الخط : إستمع للمقال عنوان هذا المقال ليس مزاحا ولا عبثا. بل هو معاينة لحقيقة الواقع الذي عشناها في الأسبوع الماضي. ذلك أن الموقع الإخباري "هيسبريس" أجرى حوارا مع وزير العدل. وفي هذا الحوار طرح عليه الصحفي الأسئلة الراهنية وعلى الخصوص تلك المتعلقة بالخلاف حول مشروع المسطرة المدنية. ولاحظ كل المتتبعين لذلك الحوار أن وزير العدل كان يجيب على أسئلة الصحفي والتي كانت أحيانا محرجة لأنها نقلت ما يؤاخذ على الوزير من استعماله في مقال يحمل توقيعه من رد فعل اتسم بالعنف اللفظي، أقول كان يجيب بعبارات مختلفة كل الاختلاف عن تلك استعملها محرر المقال الذي كان يحمل توقيع الوزير. بل الصحافي وبمهنية عالية ذكره بالعبارات التي استعملت في المقال الذي حمل توقيعه وعلى الخصوص العبارات التي اتهمت المحامين بالابتزاز والتأثير على ممثلي الأمة. فنفى السيد الوزير صدور تلك العبارات عنه. كما هو واضح من جوابه المسجل في الدقيقة 10و50 ثانية. وهو النفي الذي عبر عليه وزير العدل بما يلي: (لا أنا مامشيشت إلى هذا الاتجاه كله). بعد هذه المقدمة وتبعا لما أكد عليه وزير العدل في حواره المشار إليه أعلاه من كونه يشجع النقاش العام. وقدم نفسه بصفتين: بصفته كمحامي، وصرح بكونه كان يتمنى أن يكون مشاركا في الوقفة التي نظمتها جمعية هيئات المحامين. وبصفته كوزير والتي أكد بكونه سيدافع على موقفه كعضو في الحكومة. وهو الموقف الذي يختلف فيه مع كل من عارض مشروعه للمسطرة المدنية. وبهذا التمييز فإن السيد عبد اللطيف وهبي قدم نفسه للرأي العام كرجل سياسة يدافع على توجه سياسي للحكومة التي ينتمي إليها. وهو التوجه الذي يذهب إلى أن الحل لكثرة الملفات المعروضة على المحاكم والتي ذكر أنها تصل إلى 5 ملايين قضية بينما لا تتوفر بلادنا إلا على ما يقارب من 3500 قاضيا. هو في تواجد المحامي لذلك يجب ترك المواطن يواجه وحده المساطر المعقدة أمام المحكمة عن طريق توسيع مجال المسطرة الشفاهية. أي المسطرة التي لا يكلف بها المحامي. وإحالة شرح وتفسير تعقيدات المساطر القضائية إلى القاضي الذي يبث في النزاع. مع أن القاضي لا يمكنه لا واقعيا ولا قانونا القيام بذلك. لا يمكنه واقعيا القيام بذلك لأن القاضي ليس له الوقت ليشرح لكل متقاضي على حدة أن عليه أن يدخل بعض الأطراف لكي تكون دعواه مقبولة. أو عليه أن يطعن بالزور الفرعي في وثائق خصمه وإلا سيحكم عليه بها مع أنها مزورة. ولا أن يصحح كمقاله بتقديمه للمحكمة المختصة. ولا أن يحترم الآجال المتعددة والمعقدة لرفع الدعاوى. ولا يمكنه قانونا القيام بذلك لأن القاضي لا يمكنه أن يفسر أو يساعد متقاض على ربح قضيته ضد خصمه. لأن ذلك سيفقده أهم عنصر في أهليته لتحقق العدالة. وهو حياد القاضي. كما أعلن وزير العدل بأن فريقه البرلماني سيحيل على مجلس المنافسة سؤالا حول أحقية هيئة معينة أن تحتكر ممارسة مهمة معين. وبطبيعة الحال فإن سياق حديث الوزير كان يتعلق بمهنة لمحاماة. كما عبر مرة ثانية عن رأي مخالف لرأي رئيس مجلس النواب حول كيفية عرض مشروع قانون المسطرة المدنية على المجلس الدستوري. كما جدد مرة أخرى بكون مشروعه غير مخالف للقانون وهو مستعد للدفاع عليه أمام المحكمة الدستورية. وهذه