لعلك تعتبر التليفزيون أفضل جليس لأطفالك في أوقات عملك، أو عند احتياجك لحالة من الهدوء والصفاء النفسي لا تكون مضطرًا فيها إلى الإجابة عن أسئلة طفولية صعبة ومحرجة؛ عندها ينقذك التلفزيون باستحواذه على اهتمام أطفالك، خاصة من خلال أفلام الكارتون، الأكثر مشاهدة لدى هذه الفئة العمرية. أما ما يلزمك للتمتع بهذه الخاصية فلا يزيد عن بضع احتياطات تطمئن بعدها تماماً أن طفلك بمأمن، أولها التأكد من أن مسافة مناسبة تلك التي تفصل بين عينيه وبين الشاشة حتى لا يتأذّى نظره، وثانيها أن نظامًا محكمًا للرعاية الأبوية مطبق على جهاز الاستقبال الموصّل بجهاز التلفزيون، لا يسمح لطفلك بالتجوُل إلا بين القنوات المخصصة للأطفال، وآخرها ألا يكون بين المحتوى ما يضر أطفالك. وبخصوص المضامين التي يتشربها ابناؤك والتي من الضروري الالمام بها، حتى لا تتشوش سلسلة الافكار التي تسعى لزرعها بذهن طفلكن عليك اختيار افلام الكرتون والبرامج المخصصة للاطفال الاقرب للتربية السليمة والقيم الانسانية القويمة. وما تم ملاحظته هو ان كارتون «توم آند جيري» الشهير والاوسع انتشارا في اوساط الاطفال، يتضمن العديد من المشاهد التي تحتوى قيماً «غير تربوية»، وليس من المفضل أن يستقبلها طفلك في مراحل عمره الأولى. 1. محاولات الانتحار بالرغم من المقولة التي تؤكد علي أن القط يملك سبعة أرواح، إلا أنه ليس بالضرورة مُرحبًا بأن تنتهي أحد أفلام كارتون طفلك المفضل بأن يُقرر بطله إنهاء حياته عن طريق الانتحار، حيث يأتي مشهد النهاية والقط توم جالس على قضيب القطار ينتظر أن يأتي ويدهسه، والفأر جيري قد قرر التضامن معه في حالة اليأس تلك التي انتابته بسبب العديد من الإحباطات التي تعرّض لها على مدار فيلم Blue Cat Blues أو «كآبات القط الأزرق» الذي أنتج عام 1956. ولم تكُن هذه المرة هي الوحيدة التي يُصدّر فيها صُناع سلسلة توم وجيري هذه الرسالة اليائسة لجمهور الأطفال العريض الذي يتابعهم، ففيلم Mouse from H.A.N.G.E.R الذي أُنتج عام 1964 استعاد فيه القط توم خيار الانتحار مرة أخرى، ولكن بوسيلة أكثر سلامًا هذه المرة، حيث يستسلم للموت وعلى صدره وردة وقد أدار موسيقا جنائزية، بعد أن فشل في الذود عن ثلاجة الجبن بحيله المُتعددة، ضد المتحري السريّ، الفأر جيري. 2. سادية وعُنف رغم اندراجها تحت بند الإصابات المُسلية، تلك التي لا ينجم عنها سيل من الدماء أو عواقب مأساويّة، بل تفجر الكوميديا والضحك، مثل الضرب المبرح بالمطرقة أو أدوات المطبخ، أو التقطيع إلى شرائح أو استخدام المتفجرات، أو وضع الذيل في قابس الكهرباء، أوالضرب بالرصاص المتبادلين بين توم وجيري، إلا أن عدة حلقات من سلسلة توم وجيري احتوت سادية استثنائية، منها حلقة The Two Mouseketeers التى أنتجت عام 1952، و كان فيها توم مُكلفًا بحماية المائدة الملكية من أن يصعد إليها الفئران، الأمر الذي أخفق فيه توم حيث لم يستطع الإمساك بجيري وابن عمه الفأر الصغير، مما جعله يلقى حتفه في ميتةٍ شنيعاً عن طريق الإعدام بالمقصلة، والتي سُمع صوتها فحسب ولم تظهر على الشاشة بينما ظهر الفأرين وقد نجحا في الاستيلاء على بعض النقانق وقطع الجبن من على المائدة الملكيّة. جيري الفأر بالذات كان له نصيب الأسد من الأفعال السادية، فهو دائمًا ما يستعين بحيلته ومكره لإيهام توم أوغيره من الذين يظهرون في الفيلم بأنهم تضرروا، وقُطِّعت