في الوقت الذي تأكد جليا حجم الحقد والحنق الذي تكنه مؤسسة دستورية مهمة من حجم المجلس الوطني لحقوق الإنسان اتجاه المؤسسات الأمنية في المغرب، على شكل مواقف وتصرفات، آخر ما يمكن أن توصف بها أنها تجانب الحد الأدنى للشعور الوطني، ظهرت على الساحة قبل أيام مواقف متباينة ومتباعدة عما يؤمن به ادريس اليزمي صاحب المجلسين، صادرة هذه المرة عن مجلس حقوق الإنسان الجزائري، نظير المجلس المغربي. فبعد أن كان التقرير الشهير الذي صاغه مجلس اليزمي بخصوص مدعي التعذيب من معتقلي الحسيمة، ضاربا طولا وعرضا في نزاهة عدد من المؤسسات الأمنية والقوات العمومية من شرطة ودرك، خصص في المقابل مجلس الجزائر لحقوق الإنسان، الذي أنشئ فقط العام الماضي وفق دستور الجزائر ل 2016، ناسخا نفس الفكرة المغربية التي جاء بها الدستور المغربي ل2011، بلاغا “للتنويه والتقدير” بما أحدث مؤخرا في الجزائر تحت اسم “مكتب مخصص لحقوق الإنسان” من طرف “المديرية العامة الجزائرية للأمن الوطني”. وقد جاء بلاغ مجلس الجزائر ليقول إنه “يحرص على تحية المبادرة التي قامت بها المديرية العامة للأمن الوطني بإحداث مكتب مخصص لحقوق الانسان، والتي تمثل بدون شك ارادة سبق وضعها حيز التنفيذ من قبل هذه المؤسسة الامنية بالامتثال في ممارسة مختلف مهامها لمبادئ حقوق الانسان المنصوص عليها في مختلف الصكوك الدولية والاقليمية المخصصة لهذه المسألة الهامة المتصلة بكرامة الانسان”. نعم يا سادة هذا بلاغ مجلس “حقوق الانسان” في الجزائر، وهذه مضامينه المشيدة بدور المؤسسة الأمنية الجزائرية، كتب ونشر على مرأى ومسمع العالم، الذي يراقب حجم الانتهاكات الصارخة في حرية التعبير داخل تراب الجزائر، والتي سجن لأجلها الآلاف من أبناء الجزائر، وهُجّر الآخرون منهم إلى خارج وطنهم، بتهمة الرأي والدفاع عن حقوق البشر. نعم يا سادة إننا بالمقابل نجد مجلسنا الموقر، الذي قرر نزع رِبْقة الوطنية والدستورية عنه، لينهال على المؤسسات الأمنية، بكل ما يملكه من تاريخ العداء الحقوقي لها، المتشبع به من زمن الجمعيات المسترزقة من حقوق الناس. للتذكير، لا زال المغاربة ينتظرون التقرير النهائي حول أحداث الحسيمة الذي وعد به مجلس اليزمي، ولا يفهمون كيف تم إعداد التقرير الذي قيل إنه غير نهائي بسرعة البرق وتم تسريبه للصحافة، فيما مر حوالي شهر ولم نسمع كلمة واحدة عن التقرير النهائي المفترض.