الوضع الصحي لعبد العزيز بوتفليقة لا يسمح حتى للعيش براحة ناهيك عن قيادة بلد. لكن هناك صنفان من الناس في القيادة الجزائرية. الصنف الأول يرى في بوتفليقة مرشحه الوحيد من أجل استمرار التحكم والصنف الثاني يريد أن ينتقم منه فيعرضه للسخرية. فالطريقة التي جرت بها حملته الانتخابية والتي مفادها "قال ليكم السي بوتفليقة" أو الطريقة التي جرت بها مراسيم الانتخابات توحي بأن من رسم هذا المخطط كمن يريد أن يستعرض كائنا غريبا في "السيرك".
لقد عرضوا بوتفليقة للمسخرة. ربما هو غير مسؤول عن ذلك لأنه قد لا يكون على وعي بما يدور حوله.
الإعلام الفرنسي الساخر الذي لا يهتم كثيرا بالخارج وجد في بوتفليقة موضوعا للسخرية السياسية. برنامج لوبوتي جورنال في كنال بليس خصص له ثلاث حلقات متتالية. وخصص حلقة متميزة عن يوم الانتخاب. وأجرى البرنامج مقارنة بين انتخابات 2009 وانتخابات هذه السنة. مع التركيز على إظهار بوتفليقة على الكرسي المتحرك والتركيز على الشخص الذي يحرك الكرسي، وكأنهم أرادوا أن يقولوا إن هناك من يحرك كرسي الحكم من الخلف.
في الانتخابات السابقة كان بوتفليقة يسير لوحده واليوم يحتاج لمن يساعده، ويصوت نيابة عنه أيضا. في الانتخابات السابقة دخل مكان التصويت لوحده واليوم دخل معه شخص آخر يبدو أنه من صوت نيابة عنه رغم أن القانون الجزائري للانتخابات لا يسمح بذلك.
ويذكر أن برنامج "فلوب تان 4" على القناة الفرنسية الثانية خصص حلقة للحديث عن بوتفليقة ويعتمد البرنامج، الذي ينشطه لوران روكيي وناتاشا بولوني، السخرية في التعاطي مع مواضيع الساعة، وجعل من موضوع ترشيح بوتفليقة موضوعا للسخرية، ولم يجد صعوبة في اقتناص الكلمات والألفاظ وقلب المعاني خصوصا وأن مرشح الرئاسة يعاني من مضاعفات مرضية خطيرة لا تمكنه من التحرك بحرية، بل لا تترك له الفرصة كي يقوم بأي عمل ناهيك عن تسيير دولة أو حتى الترشح للرئاسة. ووجد الإعلامي الساخر لوران روكيي في مرض بوتفليقة مادة دسمة أبكت الحضور ضحكا، حيث قال من سيوقع قبل الآخر، هل ورقة الترشيح أم بوتفليقة.
يبدو أن بوتفليقة أصيب بالخرف و"دار الضحك فراسو" فهو في حاجة إلى الراحة وليس في حاجة إلى رئاسة الجمهورية، التي ليست وظيفة لقضاء الوقت وانتظار الموت، ولكن موقعا لتحديد الاختيارات والتوجهات الكبرى للبلد. ورئيس الدولة في حاجة إلى لياقة لتمثيل البلاد أمام المنتديات الدولية وأمام رؤساء الدول.
ولعل السخرية السياسية وحدها أصبحت قادرة على فهم الواقع السياسي الجزائري، مادام جنيرالات الحرب الماسكين بمقاليد الحكم لا يفهمون لغة السياسة الدولية.