القضايا هي موضوع هذا المقال. علما أنه ستكون هناك مناسبة أخرى لإعادة التفصيل في المواد التي تمس بالحقوق الدستورية للمتقاضين والمواطنين على السواء. علما أن رأي الموقع أسلفه هو واحد من الآراء تحتمل الصحة أو غيرها. بخصوص تصريح الوزير برغبته في اللجوء إلى مجلس المنافسة. أكد وزير العدل في الحوار المشار إليه أعلاه أنه سيكلف فريقه البرلماني من أجل أن يعرض على مجلس المنافسة طلب استشارة تمكن أشخاص غير المحامين من ممارسة مهنة المحاماة. أي السماح لأي كان من أجل أن يحضر أمام القاضي ويمثل الغير في النزاعات أمام المحكمة بما في ذلك التمثيل من تحرير المقالات والمذكرات والمرافعة الشفوية أمام القاضي وأمام المحكمة الابتدائية والاستئنافية وأمام محكمة النقض. وذلك لأن المحامي يجب ألا يحتكر هذه المهمة. حسب رأي وزير العدل. ومن المفيد أولا التذكير أن كل محررات الجمعية أو النقابات المهنية ولم يسبق لها أن استعملت هذه العبارة أي عبارة (الاحتكار). وعيا منها أنها عبارة لا علاقة بممارسة مهنة الدفاع على حقوق الناس أمام المحاكم. وإنما هي عبارة من العبارات التي تستعمل في المجال الاقتصادي والتجاري. كتصرف ممنوع في هذه الأنشطة. ولهذه الأسباب القانونية فالمحاميات والمحامون لا يستعملون عبارة (احتكار) عند الحديث على ممارسة المهن. بل إننا نطالب بأن لا يحرم أي مواطن من حقه في المساعدة القانونية عندما يكون في نزاع مع القانون، أي عندما يتهم بخرقه للقانون. أو عندما يكون في نزاع مع غيره شخصا ذاتيا أو اعتباريا أو إدارة عمومية. وقد تم التعبير بكل الوسائل على أن المحاميات والمحامون مستعدون لتحمل نصيبهم في الجهد الوطني والمجتمعي لتقديم تلك المساعدة القانونية عن طريق تمثيل بعض المتقاضين الذين ليس لهم الإمكانات المالية في إطار المساعدة القضائية. وهو ما عبرت عليه جمعية هيئات المحامين للسيد وزير العدل في عدة مناسبات. لهذا عندما نقول أن هجوم وزير العدل على مهنة المحاماة هو غير مبرر. فإن هذا القول له ما يبرره في الواقع ومن القانون معا. بل له ما يبرره وفي السياسة الحكومية الرامية إلى رقمنة العمليات القضائية. فكيف ستتعامل المحكمة مع المتقاضي شخصيا وتطلب منه أن يسلم لها عنوانه الالكتروني الذي يجب أن يتضمنه مقاله. وأن يضع مقاله ومذكراته من خلال التطبيق الالكتروني. وأن يؤدي الرسم القضائي من خلال ذلك التطبيق الالكتروني. وأن يتوصل بجواب خصمه عبر ذلك التطبيق الالكتروني. وأن يحصل على نسخة الحكم من ذلك التطبيق الالكتروني. وأن يتعامل مع المفوض القضائي من ذلك التطبيق الالكتروني. إن اتهام المحامين بمحاولة احتكار مهنة المحاماة هو محاول غير ناجحة من أجل تغيير النظر عن الإشكال الحقيقي الذي تعرفه العدالة في بلادنا. وهو قلة القضاء وقلة كتاب الضبط وقلة الوسائل المادية التي تشجع العاملين في مجال العدالة من أن يؤدوا مهامهم في راحة وبدون أي ضغط. لمواجهة 5 ملايين قضية. بينما بلادنا لا تتوفر إلا على ما يقرب من 3500 قاضية وقاضي. وهو عدد غير كاف على الإطلاق. والحكومة أفتي عليها واعتقدت عن خطأ، أن حل إشكال تكاثر القضايا أمام المحاكم هو الضغط على المحامين والضغط على القضاة على حد سواء. الضغط على