وجد ادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومعه محمد الصبار الأمين العام لذات المجلس، أنفسهما في موقف محرج لا يحسدان عليه، خاصة عندما دخلت مديرية الأمن الوطني على خط تسريب وثيقة داخلية لمجلس حقوقي موجهة إلى جهة معينة، وعبّرت عن رفضها القاطع لما أسمته ب "الاتهامات والمزاعم الموجهة لمصالحها وموظفيها، استنادا إلى وثيقة جزئية منسوبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان". وانفجر عبد اللطيف الحموشي المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني في وجه مسؤولي المجلس الوطني لحقوق الإنسان ببلاغ ناري عقب تسريب هذه الوثيقة التي تتعلق بمزاعم التعذيب قد تكون لحقت ببعض معتقلي الحركة الاحتجاجية بالحسيمة، وتأكيده على أن المديرية ستجيب على جميع الادعاءات التي وردت في تلك الوثيقة، حال توصله بها رسميا من الجهة التي أعدتها أو صدرت عنها، من منطلق احترامه التام للقانون. وعلى الرغم من مسارعة مجلس اليزمي بتوضيح الموقف بأنه استغلال لبعض الشذرات من وثيقة داخلية أدت إلى استنتاجات لم يخلص إليها العمل المنجز من قبل الخبيرين المكلفين من قبل المجلس بشأن الثبوت القطعي لتعرض كل المعتقلين الذين تم فحصهم والاستماع إليهم للتعذيب، إلا أن الأمر لم يكن كافيا خاصة بعد أن وجهت الوثيقة اتهامات مباشرة لرجال الحموشي بضلوعهم في عمليات تعذيب المعتقلين. محمد النشناش منسق المبادرة المدنية من أجل الريف، التي زارت الحسيمة وأصدرت تقريرا بهذا الخصوص، عبّر في تصريح ل "الأيام 24"، عن أسفه حول "الاختلاف" الحاصل بين مؤسستين وطنيتين بهذا الشأن، حيث قال "نتأسف لما يحدث لأن مؤسستين وطنيتين تختلف في وصف الحقيقة لما يجري في الحسيمة". وأضاف النشناش، فيما يخصنا نحن كمبادرة مدنية من أجل الريف، زرنا الحسيمة وبعض المعتقلات في السجون، ونؤكد ما قلناه سابقا، هو أنه كانت سوء معاملة إبان الاعتقال بالضرب أحيانا والجروح الخفيفة، ولكن لم يتأكد أن هناك نوع من التعذيب مورس في حق أي من المعتقلين في الاحتجاجات. وتابع المتحدث "التعذيب يمارس على شخص معين في ظروف قاسية لأجل الاعتراف بحقيقة ما ومن خلال التعريف الدولي للتعذيب فإنه لا يمكن أن نسقطه على هؤلاء، وأضاف "نعم كانت هناك سوء معاملة وسب وقذف ومس بالكرامة المتعارف عليه لكن لم نلمس وجود أي تعذيب وفق ما هو متعارف ليه عالميا". ويرى النشناش في تصريح للموقع، بأن الوثيقة المسربة حول وجود تعذيب في حق المعتقلين في الحسيمة، لم يتم التأكد من صحتها بعد، كما أنها ليست رسمية ولم توجه إلى جهة معينة، وبالتالي، يؤكد المتحدث نفسه "هناك تشكيك في مصداقيتها، أو وقع نوع من التغيير في النص الحقيقي وبالتالي لا يمكن أن نحكم عليها بمنظور نهائي". واستطرد النشناش قائلا "أما إذا كانت حقيقية، فالمشكل ليس في تسريبها، المشكل في مضمونها، وبالتالي فنحن نتحفظ عن مضمونها حتى نرى النتيجة النهائية لتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لذلك، يضيف المتحدث "أؤكد أن هذا أمر بين المؤسسات يجب تدارسه بهدوء ورزانة دون أن ننشر غسيلنا في الساحة العامة". وبخصوص ردة فعل الحموشي القوية اتجاه وثيقة المجلس المسربة، قال النشناش، أن المغرب الآن يوجد تحت مراقبة عدد من المنظمات الدولية والحكومية وينتظرون أي شيء سلبي لتصيده من أجل المس بسمعة المغرب وكرامته، لهذا إذا كان المدير العام للأمن الوطني قد خرج بهذا البلاغ فهو أولا أحس بأن هذا يمس سمعة المغرب وثانيا يمس بسمعة رجال الأمن الذين يبذلون جهودا لأجل استتباب الأمن، وبالتالي فمن الطبيعي أن يدافع عن كرامة رجاله وهذا حقه، حسب تعبيره.