قال النحات والفنان التشكيلي المغربي عبد السلام أزدم إنه “على الرغم من أن المغرب لا يتوفر على أكاديمية الفنون، والوضع الثقافي لا يشجع على الارتقاء بالفن، وإعلاميا النحت غير مرغوب فيه، ولا يساعد السياق العام على نشر ثقافة فن النحت، إلا أن التشكيل النحتي كمدرسة كبيرة لتربية الذوق بشكل تلقائي، يمكنه أن يربي الذوق وروح المواطنة عند المغاربة.” وأكد أزدم في تصريح خص به “برلمان.كوم” أنه مع الأسف الدولة لم تعطي أهمية كبيرة للفن، ومشكل الفن والثقافة بشكل عام في بلدنا تعكسه ميزانية وزارة الثقافة التي لا تتعدى واحد في المائة من الميزانية العامة، أما عندما ننتقل إلى الفنون البصرية لا قيمة لها لأن مدرسة الفنون قد أقفلت منذ سنوات، وبخصوص المدارس فإن وضعية الأساتذة مزرية والمشتغلون في هذا المجال يعانون، لأنهم يعملون في قسم متعدد التخصصات، يتوفر فقط على طباشير، في حين أن أقسام التربية الفنية تحتاج إلى لوجستيك خاص. إحدى منحوتات الفنان عبد السلام أزدم وعن بداياته ومساره الفني قال أزدم “منذ صغري كنت أشتغل على المادة بنماذج صغيرة des petites maquettes وكنت أقوم بأعمال يدوية ، وأول جائزة لي كانت في الابتدائي الأول عندما كانت المدارس لازالت تحت النظام الفرنسي، إذ تم تتويجي بعد أن صنعت سمكة من ورق”، بعدها في السنة الثانية ثانوي بدأت في صنع منحوتات وأول منحوتة لي اشتراها فرنسي من معرضي الصغير بالثانوية التي كنت أعمل فيها، وهذا الحدث كان الفتيل الذي أوقد نارا وحرباً ضدي وضد فني من قبل الإدارة، التي طلبت مني توقيف معرضي الذي عرضته في قاعة الأساتذة، وعلى الرغم مما واجهته، إذ أن هذه الواقعة تسببت في حرماني من استكمال دراستي الفنية في باريس، بسبب المدير لم يكتفي فقط بعدم إمضاء الورقة التي تسمح لي بالذهاب لاستكمال الدراسة، بل حرض كل الأساتذة على إمضاء عريضة ضدي، مما اضطررني بعدها للتوجه للدراسة في علم الاجتماع، أما الفن فدرسته لوحدي، إذ واجهت المشكلة بمقاومة أكبر، ورغبة أعمق في إيصال فني والاستمرار في رحلته، التي توجت في 91 بمعرض في مدينة الدارالبيضاء الذي حضرته وسائل الإعلام الوطنية. لتكون بعدها انطلاقة لمعراض فردية، إلا أنه توقفت قرابة 10 سنوات أي ما بين 2000إلى 2009 بسبب مرض منعني من الحركة، إلا أنني بعد ذلك عدت للفن واسترجعت الحياة من خلال معارض في 2010. الفنان عبد السلام أزدم وأوضح أزدم أن “كل المغاربة عند سفرهم إلى أوروبا، ليحددوا موقع سفرهم والبلد الذي يتواجدون فيه يأخذون صور مع منحوتاته، وهذا يوضح أن في للاوعيهم هناك عشق للمنحوتات، إلا أنه وبسبب غياب ثقافة النحت والمنحوتات في السياق العام المغربي لا يهتم المغاربة بهذا الفن، والدليل على ذلك أننا منذ طفولتنا لا نفتح أعيننا في الفضاء العام على فضاءات فنية تحوي النحت والخضرة، لذلك فاليوم إذا غرست شجرة يتم اقتلاعها، وإذا وضعنا منحوتة يتم التبول عليها وإهمالها. بمعنى آخر غياب ثقافة تربية الذوق في الأزقة والشوارع أنتج لنا ما نراه اليوم، والدولة بالإضافة إلى الإعلام مسؤولين، وحتى الناس لا يمكنهم الاهتمام بالفن أو المعارض لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وأضاف أزدم أنه فيما يخص أصحاب القرار فهم لا يفكرون بما في ذلك وزارة السياحة والتجهيز لا يفكرون بمنطق أن المنحوتات جزء من هوية البلد، ويمكنها أن تكون سفيرته الدائمة للفن والإبداع، ففي فرنسا المنحوتات لديها بعد سياحي، وفي إسبانيا تدر على الدولة ملايين من الدولارات بفضل السياحة، الذوق مراس يتطلب العمل، واليوم وسائل الإعلام لها سلطة في المساهمة في تربية الذوق، وحتى الإرث يمكننا تحوله، وعلى سبيل المثال نجد في الطبخ تغييرا جذريا في العادات ويعود ذلك إلى الإعلام من خلال شخصيتين بارزتين، فبرجاج ساهم في دمقرطة “الشباكية” التي كانت حكرا على طبقة دون أخرى، وشميمشة التي أدخلت على الطبخ المغربي تقنيات دولية، لم يكن المعاربة ليقبلها يوما لولا الإعلام.