الخط : إستمع للمقال لازالت الحرب في أوكرانيا بعيدة الحسم لمعرفة المنتصر من المنهزم، ولازالت طاولة المفاوضات مهمشة، بل زاد الحلف الأطلسي من الاصطفاف شبه المطلق في هذه الحرب، بحيث سيبدأ في إرسال مقاتلات "إف-16" إلى أوكرانيا لتعزيز دفاعاتها العسكرية ضد روسيا، علما أن الدانمارك وهولندا قد شرعتا في الارسال لهذه الطائرات. الحلف على حدود روسيا جاءت القمة الأطلسية المنعقدة بواشنطن الأربعاء لتؤكد الإقرار بأن أوكرانيا تسلك "طريقا لا عودة عنه" نحو انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، بلغة اخرى انه عسكريا واستراتيجيا اصبح الحلف على حدود روسيا، والاقرب من موسكو. لقد حرص دوما الرئيس الأوكراني على طلب إمداد عسكري من حجم مقاتلات إف-16، الامر الذي اصبح شبه محقق له الان، وخلال هذه القمة، حيث أعلنت كل من الولاياتالمتحدة وألمانيا ورومانيا وهولندا، في بيان مشترك، أنها ستزود أوكرانيا بمنظومة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، بينما تتكلف الدانمارك وهولاندا بتزويد اوكرانيا بالسلاح الجوي من طائرات F16. طبعا تبرر امريكا الدعم العسكري الامحدود بغاية حماية أوكرانيا من الهجمات الجوية الروسية ، ولعل الغاية السياسية من هذا الدعم هو ما كشفه خطاب ألقاه في القمة التي استضافتها واشنطن بمناسبة مرور 75 عاما على تأسيس الحلف، حيث أكد بايدن بنبرة حاسمة أن "روسيا لن تنتصر"، بمعنى آخر ان هذه الحرب ستطول الى ان تتحقق الهزيمة بروسيا. خطوة اخرى نحو المواجهة والتصعيد من المعلوم عسكريا ان اي حرب حين تطول تزداد تعقيدا، و تنفتح على المجهول، حيث قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أمام القمة، إن الحلف كان أمام خيارات متعددة وقرارات صعبة، مشيرا إلى أن دعم أوكرانيا يتطلب تكاليف ومخاطر، وأن وجود روسيا عدوانية كجارة لا يترك مجالا لخيارات خالية من المخاطر، وهي لغة دبلوماسية تستبطن ان لا احد يعرف عواقب هذا التطور، حيث أضاف: "تذكروا، التكلفة الأكبر والخطر الأكبر سيكونان إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا، لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك"، فمن نتيجة هذه الحرب إعادة تشكل قواعد الأمن العالمي لعقود مقبلة، كما ان هذه الحرب ستنتج عنها خريطة استراتيجية قد تؤدي إلى تماسك او تفكك دول، وستنتج تحالفات جديدة أو تقوي وتحافظ على تحالفات قائمة، او تنهي تجربة عمرت حوالي 75 سنة الى الان و مع إنفاق دفاعي رهيب في عالم بدأت موارده المالية تشح حيث وصل إلى 1.47 تريليون دولار، وهنا سؤال عميق من اين ياتي المال؟ الصين الحاضر غير المباشر ان ازدياد التسليح لدى دول الحلف الاطلسي يرافقه تطور واستعداد اخر، حيث تجري الصين مناورات عسكرية في بيلاروسيا، ويرافق ذلك رسالة دبلوماسية عبر عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ بقوله: "على القوى العظمى مساعدة روسياوأوكرانيا على بدء مفاوضات سلام مباشرة" كما قرات الصين ان البيان الختامي لقمة الناتو في واشنطن يفتح حرب البيانات مع روسياوالصين، وهو ما عبر عنه الامين العام للحلف الاطلسي قائلا: "وجهنا رسالة قوية وواضحة للصين. لاشك أن العالم يعيش الان تعدد الصراعات الاقليمية و التنافس الجيوستراتيجي الدولي والمخاوف من الطموحات الصينية ، وتواتر اتهامات الحلف لكل من الصين و كوريا الشماليةوايران بدعم و مساعدة روسيا عسكريا في هذه الحرب. في هذه الاجواء صدر البيان الختامي لقمة واشنطن، بيان جمع بين الوعود والاغراءات لدول الحلف و الشركاء الجدد، و بين التحذير و التهديد المباشر للصين و ايران و كوريا الشماليةوروسيا التي وصفها الامين العام للحلف الاطلسي بانها اكبر خطر يهدد دول الحلف، وقد أكدت البعثة الصينية لدى الاتّحاد الأوروبي، في بيان لها انه يجب على حلف شمال الأطلسي أن يتوقف عن تضخيم ما يسمّى تهديداً صينياً، وأن يتوقّف عن التحريض على المواجهة والتنافس، وأن يساهم في السلام والاستقرار في العالم. و اعتبرت الصين ان البيان الصادر عن قادة الحلف "مشبع بعقلية الحرب الباردة وبخطاب عدائي مليء بافتراءات.و نفت الصين في البيان أن تكون قدمت أسلحة فتاكة لأي من طرفي النزاع وأكدت انها تمارس رقابة صارمة على صادرات المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، بما في ذلك الطائرات المدنية المسيّرة". كما أكدت الصين ان الأزمة الأوكرانية مستمرة منذ فترة طويلة، وتسائلت عمن يصبّ الزيت على النار؟ ومن يؤجّج النيران؟ من يحاول الاستفادة منها؟ غزة غائبة من البيان الختامي للحلف هناك ملاحظة واضحة تكمن في غياب مأساة غزة بل مأساة الإنسانية حيث تعمد البيان عدم الاهتمام بما يتعرض له اطفال و نساء و اهل غزة من مجازر و من استنزاف يومي منذ عشرة اشهر على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي، وما تحظى به من دعم عسكري من الغرب لم يبلغ اسماع قادة الحلف. ورغم أن الصحافة العالمية طرحت السؤال عن المشهد الدموي في غزة و ضرورة التحرك لايقاف المجازر ، كان الرد جاهزا : انه لا دور للحلف في الشرق الاوسط وانه يدعم بقوة ايصال المساعدات الانسانية لاصحابها و يدعم حماية المدنيين، غير ان شلال الدم يكذب هذا الادعاء.