يبدو أن الجزائر، سواء الحكومة أو وسائل الاعلام التي تدور في فلكها، ترى بأن جميع المشاكل، التي تطوقها سواء منها السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الدينية، سببها المغرب، الذي تعتبره كابوسا وسببا رئيسيا في معاناتها. فبعد أن انتهت، بالكاد، من حملتها العدائية ضد المغرب بخصوص المواجهة بين الرباط والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وبعد أن وجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى الفرنسيين بسبب دعمهم للمغرب، ها هي، مرة أخرى، تضفي على الزيارة التي سيقوم بها الوزير الاول الفرنسي مانويل فالس، ابتداء من اليوم السبت، طابع التوتر. فقبل أن تطأ قدماه التراب الجزائري، حرص المسؤولون الجزائريون، ومن خلفهم كالعادة وسائل الاعلام الموظفة من طرفهم، على التعبير عن امتعاضهم وغضبهم تجاه كل ما يتعلق بالمغرب سواء من قريب أو من بعيد. وفي هذا الصدد، تم التعبير عن خليط من مشاعر الاستياء والامتعاض، وهي مشاعر أضحت مألوفة لدى السلطات الجزائرية، لدعم باريس الواضح للمغرب في قضية الصحراء، وللتعامل المميز مع المغرب وتفضيله من حيث الاستثمارات -حالة مصنع السيارات (رينو)- قبل أن يتم التأكيد على التعامل السيء للصحافة الفرنسية تجاه الجزائر وذلك على عكس المغرب. وقد جاء هذا الموقف الاخير، بعد قرار ست وسائل إعلام فرنسية بارزة مقاطعة تغطية زيارة الوزير الاول الفرنسي إلى الجزائر تضامنا مع صحفيي “لوموند” و”كنال بلوس” اللذين رفضت السلطات الجزائرية منحهما التأشيرة. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن لا يتم الإشارة إلى المغرب من أجل المقارنة، كما فعلت وسائل إعلام جزائرية من بينها موقع “تي إس أ” الالكتروني الذي أبرز أن موقف وسائل الاعلام الفرنسية يتعارض مع حالات مشابهة آخرها طرد المغرب هذا الاسبوع لفريق صحفي تابع ل”لوبوتي جورنال” ثم طرده لمجموعة من المحامين الفرنسيين الذي قدموا إلى المغرب لمناقشة مصير حوالي عشرين من السجناء الصحراويين منذ سنة 2013. وحسب الموقع الالكتروني الجزائري، فإن هذه الملفات خلفت أصداء خافتة في الصحافة الفرنسية مع عدم التعبير عن أية إدانة أو مقاطعة للمغرب، مع أن الامر غير صحيح لأن المغرب تلقى انتقادات، لكن الاختلاف يتجلى في كون المغاربة يؤمنون بحرية التعبير وحرية الصحافة. ووفق هذا الموقع، فإن ردود فعل وسائل الإعلام (الفرنسية) غير متناسبة. ويوضح كيف أن صورة الجزائر سيئة في الصحافة الفرنسية، وكيف أن الهجوم على الجزائر أسهل من الهجوم على المغرب أو إسرائيل على سبيل المثال. وأشار إلى أن شعورا بكراهية الجزائر ظهر منذ سنوات في فرنسا وأنه لا يقتصر فقط على الصحافة. ومن خلال تعودهم على الاعتقاد بأن كل الشرور تأتي من الجار الغربي –المغرب- أصيب القادة الجزائريون والمتحدثون باسمهم بمرض جنون الارتياب (البارانويا). لذلك وجب تحذيرهم بأن إجراء المقارنة تلو المقارنة لا يجلب سوى الاصابة بأمراض نفسية يصعب علاجها.