مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب في إطار قراءة ثانية    بموافقة 84 برلمانيا ومعارضة 20 .. النواب يصادقون على قانون الإضراب    الراشدي: الشباب الفئة الأقل ثقة في المؤسسات ويعتبرون أن السياسات العمومية غير جادة في مكافحة الفساد    مجموعة إسبانية تعتزم افتتاح منتجع فاخر في طنجة    "وسط صمت الدول العربية".. ترامب يعلن عزمه تولي السيطرة على غزة ويجدد الدعوة لترحيل سكانها إلى دول مجاورة    منصة "واتساب" تعلن عن تحديث جديد لتشات جي بي تي داخل تطبيقها    نتنياهو: إسرائيل لن تتراجع عن أهدافها ولن تسمح ببقاء حماس في غزة    الناشط إسماعيل الغزاوي يعانق الحرية اليوم بعد تخفيض عقوبته الحبسية    الخنوس يتوج بجائزة أفضل موهبة في الدوري البلجيكي للمرة الثانية    رونالدو بعد بلوغ سن الأربعين: أنا أعظم لاعب في التاريخ    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جامعة عبد المالك السعدي تعزز البحث العلمي في مجال القنب الهندي باتفاقية جديدة مع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالنبتة    توقيف شخص بطنجة متورط في النصب والتزوير وحجز مئات الوثائق التعريفية بحوزته    انحراف حافلة يخلف قتيلة ومصابين    انتقادات لعدم تنفيذ الحكم ضد المتهمين في قضية "كازينو السعدي" رغم صدور قرار النقض    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    أولمبيك آسفي يتمسك بمدربه أمين الكرمة بعد فترة توتر    لقجع: المداخيل الضريبية سجلت نسبة إنجاز بلغت 110,8 في المائة    بوانو يرد على الطالبي بعد تصريحه حول "خيانة الانسحاب" من التصويت على قانون الإضراب    انتحار ستيني في ظروف غامضة بحي الديزة بمرتيل    تنقيط لا يليق بالحارس الرجاوي أنس الزنيتي في مباراته الأولى مع الوصل    "كاف" يعلن مواعيد قرعة ربع نهائي أبطال أفريقيا والكونفدرالية    بلقاسمي: ملعب الرباط سيدخل كتاب " غينيس"    ميلان يعلن تعاقده مع جواو فيلكس على سبيل الإعارة    الريفي يستعرض بباريس الأهمية الاستراتيجية للفلاحة بالمغرب ودورها الاقتصادي والاجتماعي    فورد تعلن عن عودتها إلى الفئة الملكية لسباقات التحمل    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    كيوسك الأربعاء | إطلاق الدعم لفائدة المقاولات المستفيدة من "صندوق التحدي 2"    أسعار الذهب ترتفع إلى مستوى تاريخي جديد    البريد بنك يحصد 3 ألقاب في Les Impériales 2025    نقطة نظام.. المغرب إلى أين؟    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    النصب على ضحايا زلزال الحوز يُورّط مقاول ونائب رئيس جماعة وموظف    حزب "التقدم والاشتراكية" ينتقد سياسات الحكومة ويؤيد الإضراب الوطني العام    سياسات ترامب الحمائية هل ستؤدي إلى حرب تجارية جديدة؟    الولايات المتحدة.. مجلس الشيوخ يؤكد تعيين بام بوندي في منصب وزيرة العدل    بلغ عددهم 67.. فرق الإنقاذ تعثر على جثث جميع ضحايا تحطم طائرة واشنطن    الحكومة حريصة على توفير المواد الاستهلاكية بوفرة خلال شهر رمضان المبارك    ترامب يوقع على أمر تنفيذي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان    وصلة إشهارية تضع "وفاكاش" في مرمى انتقادات التجار والمهنيين    خلال جلسة مساءلة أخنوش في المستشارين... حزب الاستقلال يؤكد على وفائه لحلفائه في الحكومة    أخبار الساحة    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    بنسعيد يعلن عن تقييد مآثر جديدة    الصناعة السينمائية المغربية تحقق أرقامًا قياسية في 2024    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    تنظيف الأسنان بالخيط الطبي يقلل خطر السكتات الدماغية    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي شرعية للزعامات في ظل اختطاف الأحزاب؟
نشر في برلمان يوم 21 - 06 - 2016

لا تتوقف الزعامات الحزبية، حكومة ومعارضة، عن ترديد امتلاكها ل “الشرعية” دون أن تعي أنها تُعلّق نفسها بحبل متآكل سيهوي بها، حيث توجه رسالة مستفزة إلى المجتمع لا تحمل أي بصيص أمل للذين أوصلوها إلى المقاعد التي تحتلها الآن في سياق غير ديمقراطي… فهي لا تعي أن الشرعية ليست مجرد كلمة تطلق في الهواء، بل هي محتوى ومضمون، كما أنها ليست صكّا أبديا للبقاء على رأس أحزابها ولو إلى نهاية ولايتها. وفي هذا الإطار، تحضرني إحدى افتتاحيات صحيفة “نيويورك تايمز“، في عام 1996، تضمنت تعليقا على تصريح للرئيس ” بيل كلينتون”، نعت فيه كاتبه أن هذا التصريح مخالف للقانون، ولو أنه صدر بشكل عفوي دون أن يعي ذلك، حيث ورد في الافتتاحية ما يلي: لقد اختار الشعب الرئيس من أجل أن يحقق له مطالب وأهدافاً محددة، وإذا فشل في ذلك أو أخطأ، فمن حق الشعب أن يزيحه من مقعده، ويأتي برئيس آخر.
إضافة إلى ذلك، فل “الشرعية” دلالات رمزية، أهمها شعور الرئيس بأنه آمن وسط شعبه. وفي هذا الإطار، تحتفظ الذاكرة التاريخية بمشهد وقع في فيينا، تحدثت عنه صحف العالم حينذاك، حيث نشرت أن رئيس جمهورية النمسا كان يغادر قصر الرئاسة، راكبا على متن دراجة، متجهاً إلى بيته القريب من القصر، والمواطنون يشاهدونه راكباً دراجته، في مشهد بدا عاديا لا يثير الانتباه. كما تنتشر في موقع الفيسبوك، في أيامنا هذه، صور عديدة مماثلة، منها صورة رئيس وزراء هولندة وهو يتوجه إلى مقر وزارته على متن دراجة، دون أن يسترعي انتباه أحد، أو يطارده أحد، وصورة المستشارة الألمانية ” أنجيلا ميركل” وهي تصعد درج العمارة التي تقطنها، متجهة إلى شقتها التي لم تغيرها رغم وصولها إلى قمة هرم السلطة في هذا البلد، الخ. وهي مشاهد يتداولها المغاربة روادُ هذا الموقع، الذين بلغ عددهم اليوم 7 ملايين عضو فيه. في المقابل، أصبحت الزعامات الحزبية في المغرب تتعرض للاحتجاجات كلما حضرت تظاهرة أو تجمعات شعبية، لدرجة أنها صارت تحيط نفسها بحراس حتى في اجتماعاتها الحزبية الداخلية…
يعني ذلك أن الزعيم السياسي عندنا قد تأكد من وجود سخط عام على أدائه. علما أن هذا السخط في نهاية المطاف لا يعدو أن يكون ترجمة للقاعدة الدستورية القائلة بأن الشعب هو مصدر السلطات.
لا يختلف سائر المتتبعين على أن الانتقال الديمقراطي في بلادنا قد فشل، وأننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاستقرار السياسي والدستوري. وهي مرحلة تقتضي توافقا بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية، وعدم انفراد إحداها دون الأخريات بوضع قواعد الانتقال إلى مرحلة “الاستقرار”. في هذه الوضعية، يكون التوافق اختيارا ضروريا للبناء الديمقراطي… لكن ذلك يفترض وجود أحزاب وتعددية فعلييين، وهو ما لا نتوفر عليه في بلادنا، حيث لم يعد خاف على أحد أن تدخل السلطة في الحياة الحزبية والمجتمعية قد جعلها قادرة على تنصيب زعاماتها بأساليب شتى، ما جعل هذه الزعامات مجرد دمى في يدها. ولكي تصل السلطة إلى هذه النتيجة، فقد أنفقت وقتا طويلا وصرفت مجهودات كبيرة وسخرت إمكانيات ضخمة…
لقد التزمت الزعامات الحزبية إبان حملاتها الانتخابية بالوفاء بوعودها، لكنها لم تفعل، بل أجهزت “الحكومة”على حقوق الشعب المغربي وعمقت معاناته ورجعت به القهقرى، كما لجأت “المعارضة” إلى بعض المناوشات الشكلية لإخفاء مسايرتها ل “الحكومة”، حيث لم تطرح الأسئلة الحقيقية التي تفرضها الأوضاع المؤسسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ببلادنا. ويعود ذلك إلى أنه لا وجود عندنا لمعارضة ولا لأغلبية لأنهما، لا تتمتعان بالاستقلال عن السلطة، وتخدمان المؤسسات المالية الدولية في المقام الأول، بل إن ما يصدر عنهما هو مجرد صراخ خال من أي معنى وليس له أي مصداقية، إذ هو مجرد خداع ونفاق وكذب وبهتان… وبذلك تحول “البرلمان” إلى مجرد سرك كبير يكشف قدرة السلطة على ترويض الزعامات الحزبية ومسخها…
لقد تم اختراق الأحزاب السياسية في المغرب بغية تجهيل زعاماتها من أجل التحكم فيها واتخاذها مطية لتمرير القرارات المرغوب في اتخاذها… لكن ما تتجاهله السلطة هو أن تجهيل الحقل الحزبي يفضي إلى تجهيل المجتمع والدولة ومؤسساتهما، ما قد ينعكس سلبا على السلطة ويصيب كافة المؤسسات بالتكلس والجمود، فيضعف الوطن والمجتمع والسلطة في آن. فعندما تتآكل مؤسسات المجتمع، لن تصير هناك دولة ولا سلطة، إذ لا يمكن أن تكون هناك دولة بدون أحزاب سياسية وتنظيمات مجتمعية، كما أنه ليس هناك سلطة ولا نظام بدون مجتمع ولا مؤسسات…
تبعا لذلك، لن يخدم القضاء على المأسسة، السلطة ولا الدولة ولا الشعب ولا الوطن في شيء، لأن المأسسة لا تنهض على الجهل أو الفراغ أو التضليل. وبما أن السياسة التي تنهجها السلطة عندنا هي ضد المأسسة، فإن ذلك قد يحُول بينها هي نفسها وبين أن تصير مؤسسة بالمعنى الحقيقي والعصري للكلمة. فلكي تكون كذلك، لابد لها من أن تقبل وتوفر الشروط لوجود مؤسسات فعلية أخرى وإشراكها في كل القرارات التي تهمها لكي تتحول التنظيمات السياسية والمجتمعية إلى قواعد اجتماعية قوية ودعامات صلبة للنظام السياسي… بدون ذلك، لن يكون هناك انتقال إلى مرحلة الاستقرار السياسي والدستوري…
عندما يتم تجهيل الزعامات الحزبية والمجتمعية، فهي تصير عاجزة عن الإنتاج الفكري والتأطير، فتتحول التنظيمات السياسية والمجتمعية إلى بنيات فارغة، بدون لحمة توحد نسيجها ولا فكر ولا قيم ولا مشروع يجمعها. هكذا أصبحت الزعامات عندنا خاوية الوفاض بدون قواعد اجتماعية، حيث غادرتها الفئات الوسطى والمثقفون…، فأصبحت تلجأ إلى شراء الأصوات في كل المناسبات الانتخابية، وإلى دفع الأموال لضمان حضور الناس في تظاهراتها، وإلى شراء الذمم داخل أحزابها لكسب أصواتهم بهدف البقاء على رؤوس أحزابها، ما جعل الفيل يدوس الوردة دون أن يعي أن الطبيعة ستنتقم منه…. وبذلك، غابت المبادئ والقيم، وأصبحنا أمام فراغ سياسي مرعب قد تكون له عواقب وخيمة – لا قدر الله – ما لم نبادر بحماية استقرارنا ووطننا وأنفسنا عن طريق التحديث والبناء الديمقراطي الفعليين…
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن مواقف صاحبها ولا تلزم موقع برلمان.كوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.