتسيير شؤونهم باستقلالية كاملة، مع استحضار الموارد المالية المتاحة للجهة والمتمثلة في الجبايات المحلية، العائدات المتستخلصة من الموارد الطبيعية للمنطقة، وكذا الدعم المخصص من الدولة. تختص الدولة باختصاصات حصرية من مقومات السيادة مثل العلم والنشيد الوطنيين والنظام القضائي للمملكة، فضلا عن اختصاصات الملك كأمير للمؤمنين، والدفاع الوطني والحدود ورموز البلاد. فشل المجلس الاستشاري للشؤون الصحرواية الذي عين الملك رئيسه من بين قبائل الصحراء، خليهن ولد الرشيد الذي عين على راس مجلس ضم أربعين عضوا من بين أبناء الصحراء الى جانب ناشطين بارزين، في حقوق الانسان، لم ينجح المجلس الذي ضم في عضويته الكثير من أقارب أعضاء البوليساريو في مد جسور تواصل كبيرة بين جبهة البوليساريو وبين المغرب للاقتناع بجدوى المقترح، وظلت الجزائر تدعم هدم جسور الثقة في المشروع المغربي الذي بقي صامدا طيلة عقد من الزمن كحل جدي وواقعي لحل نزاع الصحراء المغربية المفتعل.