الخط : إستمع للمقال اختار وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، يوم زيارته الملغاة إلى الجزائر، الإثنين 12 فبراير الجاري لكي يرد الصاع صاعين إلى النظام العسكري، بخصوص العرقلة الانفرادية من طرف المستضيف الجزائري مما اضطر معه الوزير الإسباني إلى إلغاء الزيارة. وقالت مصادر إسبانية متطابقة إن هذا «القرار اتخذه الوزير الإسباني نفسه بعد ما تأكد له بأن الجزائر كانت تريد التعامل معه معاملة خاصة تخرج عن التقاليد المتعارف عليها عند كل زيارة إسبانية إلى الجزائر». والمتمثلة في استقبال رئاسي للزائر الإسباني. ولعل الوزير الإسباني انتبه إلى أن الجزائر تتعلل بالأجندة الرئاسية لكي تتعامل معه معاملة تسيء إليه شخصيا ثم إلى الأعراف المتفق عليها بين البلدين. والواضح أن الجزائر، التي عملت كل ما في وسعها لكي لا يعود بيدرو سانشيز إلى الحكم، وأن يغيب وزير خارجيته السابق الجديد عن نفس المنصب، قد وجدت في الزيارة مناسبة للتصرف الصبياني الخارج عن أعراف الدول. وللرد على الجزائر ومن يساندها اغتنم ألباريس مناسبة سؤال البرلماني إيناروتو غارسيا، المساند للانفصاليين والمحتضن الرسمي لهم، لكي يعيد التأكيد على موقف إسبانيا الذي لا يعجب قصر المرادية وعساكره. ومعلوم أن الإثنين 12 فبراير الجاري، كان هو تاريخ زيارة رئيس الديبلوماسية الإسباني إلى العاصمة الجزائر، التي تم إلغاؤها «قبل 12 ساعة، فقط، من موعد بدايتها » حسب المصادر الإسبانية المأذونة، وهو التاريخ نفسه، الوارد في موقع الكونغريس الإسباني وموقع الحكومة أسفل رد الوزير على السؤال المتعلق بالصحراء المغربية. ولفهم ما جرى، والقصدية الواضحة من الرد الديبلوماسي. لا بد من وضع السياق الذي وردت فيه. ثم المضامين التي ركزت عليها الرسالة الجواب. كان من المتوقع أن تسير الزيارة في إطار المناخ العام «الجديد» الذي بشرت به الديبلوماسية الجزائرية. وتابع الرأي العام العالمي كيف أن الجزائر أعادت سفيرها إلى مدريد عبد الفتاح دغموم، بدون سابق إنذار متعللة في ذلك بكون تصريحات بيدرو سانشيز حول الصحراء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قد غيرت موقفه.. بحيث «تم تأويله» على أنه تراجع عن دعمه للحكم الذاتي وللحل المتوافق عليه وللحق المغربي! واعتبرت الديبلوماسية والإعلام في الجارة الشرقية، أنه «لم يتحدث في كلمته عن موقفه السابق» وهو نفس التأويل الذي صرح به وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في حواره الشهير مع الجزيرة في دجنبر الماضي. وذهب إلى حد القول أن «أسبانيا غيرت موقفها ب 180 درجة!» هذا التأويل المفترى عليه، الموجه أساسا إلى الداخل، لا يبدو أنه أقنع حتى عبد المجيد تبون نفسه!!! وقد كان على حق في الواقع لأن جواب الوزير ألباريس بخصوص الصحراء في البرلمان الإسباني جاء ليؤكد المواقف الثابتة لدولة الجوار الشمالي: أولا: اعتبر رد ألباريس أن «موقف إسبانيا يتوافق تماما مع الشرعية الدولية، كما أشار إليه رئيس الحكومة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023». ثانيا: وضع الموقف الأصلي ثم ما صرح به رئيس حكومته ضمن بند واحد ألا «وهو الموقف الوارد في النقطة 1 من الإعلان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022. كما هو الحال في النقطة 8 من الإعلان المشترك الصادر في 2 فبراير 2023». وبالعودة إلى النقطتين الواردتين في الجواب نجد أن النقطة الأولى تقول: « تعترف إسبانيا بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأممالمتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه. وفي هذا الإطار، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع». أما النقطة 8 فتنص على أنه «بخصوص قضية الصحراء، تجدد إسبانيا موقفها الذي ورد في الإعلان المشترك بتاريخ 7 أبريل 2022، عقب اللقاء بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز».. وبذلك فإن التحايل الرسمي الجزائري على إسبانيا وعلى الشعب الجزائري نفسه، لم يدم طويلا منذ دجنبر الماضي إلى حدود 12 فبراير الجاري. ولم يفوت الرئيس ديبلوماسية مدريد فرصة «تقطار الشمع» على الدولة الحاضنة لمعتقلات العار والاحتجاز بحيث ذكرها ب«دعم السكان الصحراويين في المخيمات ( لاحظ لا وجود لكلمة شعب صحراوي) كما فعلنا دائمًا» ثم التشديد على أن بلاده «كانت تقليديا أول مانح أوروبي ثنائي والمانح الدولي الرئيسي للمساعدات الإنسانية في هذا السياق»... بما يوحي به هذا التشديد من حق إسبانيا في تتبع مآل هذه المساعدات المدفوعة من جيوب الشعب الإسباني! الوسوم أزمات الجزائر إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس