يعتبر فن بوغانيم، أحد الفنون الأمازيغية التراثية العريقة التي يتميز بها المغرب عن باقي البلدان الأفريقية ، وتنفرد بخاصيته قبائل الأطلسين الكبير والمتوسط، منها قبائل آيت بوكماز وآيت عباس وآيت بلال باقليم ازيلال. بوغانيم، فن امازيغي يعتمد على الزجل والايقاع بالبندير مع الرقص على نغمات آلة موسيقية مصنوعة من القصب على شكل ناي أو مزمار، حيث تعني تسميته «بوغانيم» بالأمازيغية صاحب الناي أو العازف على الناي. أما كلمة «أغانيم» والتي تعني القصب، فتطلق على فئة من الفنانين الذين يدخلون البهجة والسرور على الناس ويقومون بتسليتهم، سواء بعزفهم على الناي أو بأدائهم لأغاني متميزة عادة ما تكون قصيرة، تتخللها بعض الحركات البهلوانية أو رقصة أو نكته أو تقليد لبعض أصوات الحيوانات. العازف في “بوغانيم” يقود فرقة متكونة مه شخصين فما فوق بمشاركة العنصر النسوي أو دونه ، ويشترط فيه ان يكون شاعرا او زجالا، ويتميز عن باقي أفراد الفرقة، بلباسه وقبعته، الخضراوين المزدانين بريطة ثوب أبيض على القبعة وحزام أبيض. اهم الفرق الممارسة لهذا الفن تتواجد باقليم ازيلال، غير أن آيت بوكماز أول فرفة تمثيلية للاقليم في المهرجان الوطني للفرق الفلكلورية الذي يقام كل سنة بمدينة مراكش ، علاوة على مشاركاتها في مهرجانات عدة ،داخل الوطن وخارجه. نشأ بوغانيم الذي يعد على رأس التراث الفلكلوري، في بيئة جبلية وعرة ، انعكست على طبيعة الزجل الأمازيغي الذي ينظمه مايسترو كل فرقة، حول مواضيع تقترب من الحياة اليومية، كالجفاف والمطر والثلج، التي تحضر في أغاني فرقة بوغانيم، كما أن العزلة لم تمنع من نظم أشعار زجلية تهم مجمل القضايا الإنسانية والاجتماعية، فقد تغنت الفرقة عن الاستعمار والاستقلال ووفاة محمد الخامس، وحرب الخليج، ومواضيع تتعلق بالسهل والجبل بالصيف والشتاء بالحرب والسلم بالطبيعة والجمال بالوطن. رغم أن فن بوغانيم، يعد من الفنون الفلكلورية الضاربة في أعماق الثقافة الأمازيغية، إلا انه يبقى من بين الفنون التي تقاوم من اجل الاستمرارية و البقاء ، في ظل العزوف ، إلى حد الامتناع ، عن تعلم هذا الفن من طرف جيل الشباب الذي يعول عليه لأخد المشعل لتطويره وإيصاله إلى العالمية، وضمان استمراريته وحمايته من الانقراض الذي يتهدده، بسبب العزوف الذي جعل منه، فنا لا يواكب الموضة ، اضافة إلى عدم استفادة ممارسي هذا الفن من ابسط حقوق الفنانين، كالدعم المالي والتغطية الصحية. إن عدد فناني “بوغانيم” في تدني مستمر ومهول، واستمرارية هذا التراث اللامادي الأمازيغي، يدق ناقوس الخطر لحمايته من الانقراض، جاعلا بذلك إرادة المعنيين على المحك لبذل مايلزم لإنقاذه وضمان استمراريته وبقائه ، موازاة مع ضرورة تحفيز ممارسيه والتوعية والتحسيس والتشجيع على الممارسة بتحسين ظروفها .