جنرالات الجزائر، الذين يحكمون فعلا وهم من يعين الرئيس الذي يجلس في كرسي قصر المرادية، لا يستحيون. يعرفون جيدا أن عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري لحد الساعة، لم يعد قادرا على أداء وظائفه البيولوجية فبالأحرى أداء الوظائف السياسية. ومن "لم يخرج من الدنيا لم يخرج من عواقبها". لا نريد أن نتشفى في رئيس جمهورية ولكن جنرالات التآمر والنهب يريدون الانتقام منه بعد أن مسحوا به "حيطان" حكمهم، ولا يريدون أن يدعوه يموت موتة طبيعية ولكن يرغبون في أن يرموه مثل منديل ورق. لو كان هؤلاء يحترمون الصفة الآدمية للرجل لتركوه بعيدا عن أعين الناس، والكبر ليس عيبا، ومن عاش "يعمر فيهرم" على حد قول أبي العلاء المعري، لكن لكل زمان رجاله، ولكل مقام من يقوم بمهامه، فكيف يُعقل أن يقوم بمهام رئيس الجمهورية شخص لا يحرك يديه ويتكلم بصعوبة بالغة نتيجة الأمراض التي يعانيها؟ الجنرالات يخشون من التغيير لهذا اختاروا بوتفليقة رئيسا. طبعا رئيس ليس عاجزا عن الحكم نظرا لتحكم الطغمة العسكرية في دواليب الدولة، ولكنه عاجز نظرا لهذا التحكم وعاجز عن تمثيل دور الحاكم الفعلي للجزائر، وذلك بحكم وضعه الصحي الذي لا يحتمل حتى الزيارات الاجتماعية ناهيك عن زيارات الدولة، وما دامت هذه الطغمة متشبثة به رئيسا كان عليها على الأقل أن تخفيه عن الأنظار ويكفي أن يلتقي رئيس الحكومة الفرنسية برئيس الحكومة الجزائرية. رغبة العسكر في القتل التاريخي لبوتفليقة وجدت قبولا في الإعلام الفرنسي، الذي عانى من المنع الذي مارسته السلطات على بعض الصحفيين الفرنسيين، فأصبح بوتفليقة مادة دسمة ليس للأخبار ولكن للتهكم بطريقة مؤسفة لا يمكن أن ترضاها لأي مخلوق. لوبوتي جورنال، البرنامج السياسي الذي يجمع بين الجد والسخرية على كنال بلوس الفرنسية، خصص حصته ليوم 11 من الشهر الجاري لاستقبال فالس من قبل بوتفليقة. وإمعانا في الإضحاك تعامل منشط البرنامج بحنكة مع الحدث. ركزت كاميرا لوبوتي جورنال على وضع بوتفليقة الذي لا يستطيع تحريك يده ولسانه وعيونه. وقال المنشط ساخرا إن فالس أجرى محادثات مع بوتفليقة مع ما يقتضيه ذلك من سؤال وجواب وأخذ ورد. وكان يكرر هذه العبارة بينما الكاميرا مركزة على بوتفليقة الذي لا يكاد ينطق كلمة واحدة. وأنهى صاحب البرنامج الحصة بحديث فالس للصحافة، حيث قال إنه تباحث مع الرئيس الجزائري حول ملفات التعاون ضد الإرهاب والتعاون الاستراتيجي بين البلدين في المجالات الاقتصادية كما تناولا قضية سوريا. واستغرب كيف تم ذلك لأن بوتفليقة لم يتكلم؟