المحامين بإبعاد جهد الإمكان أي تدخل المحامين في المساطر القضائية بدعوى أن بعضها بسيط وأن تدخلهم يعرقل البت بسرعة فيها منها القضايا الاجتماعية. وكأن دعوى التطليق وتحديد النفقة هو أمر سهل سيتعرف القاضي على أسباب النزاع العائلي وسيتعرف على دخل الزوج فقط من تصريح المدعي. وكأن نزاعات الشغل هي نزاعات بسيطة ويمكن التحقق من احترام مسطرة الفصل تعرف اجتهادات مختلفة هو عمل بسيط. والغرض هو السماح لغير المحامين بتمثيل المتقاضين أمام المحكمة. وبالضغط على القضاة بما يسمى بالآجال الاسترشادية. أي إلزام القاضي بالبت بسرعة في القضايا المكلف بها. وخلق ظاهرة التباري بينهم. أي من هو القاضي الذي يحكم أكثر من القضايا. دون أن تعي الحكومة بكون الحكم غير العادل لا قيمة له وإن صدر قي نفس اليوم. لأن المتضرر منه سيعاود سلوك مساطر أو وسائل أخرى للحصول على حقوقه. ومن المفيد ثانيا التذكير بأن صدور هذا الكلام عن وزير العدل وهو المشرف على الوزارة التي أسند لها القانون تنظيم امتحان لاكتساب صفة محام والتي يشترط فيها القانون لولوجها: 1-التوفر على شهادة جامعية تخصص في القانون أي الإجازة في القانون. والتي من المنتظر أن ترتفع الى شهادة الماستر. 2-اجتياز بنجاح امتحان للحصول على الأهلية لاكتساب صفة محام. 3-التمكن من التسجيل في جدول إحدى هيئات المحامين في المغرب. 4-الخضوع لفترة التمرين لعدة سنوات لكي يسمح بممارسة الدفاع على المتقاضين فعليا. وبالتالي فإن ممارسة مهنة المحاماة غير مفتوحة لعموم الناس حتى يطلب رأي مجلس المنافسة بخصوصها. وتشبيهها بشركة تتاجر في مادة معينة. ففي هذه الحالة يتدخل مجلس المنافسة حتى لا تحتكر هذه الشركة المتاجرة في تلك المادة وتفرض وتتحكم في ثمنها إضرار بالمواطن. فممارسة التجارة لا يشترط فيه التوفر على شهادة عليمة. وإنما هي مفتوحة للمتعلم ولغير المتعلم. في إطار حرية التجارة والأسعار التي هي سياسة الحكومية الحالية. كما أن كل الشركات التجارية اليوم هي حرة في تحديد ثمن البضاعة التي تتاجر فيها بدون أي رقابة من أي جهة كانت. بينما أتعاب المحامي هي أتعاب لا يحددها المحامي بحرية مطلق وبدون أي رقابة. كما يريد البعض أن يشيع ذلك بشكل مغرض. بل إن تحديد اتعاب المحامي هي تخضع للأربعة آليات للمراقبة وهي: أولا: مراقبة الموكل عند تكليفه للمحامي الذي سينوب عليه أمام القضاء. ثانيا: مراقبة النقيب عند منازعة موكل المحامي في الأتعاب التي يطلبها هذا الأخير. ثالثا: مراقبة محكمة الاستئناف لقرار النقيب عندما يحد أتعاب المحامي. رابعا: مراقبة محكمة النقض لقرار محكمة الاستئناف عندما تبث في أتعاب المحامي. فكيف يتهم المحامي باحتكار تمثيل المتقاضين. وكيف يدعي البعض بأن المحامي يلزم موكليه بأتعاب لم يوافق عليها. ومن المفيد ثالثا أن من يدعي أن من حق وزير العدل أو الحكومة أن تعرض ممارسة مهنة المحاماة على مجلس المنافسة فيجب عليه، سياسيا وأخلاقيا ودستوريا، أن يعرض كذلك ممارسة مهنة الهندسة وممارسة مهنة الطب. وكل المهن المسماة حرة والتي يشترط فيها القانون لممارستها الحصول على شهادة علمية معينة. وذلك حتى لا يسقط في التمييز ضد مهنة المحاماة وحدها. وهو التمييز الذي يمنعه الفصل 6 من الدستور.
