الخط : إستمع للمقال تمعن جماعة العدل والإحسان في انتهاج أسلوب الاستفزاز، تارة بالكذب، وتارة بالتبوحيط، وتارة أخرى بتجسيد دور الضحية التمثيلي على إسفلت الطرقات العامة. فقد التزمت القوات العمومية بتدبير التظاهرات المتضامنة مع فلسطين بشكل معقلن ورشيد، منذ ما يربو من أكثر من سنة تقريبا، وهو ما فوّت على جماعة العدل والإحسان وكورال الطابور الخامس فرصة الإساءة للمغرب ولمكتسباته الحقوقية ونصرته للقضية الفلسطينية. وقد اهتدت قريحة الكذب والبهتان عند العدل والإحسان مؤخرا إلى وسيلة جديدة لاستفزاز السلطات العمومية، ومحاولة جرها لمستنقع الضحالة التي تتخبط فيه الجماعة، إذ راهنت على الإغماءات التمثيلية والسقوط العرضي لبعض المشاركين في التجمهرات، مع تقديم ذلك على أنه "نتيجة تطويق وعنف أمني". ولماذا نجزم بأن جماعة العدل والإحسان تكذب وتفتري وتدعي الإصابات المفتعلة بشكل فج وسمج ومفضوح؟ بكل بساطة لأن مصالح الأمن لم تباشر أي تدخل أمني يوم أمس الأحد سواء بأيت ملول أو بمدينة مكناس، ولم توثق التسجيلات المنشورة أي تسخير لمعدات التدخل، باستثناء منع التجمهرات من أن تتحول لمسيرات ليلية تعرقل حركية السير والجولان. والمعطى الثاني هو أن من ادعى تعرضه للإصابة يوم أمس الأحد بأيت ملول، هما عبد الرحيم العسري، عضو الكتابة الإقليمية للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، ومصطفى بوخليفة، المسؤول الإقليمي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة بأكادير، وهو ما يجعلنا نتساءل بشكل مشروع : هل أعضاء العدل والإحسان هما من يتعرض للإصابات المفتعلة فقط دون غيرهم؟ مع أن هذه التجمهرات كانوا فيها أشخاص من هيئات أخرى غير دينية. وهل من يتعرض لمثل هذه الإصابات هم القياديون في الجماعة دون غيرهم من الأتباع والمريدين؟ مع أن تجمهر أيت ملول شارك فيه أكثر من تسعين شخصا محسوبا على جماعة العدل والإحسان!! فالأمر لا يتعلق هنا بترتيبات القدر أو تضافر الصدف التي تحصر الإصابات الكاذبة في "السدنة والمشايخ" فقط، وإنما هي خطة ممنهجة باتت تعتمدها جماعة العدل والإحسان لاستفزاز القوات العمومية، بعدما ضيعت عليها هذه الأخيرة فرصة "التبوحيط والتباكي أمام الرأي العام". أما المعطى الثالث الذي يزيد من فضح جماعة العدل والإحسان، فهو أن من ادعى الإصابة يوم أمس الأحد بمدينة أيت ملول ذهب إلى المستشفى، وتظاهر بتلقي العلاج، وعاد إلى الشارع العام من أجل مواصلة الكذب البواح في حيز زمني قصير جدا ! فهل من سالت دماؤه على الطرقات، كما ادعى ذلك المهداوي في حسابه الشخصي البعيد عن نشاطه الصحفي، يمكنه أن يعود من المستشفى للخطابة في الناس وتجييشهم ضد السلطات العمومية؟ وهل من تدفقت دمه يمكنه أن يضمد الجرح بسرعة دون أن تظهر عليه أية أثار بارزة للعنف!! ولمن يشكك في ذلك، يمكنه أن يطالع صور العسري وبوخليفة وهما يحملان ضمادات نظيفة غير ملطخة وكأنها هدية مقدمة من الأطباء وليس ضمادات لرتق الجروح. أكثر من ذلك، وبلغة عقارب الساعة، فالذهاب للمستشفى وانتظار الدور أمام الطبيب المعالج في يوم الأحد، ورتق الجروح، والعودة إلى مكان التجمهر يحتاج لساعات طويلة، لكن عند جماعة العدل والإحسان فإن هذه المسرحية كلها لم تستغرق سوى بضعة دقائق فقط! فهل أصبحت مستشفيات أيت ملول متطورة إلى الحد الذي تشتغل فيه المداومة الطبية يوم الأحد بسرعة البرق والبراق؟ أم أن الطبيب المداوم ينتمي هو الآخر لجماعة العدل والإحسان، وتعامل مع من يمثل دور الضحية المزعومة بمحسوبية مفرطة؟ والحقيقة أن لا الطبيب متحيز ولا المستشفى صار بهذه السرعة الخاطفة، وإنما هي مسرحية العدل والإحسان التي أصبحت ركيكة ومفضوحة وغير مؤسسة على عناصر درامية محبوكة. والمثير أن حميد المهداوي وهو يمارس النشر الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي، تماهى مع مسرحية العدل والإحسان حد الإيمان بالغيبيات، ونشر صور من انتقتهم عناية الجماعة لتجسيد دور الضحية. والأنكى من كل ذلك، أن حميد المهداوي نشر تلك الصور بجزم راسخ على أنها نتيجة العنف المشروع، ولم يمارس قط دوره الصحفي الذي يفرض عليه التقصي والتحري قبل نشر تلك الصور. بل تمادى حميد المهداوي في "مواراة" الحقيقة وطمسها، إن عن جهل أو عن عمد، وفي كلا الحالتين فالأمر جلل، وذلك عندما ادعى بأن فايسبوك قام بحذف صور مشايخ جماعة العدل والإحسان الذين تظاهروا بالإصابة بأيت ملول. فإدارة فايسبوك لها ميثاق أخلاقيات النشر على الصعيد العالمي، ولا تسمح بالنشر الواسع لصور توثق للعنف أو تتظاهر به، إذ تعمد لحجب تلك الصور وتترك للمشاهدين حرية الاختيار في الولوج إليها من عدمه. ولأن لا أحد يريد الحقيقة، خصوصا في معرض النشر الشخصي الذي لا يخضع لأخلاقيات مهنية، فقد ادعى حميد المهداوي بأن تلك الصور تم حذفها من طرف فايسبوك، والحال أن الصور تم حجبها في وجه العموم، مع ترك إمكانية مشاهدتها لمن أراد أن يضغط على زر التفرج على مسرحية العدل والإحسان. فهل يعلم حميد المهداوي هذه الخاصية التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي، احتراما لحرية المشاهدين، أم أن الحقيقة الزائفة التي تريدها جماعة العدل والإحسان هي نفسها التي ينشدها حميد المهداوي المدون في الشبكات التواصلية. الوسوم العدل و الإحسان حميد المهداوي