ألسنتهم إلى شرائح بقطّاعة الجُبن، أو أنهم قتلوا أنفسهم دون أن يدروا؛ ففي أحد الأفلام استعان جيري بفأر آخر، وجعلوا توم يحلُم بأنه قتل نفسه، وعندما أفاق من النوم وجد دمًا مزيفًا على بطنه، وماهي إلى صلصة طماطم استخدمها جيري لأجل تنفيذ هذا المقلب، الذي ما إن كشفه توم وضع الفأرين في زجاجة، وصوب إلى فوهتها مسدسًا. بيد أن جيري وجده لم يكُن هو المسؤول عن السادية والعنف في سلسلة توم وجيري، فعلى سبيل المثال ضمن أحداث فيلم Blast off to Mars أو الإنطلاق إلي المريخ استخدمت الكائنات الفضائية مسدسات متطوّرة من شأنها تبخير أعداءهم إذا ما صُوِبت نحوهم، و استمع المشاهدون في هذا الفيلم إلى وصلات مُرعبة من صريخ رواد الفضاء والمواطنين الذين يتحولون إلى رماد بواسطة هذا المُسدس المتطور. 3. ممارسات عُنصرية رغم دفاعات مغرمي كارتون توم وجيري المُستميتة عنه، وتأكيداتهم بأن كارتونهم المفضل لم يرب لديهم أي نزعات عنصرية في طفولتهم، إلا أن هذه الدفاعات تظل ذات معنى؛ فظهور الخادمة التي ربما لم ترَ أنت وجهها إلا مرة واحدة، أو لعل الحظ لم يسعفك، ويظهر منها ساقيها فحسب، اللذان يشيان بأنها خادمة سمراء سمينة ترتدي عدد كبير من التنانير فوق بعضهم، يُعد من أكثر الأشياء التي تُعضد اتهامات سلسلة كارتون توم وجيري بالعُنصرية Mammy Two Shoes التي طالما صُورت وهي تصرُخ في توم، أو تضربه بالمقشة، أو تطرده إلي خارج المنزل، كانت سببًا رئيسيًا في أن تُصحب مراجعة أفلام توم وجيري على موقِع Amazon بتحذير بأن هذه السلسلة تحتوي على «تحامُل عُنصري» على عرق بعينه، ووصفت هذا النوع من التحامُل بأنه كان مألوفًا في وقت سابق في المجتمع الأمريكي، الأمر الذي لايجعله مقبولاً لا في السابق، ولا في الحاضر، حسب تحذير Amazon. غير أن Mammy Two Shoes ليست هي المسؤولة وحدها عن اتهام توم وجيري بأنهما عُنصريان، فأفلام ظهر فيها توم وجيري و قد طُليت وجوههما بالقار مما جعلهما يملكان وجهين أسودين مثيرين للسُخرية، وكذلك رسمهما في صور نمطيّة لهنود حُمر، أو صينيين، تعُد من أسباب اتهام توم وجيري بالعُنصرية والتحيُّز العرقي. 4. تدخين وكحول من بين العادات غير المُستحبة التي قد لا تفضل أن يكون بطلا طفلك المفضلين يقومان بها، تدخين السجائر، و«السيجار» في بعض الأحيان، أو شرب الكحوليات، الأمر الذي ظهر غير مرة في سلسلة توم وجيري؛ فتوم محبطٌ عاطفيًا ويحتاج للشراب كي ينسى إحباطاته، أو قصة الفيلم تُصوره قطًا إرستقراطيًا يدخن السيجار. وقد حدا ذلك مستخدمي موقع Common Sense Media الأمريكي بأن يوصوا بأن يتم تصنيفه بأنه PG أو من نوعية الأفلام التي يجب مشاهدتها بصحبة الإرشاد الأبوي. 5. خيانة تقوم حبكة سلسلة توم وجيري على علاقة صداقة استثنائية بين قط وفأر، وهما في الحقيقة من ألد الأعداء؛ فالقط غالبًا يتغذى على الفئران، إلا أن القصة تقوم على هذه الصداقة التي تدفع جيري غير مرة لإنقاذ توم، والذود عنه ضد قطط الشارع، وتعاون الاثنين على تحرير المنزل الذي يسكنانه من أي معتدي قد يتسبب في طردهما سويًا. بالرغم من ذلك فإن طبيعة توم تغلبه أكثر من مرة، ليعود ويحاول أن يأكل صديقه على غداء أو عشاء حينما يغلبه الجوع، أو يستعين جيري بمكره لأن يُطرد توم من المنزل، الذي بدوره يستعين بكل الحيل، ومنها شراء كتاب «كيف تصطاد فأرًا» لصيد صديقه في فيلم The mouse Trouble.