ومن المفيد رابعا أن ما صرح به وزير العدل هو تصريح مخالف للواقع السياسي لفريق وزير العدل من جهة. ومخالف للقانون من جهة أخرى. وبخصوص مخالفة ما صرح به وزير العدل للواقع السياسي لفريقه فهو واضح من كون أغلبيته الحكومية لم تسانده في مشروعه. فكيف لها أن تساند وجهة نظره المتمثل في إرادته بالسماح لغير المحامين في ممارسة تمثيل أطراف النزاع أمام القضاء. أولا. وكيف للفريق البرلماني لوزير لعدل أن يحيل على مجلس المنافسة قضية تتعلق بقانون غير معروض عليها ولا على البرلمان أصلا. ثانيا. وبخصوص مخالفة ما صرح به وزير العدل للقانون فإنه يتبين من كون الفريق البرلماني لوزير العدل ليس له الحق في طرق باب مجلس المنافسة. لأن القانون رقم 20.13 المنظم لمجلس المنافسة حدد الجهة البرلمانية التي لها الحق في أن تطلب استشارة من ذلك المجلس وحصرها في اللجان البرلمانية الدائمة. وليس في فريق وزير العدل. وذلك وفقا لأحكام المادة 5 من القانون المشار إليه أعلاه والتي ورد فيها ما يلي: "يمكن استشارة المجلس من طرف اللجن الدائمة للبرلمان في مقترحات القوانين وكذا في كل مسألة" متعلقة بالمنافسة، وفق أحكام النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.
وأن الوجه الثاني لمخالفة ما صرح به وزير العدل للقانون يتمثل في كون مجلس المنافسة منحصرة مهامه ليس في الأنشطة الاقتصادية بكاملها بل فقط في الأنشطة التجارية التي قد تتسبب في التركيز الاقتصادي. أي احتكار الاتجار في مادة معينة. وفرض ثمن أعلى على المستهلك الذي لا يجد بديلا لتلك الشركة. كما هو موضح في أحكام المادة 2 من القانون رقم 20.13 المشار إليه أعلاه والتي ورد فيها ما يلي: يتمتع المجلس بسلطة تقريرية في ميدان محاربة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة ومراقبة عمليات التركيز الاقتصادي كما هي معرفة في القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. يكلف كذلك المجلس بإبداء آرائه بشأن طلبات الاستشارة كما هو منصوص عليها في هذا القانون والقانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة وإصدار دراسات بشأن المناخ العام للمنافسة قطاعيا ووطنيا. بخصوص مخالفة ما صرح به الوزير للدستور يتبين من أن مجلس المنافسة لا يعطي الاستشارة إلا في حالة التركيز الاقتصادي وحرية الأسعار. أي الأسعار التي لا توجد أي آلية قانونية لمراقبتها. كما ينص على ذلك الفصل 166 من الدستور الذي ورد فيه ما يلي: مجلس المنافسة هيأة مستقلة، مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار. بينما أتعاب المحامي هي مراقبة بأربعة آليات اثنان منها تمارسها السلطة القضائية في أعلى درجاتها وهي محكمة النقض. فكيف يقبل وزير العدل بالرأي الذي أفتى عليه به بتكليف فريقه باللجوء إلى مجلس المنافسة حول مهنة ينص القانون المنظم لها على كون ممارستها تتنافى مع ممارسة أي نشاط له طابع تجاري سواء مباشر أو بشكل غير مباشر كما هو موضح في المادة 7 من القانون المنظم لمهنة المحاماة التي تنص على ما يلي: تتنافى مهنة المحاماة مع كل نشاط من شأنه أن يمس باستقلال المحامي والطبيعة الحرة للمهنة، وخاصة: 1 – كل نوع من أنواع