لم يكن انتظار رئيس الحكومة السابق والمعفى عبد الإله بنكيران لما يزيد عن 48 ساعة، من أجل السماح ببث كلمته التوجيهية المصورة التي خص بها شبيبة حزبه السبت الماضي ببوزنيقة، بريئا، خصوصا وأنها حملت من الرسائل للخصوم الشيء الكثير، في ظرفية متسمة بنزاع داخلي بحزبه حول الظرفية السياسية التي يمر منها. بنكيران ابتدأ كلمته برفع التحدي في وجه أعادئه السياسيين، مرورا بتوجيه مناضلي حزبه للدعم النقدي لحكومة العثماني رغم معارضتها، مثيرا الانتباه إلى أنه من الممكن أن يعود لقيادة الحزب. واعتبر بنكيران في كلمته التي لم تبث سوى ليلة أمس الاثنين، عبر قناة حزبه الإلكترونية أن “من يعتقدون -من داخل الحزب- بأن المرحلة التي مرت بحزبنا مرحلة عادية، مخطئون، إذ أن الحزب مر من ظروف شديدة وقاسية جدا.. وقد تقبلنا الإعفاء وتقبلنا البلوكاج، كما أن هناك إجماعا على أن العدالة والتنمية خسر المعركة”. بنكيران تحدى بكل يقين المشككين في نوايا الحزب بالقول “لو ثبت أننا آذينا الوطن مرة واحدة، لدعوت إلى حل الحزب”. وتابع بنكيران بلهجة تحمل رائحة التآمر عليه وعلى حزبه رغم الخدمات التي قدمها للدولة، قائلا: “وقفنا عندما كان الوطن في خطر عام 2011، وساهمنا في إنقاذ البلد، وإذا افترضنا أن حياتنا السياسية أو حتى الطبيعية توقفت، فقد قدمنا اليوم لبلادنا أشياء محترمة.. ومازالت هناك سنة التدافع، بيننا وبيننا الآخرين، وأيام الله طويلة، ولا يمكن أن تمر الأمور كل مرة بشكل عادي”. وحول ما إذا كان سيلجأ للراحة من العمل السياسي بعد صدمة الإعفاء وما تلاها من نتائج تشكيل الحكومة التي كانت بمثابة صدمة أخرى لأتباع الحزب، قال بنكيران “الظروف التي مرت منها المرحلة لا تسمح لي بالراحة، وقد وجدت نفسي مقيدا بوعود وعهود قطعتها على نفسي للمواطنين كي استمر معهم حتى النهاية، بدءا بالقروي والقروية ووصولا للمفرنس، والذين وثقوا بنا وأعطونا أصواتهم”. بنكيران الذي كان يتحدث لشبيبة حزبه بحضور ادريس الأزمي القيادي بالحزب عمدة مدينة فاس، وخالد البوقرعي رئيس شبيبة الحزب، قال بالحرف “لن أستسلم ولن أضع يدي.. يمكن أن أكون أمينا عاما بالحزب، ويمكن ألا أكون، وكذلك الأمر بالنسبة لأي منصب آخر في الحزب، لكني سأشتغل من أي موقع كنت فيه”. بنكيران وجه رسائل مباشرة لمحيط الدولة بالقول “لسنا ثوريين ولن نقوم بالثورة، لأننا غير مقتنعين بإثارة الفوضى والعواطف في بلادنا.. قرار رئاسة الحكومة (القرار الملكي بإعفاء بنكيران من التكليف بتشكيل الحكومة، وتعويضه بالعثماني) قرار خطير ولن نقوم بالثورة عليه ولن نبيع أنفسنا ولن ننبطح”. وأضاف “ليس هناك أرقى مما قام به أعضاء الحزب، من عدم التعبير عن غضبهم من إعفائي، ولا يوجد مثيل له لا في سويسرا ولا في أي مكان.. وإذا كان هناك من يريد الاعتداء علينا رغم قيمنا ومبادئنا فمرحبا ليتفضل”. بنكيران عبر عن موقفه من الإعفاء بالقول “نحن مع دولتنا ومن أنصارها، ونريدها أن تكون قوية رغم أنها تظلمنا أحيانا، لكن الدولة عندما تتقوى نكون بدورنا أقوياء”. وحول موضوع الحكومة قال بنكيران “كنت سأقوم باستوزار تقنوقراطيين ذوو كفاءات من أجل تقوية الحزب، إذا ما شكلت أنا الحكومة، لأن الأحزاب تكبر باستقطاب الكفاءات من خارجها وليس بمبدأ أخذ النصيب.. نحن حزب كريم ولسنا حزبا شحيحا، ولكن في إطار من الكرامة”. وتابع بنكيران معلقا على حكومة العثماني “إلى حدود تعيين سعد كل شيء كان عاديا لكن ما وقع بعد ذلك فيه كلام.. لكن رغم ذلك فالحكومة يترأسها سعد الدين العثماني وهو رئيس المجلس الوطني، وهو منا ولا يجب أن نتنكر له.. لذلك اتركوا الحكومة محاولتها للاشتغال”.