الخط : إستمع للمقال نشر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على موقعه الإلكتروني الرسمي، أمس الجمعة، مقالا تحت عنوان "حتى لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم"، حاول من خلاله تبرير الاختلالات التي وقف عليها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات المتعلق بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية برسم سنة 2022، وانتقاد المجلس ووصفه بأداة للتحكم، وأنه تجاوز اختصاصاته. لا لشيء إلا لأنه عرى سوأة الأحزاب السياسية وكشف حقيقتها للمغاربة. لقد أكد هذا المقال أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان يضم خيرة المناضلين الوطنيين الذين عرفهم تاريخ العمل السياسي والحزبي في المغرب، أصبح رهينة لدى أشخاص معدودين على رؤوس الأصابع، يحققون به مصالحهم ويسعون للاستفادة من الريع الحزبي، وهو الشيء الذي وقف عنده وكشفه التقرير الأخير لمجلس الحسابات، وهو ما أزعج قيادة الحزب، خاصة وأن إسم أحد المقربين من الكاتب الأول ادريس لشكر، ورد ضمن أسماء المستفيدين من صفقة مرّت بدون احترام المسطرة المعمول بها. ولم يتقبل حزب الوردة الملاحظات والتوصيات التي وجهها المجلس الأعلى للحسابات له، خاصة في الشق المتعلق بتدبير الدعم الإضافي المخصص للأبحاث والدراسات؛ متحججا بأن الأمر يفرض ضرورة ووجوب تعميق النقاش في السند القانوني المنظم لنطاق وحدود الصلاحيات المخولة للمجلس الأعلى للحسابات في علاقته مع الأحزاب السياسية، وذلك من منظور شمولي يأخذ بعين الاعتبار علاقة هذا المجلس مع باقي الهيئات والمؤسسات التي تندرج ضمن اختصاصاته، وفق ما اورده حزب الاتحاد الاشتراكي في هذا المقال. ومن المضحك المبكي على الحال الذي أصبح عليه حزب عبد الرحيم بوعبيد وعمر بنجلون وعبد الرحمان اليوسفي، هو أن القيادة الحالية لحزب الوردة سمحت لنفسها عبر هذا المقال، بأن توجه عمل المجلس الأعلى للحسابات وتحدد له اختصاصاته، حيث أشارت وبكل جرأة وبدون خجل إلى أن اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات يجب أن تقتصر فيما يخص موارد الأحزاب السياسية، فقط على تدقيق حساباتها، للتأكد فيما إذا كانت مواردها لا تخرج عن تلك الموارد المحددة بموجب القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، وأن تقتصر صلاحياته فقط على فحص صحة صرف النفقات المتعلقة بالدعم العمومي، بمعنى أن يفحص المجلس الأعلى للحسابات فيما إذا كان الدعم الممنوح في إطار القانون قد تم صرفه للغرض المخصص له. ومما يكشف عن إصرار قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي على عدم التفاعل مع ملاحظات وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات، الواردة في تقريره الأخير، هو تأكيدها في هذا المقال على أن المجلس المذكور ليس من حقه مراقبة وتقييم جدوى وجودة الغرض الذي خُصص له الدعم العمومي الممنوح للأحزاب من المال العام، وبالتالي فهي بذلك تقول بشكل ضمني وبالدارجة " عطيونا الدعم العمومي من أموال الشعب، وماتسولوناش فاش صرفناه". حتى وإن استفادت منه شركات أبنائنا حديثة العهد! ولعل اكتشاف الرأي العام، وخاصة مناضلي حزب الوردة، أن شركة نجل ادريس لشكر هي المستفيدة من صفقة 2 مليون درهم دون وجه حق، هو الذي أزعج الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أكثر من تقرير المجلس الأعلى للحسابات في حد ذاته. ويا أسفاه على الحالة التي وصل إليها حزب الاتحاد الاشتراكي، الحزب الذي كان يرفع شعار الوقوف مع الجماهير الشعبية، فها هو اليوم في عهد ادريس لشكر الذي كاد أن يكتبه في اسمه، وهو الذي خرق قانون الحزب واستمر على رأسه لولاية ثالثة ضدّا على إرادة مناضلات ومناضلي الحزب، بل وجعله حزبا للعائلة، يدافع عن الفساد والريع ويصف مؤسسة دستورية بأنها آلية للتحكم، بعدما فضحت حقيقة الأحزاب وكشفت عن أوجه صرفها للدعم العمومي الممنوح لها، في وقت كان يجب أن يتفاعل مع ملاحظات المجلس وتوصياته، ويسعى لإصلاح ما يمكن إصلاحه، عوض تبني سياسة "تخراج العينين" ومحاولة لعب دور الضحية! فهل هذا هو الحزب اليساري الذي سيعول عليه المغاربة لمواجهة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتبنى ليبرالية متوحشة تسحق الطبقة الفقيرة والكادحة؟