التجارة، سواء زاوله المحامي مباشرة أو بصفة غير مباشرة؛ غير أنه يمكن للمحامي التوقيع على الأوراق التجارية لأغراضه المدنية؛ 2 – مهام مدير شركة تجارية وحيد، أو عضو مجلس إدارتها المنتدب، أو مسيرها، أو شريك في شركة التضامن؛ 3 – مهنة وكيل الأعمال، وغيرها من المهن الحرة الأخرى، سواء زاولها المحامي، مباشرة أو بصفة غير مباشرة؛ 4- وظيفة محاسب وجميع الوظائف المأجورة؛ 5 – جميع الوظائف الإدارية والقضائية. يتعرض للعقوبات التأديبية كل محام يوجد في حالة تنافي وأنه يتبين إذن أن فتوى إحالة ممارسة مهنة المحاماة على مجلس المنافسة: 1-فيها مخالفة للقانون 20.13. لأنه لا يدخل في اختصاص مجلس المنافسة إعطاء أي استشارة حول ممارسة مهنة المحاماة. لأن القانون المنظم له يحصر نظره، ليس في كل الأنشطة الاقتصادية. بل فقط في عمليات التركيز الاقتصادي لبعض العمليات الاقتصادية التجارية. 2- فيها مخالفة للفصل 6 من الدستور لأنها فتوى تتوجه فقط لمهنة المحاماة دون باقي المهن الأخرى مما يعتبر ذلك تمييزا ممنوعا بمقتضى ذلك نص الدستور. بخصوص اختلاف وزير العدل مع رئيس مجلس النواب. بالرغم عن كون وزير العدل ورئيس مجلس النواب هما معا من الأغلبية الحكومية إلا أن وزير العدل اختلف مع رئيس مجلس النواب حول كيفية عرض القانون على المحكمة الدستورية. هل سيعرض القانون بكامل مواده. أم سيعرض فقط جزء منه. وهذا الاختلاف أسس له وزير العدل بأن استند إلى قرار للمجلس الدستوري الفرنسي قضى بعدم قبول طلب تقدم به رئيس الدولة الفرنسية سابقا، السيد هولاند، لكونه أحال على ذلك المجلس كل القانون بدون أن يحدد الفصول التي يتعبرها رئيس الدولة بكونها مخالفة للدستور. وموقف وزير العدل يفتح النقاش حول ثلاثة إشكاليات: الأولى: من سيحيل القانون على المحكمة الدستورية. هل رئيس مجلس النواب. أم وزير العدل؟ الثانية: هل ستطلب الحكومة من المحكمة الدستورية أن تراقب قانونها هل احترمت فيه الدستور أم لا؟ الثالثة: هل الإحالة ستشمل القانون بأكمله. أم يجب على الجهة المحيلة أن تحدد للمحكمة الدستورية الفصول التي تعتبرها مخالفة للدستور. بخصوص الإشكال الأول: فإنه إذا كان تصريح رئيس مجلس النواب واضحا ومؤسسا على الفصل الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور الذي يعطيه صلاحية إحالة قانون عادي على المحكمة الدستورية. فإنه لا يوجد أي نص يعطي نفس الصلاحية لوزير العدل. لكن قد يفهم من تصريح وزير العدل باعتباره وزير في الحكومة أن ما صرح به هو باسم من له صلاحية تلك الإحالة أي باسم رئيس الحكومة ما لم يصدر أي تكذيب من هذا الأخير. لأن وزير العدل لا يمكن أن يدلي بتصريح غير صحيح وغير حقيقي. فتصريح وزير العدل هو نقل لالتزام لرئيس الحكومة بإحالة القانون على المحكمة الدستورية وهو الالتزام الذي ينتظر المواطنون تنفيذه. بخصوص الإشكال الثاني: متولد على تحقق إحالة القانون على المحكمة الدستورية من قبل رئيس الحكومة. ففي هذه الحالة سيتحول النقاش من مربعه القانوني والدستوري إلى مربعه السياسي. إذ كيف لحكومة معينة في إطار دستور 2011 الذي تنازل فيه جلالة الملك على حقه في تعيين الوزير الأول. وأصبح ينتظر اختيار المواطنين لأكبر حزب سياسي ليعين منه رئيسا للحكومة. تلجأ للمحكمة الدستورية لتبين لها أنها خرقت الدستور في مشاريع قوانينها، بينما هذه الحكومة تتوفر على مستشارين قانونيين ودستوريين مهمتهم هي توجيه الحكومة إلى تجنب ما يعتبر مخالفة للدستور في مشاريع قوانين التي تقدمها الحكومة للبرلمان. من المعلوم أن المحكمة الدستورية مختصة بقوة الدستور في مراقبة المطابقة للدستور للقوانين التنظيمية ولبعض الأنظمة الداخلية لبعض المؤسسات. بينما القوانين العادية فإن مراقبة احترامها للدستور وعدم خرقها يعود للحكومة وللمستشارين القانونيين لرئيس الحكومة. علما أن رئيس الحكومة يتوفر على ميزانية جد مهمة تمكنه من تعيين عدد من الخبراء الذين يشتغلون في ديوانه ويساعدونه حتى لا يقدم للبرلمان قانونا مخالفا للدستور. بخصوص الإشكال الثالث: المتعلق هل سيحيل رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب القانون بكامله أو يجب عليهما أن يحدد كل منهما بعض الفصول التي يعتبرانها مخالفة للدستور كما صرح بذلك وزير العدل. لقد ذكر وزير العدل بقرار للمجلس الدستوري الفرنسي كجواب منه على ذلك الإشكال. بينما المحكمة الدستورية المغربية سبق لها أن قدمت جوابا مغربيا على هذا الإشكال. وهو جواب مختلف على ما ذهب إليه المجلس الدستوري الفرنسي. وقرار المحكمة الدستورية الصادر بخصوص القانون المتعلق بالتنظيم القضائي هو غني بالأفكار والمواقف والاجتهادات ذات الطبيعة الدستورية. لا نملك إصدار أي حكم قيمة عليها هل هي إيجابية أم غير ذلك. في انتظار معرفة هل المحكمة الدستورية الحالية ستسير في نفس نهج المحكمة الدستورية السابق. أم أنها ستختار نهج قرار المجلس الدستوري الفرنسي الذي ذكره وزير العدل. وستصرح بعدم قبول طلب الإحالة في الحالة التي لم يبين رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب في طلبهما فصول بعينها يعتبرانها مخالفة للدستور. إن مطالبة رئيس الحكومة بتحديد المواد التي يعتبرها مخالفة للدستور هو إشكال كبير. لأن ذلك التحديد هو اعتراف بعلم الحكومة أن تلك المواد هي مخالفة للدستور. وبما أن الحكومة عالمة بمخالفة تلك الفصول فإنها ملزمة سياسيا بتغيير تلك المواد لكي تتطابق مع الدستور وليس أن تنتظر لكي تعرضها على المحكمة الدستورية بينما هي تعلم بذلك الخرق للدستور. إن اجتهاد المحكمة الدستورية المغربية عندما عرض عليها رئيس الحكومة السابق السيد سعد الدين العثماني قانون التنظيم القضائي وحصر في طلب الإحالة بعض المواد التي عدلها مجلس المستشارين فقط. فإن المحكمة الدستورية اعتبرت أن من حقها وضع اليد على القانون بأكمله. وأن من حقها أن لا تلتفت لإرادة رئيس الحكومة في حصر نظرها مراقبة بعض المواد فقط. وانطلاقا من اجتهادها قامت ببحث ومراقبة كل مواد القانون المتعلق بالتنظيم القضائي. وهكذا اعتبرت البعض الأول من مواده مطابق للدستور. والبعض الثاني من مواده مخالف للدستور. والبعض الثالث من مواده ليس فيه ما يخالف الدستور. والبعض الرابع من مواده ليس فيه ما يمس باستقلال السلطة القضائية. فكيف ستتعامل المحكمة الدستورية إذا ما أحيل عليها مشروع قانون المسطرة المدنية. للحديث بقية. الوسوم المسطرة المدنية المغرب مجلس النواب