الخط : إستمع للمقال تفاجأت الجماهير المغربية التي حلّت بكوت ديفوار لمساندة المنتخب الوطني، خلال مبارياته ضمن بطولة كأس إفريقيا المقامة على الأراضي الإيفوارية، بالحب والاحترام الكبيرين اللذين يكنهما الإيفواريون للمغاربة، على عكس باقي جماهير المنتخبات الأخرى، حيث عجّت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمغاربة يحكون كيف أن الشعب الإيفواري استقبلهم بحفاوة كبيرة، بل إن غالبية الإيفواريين يرتدون أقمصة أسود الأطلس ويرددون أسماء نجوم المنتخب، كحكيمي وزياش وبونو وآخرين. دبلوماسية الملك الإفريقية منذ أن اعتلى العرش، حرص الملك محمد السادس على توطيد العلاقات مع العديد من الدول الإفريقية، حيث باشر عددا من زيارات العمل لدول مثل زامبيا وغانا والغابون والسنغالومالي وكوت ديفوار وجنوب السودان وروندا وإثيوبيا وتنزانيا ودول أخرى، إضافة إلى إقامة علاقات سياسية واقتصادية قوية، مبنية على مبدأ رابح – رابح، وفي إطار شراكة جنوب جنوب. ولعلّ من أبرز الدول الإفريقية التي جعلها المغرب سوقا له للاستثمار فيها ومقارعة دول كانت تعتبر هذه الدول الإفريقية حدائق خلفية لها وبقرة حلوبا، تنهب خيراتها وتُفقّر شعوبها وتزيد من تكريس الاستعمار لخيرات وثروات هذه الدول، دول السنغال والغابون وكوت ديفوار، والتي يستثمر المغرب فيها في قطاعات مهمة، بل وشكّلت الزيارات الملكية لهذه الدول وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية فيها مع حكومات هذه الدول، فرصة للمستثمرين المغاربة للتوجه لهذه الدول والمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد بها. فبالحديث عن كوت ديفوار، فإن الملك محمد السادس كان قد حلّ بهذه الدولة سنة 2017 في زيارة صداقة وعمل أكد خلالها على ضرورة التعجيل بتنزيل التعاون بين الرباط وأبيدجان على أرض الواقع، خاصة وأن مستوى التعاون بين البلدين حينها يضم في حصيلته 143 اتفاقا، حيث شدّد الملك محمد السادس والرئيس الإيفواري الحسن واتارا على ضرورة تنفيذ هذه الاتفاقات من أجل تنمية بلديهما ورفاهية شعبيهما. وقد تم آنذاك خلال انعقاد الدورة الثانية لمجموعة الدفع الاقتصادي، التوقيع على 14 اتفاقية قطاعية بين الشركاء الاقتصاديين بالبلدين قصد إعطاء محتوى ملموس للشراكة الاستراتيجية التي تجمع المغرب بالكوت ديفوار، عبر إنجاز مشاريع في قطاعات "البناء والسكن الاجتماعي"، و"البنيات التحتية والنقل واللوجيستيك"، و"الأبناك والاقتصاد الرقمي" و"الصناعة" و"الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والصناعة التقليدية"، و"الصحة". الدبلوماسية الناعمة منذ سنوات وفي ظل ما تشهده العديد من الدول الإفريقية بسبب انتشار الجماعات المسلحة الإرهابية وأيضا في ظل سعي شعوب هذه الدول للهجرة والعبور للضفة الأخرى، وفي ظل استمرار القوى الاستعمارية في فرض نفسها على معظم دول القارة السمراء ونهب خيراتها، اختار المغرب ممارسة دبلوماسية القوة الناعمة في هذه الدول لما لها من تأثير فائق في تحقيق السلم والأمن وتحقيق الاستقرار للشعوب والمجتمعات والتقارب بين الشعوب وتصحيح الصورة الذهنية والتأثير في السياسة الخارجية للدول وخاصة في المنطقة الإفريقية. فالمغرب الذي اختار هذه الطريقة للتوغل في العمق الإفريقي الذي يفتخر بالانتماء له، كان يسعى لتوحيد الصف الإفريقي والتكاتف الدولي لمواجهة الأزمات والكوارث، وأيضا كان بمثابة قائد ثوري وقف في وجه القوى الاستعمارية الوحشية، من خلال تبنيه لسياسة رابح – رابح عوض نهب خيرات وثروات دول غنية بالثروات الطبيعية لكن ذلك لا ينعكس على شعوبها، بل إن هذه الأخيرة تعاني من الفقر والمجاعة، ما جعلها تفكر في الهجرة من الجنوب نحو الشمال، طمعا في غدٍ أفضل. لقد نجح المغرب في استخدام القوة الناعمة بالشكل الأمثل، وهو الآن يجني ثمار ذلك، حيث حرص على التوغل داخل العديد من الدول بالقارة الإفريقية ومزاحمة التواجد الفرنسي بها، من خلال اعتماده على الدين والثقافة والفن والرياضة والاقتصاد والسياسة والمساعدات الإنسانية، وكل هذه المجالات تعتبر من مرتكزات الدول. جماهير المغرب وجماهير الجزائر بالكوت ديفوار في الوقت الذي رحّب فيه الإيفواريون بالجماهير المغربية بطريقة تليق بهم، بل وارتدوا أقمصة المنتخب المغربي وشجعوه من المدرجات خلال المقابلة الأولى، تابعنا كيف أن ناشطة جزائرية على وسائل التواصل الاجتماعي، معروفة لدى الجزائريين بكونها إحدى عميلات المخابرات الجزائرية، قامت بتوثيق فيديو مليء بعنصرية مقيتة تجاوزها الزمن، ما دفع بالسلطات بساحل العاج لطردها من الأراضي الإيفوارية وإعادتها لبلدها. وقد اعتبر العديد من المعلقين على هذه الواقعة، أن ما فعلته هذه الناشطة هو امتداد لسياسة الدولة الجزائرية تجاه دول القارة السمراء، والتي تنظر إليها بنظرة احتقارية وباستعلاء، كل ذلك يظهر في طريقة تناول الإعلام الجزائري لقضايا وهموم الأفارقة، بل وتابعنا في الآونة الأخيرة كيف أن نظام العسكر الجزائري خلق أزمة دبلوماسية مع جارته مالي، من خلال استضافته ودعمه لانفصاليين ماليين، وهو ما يؤكد أن هذا النظام هو الراعي الرسمي للتفرقة في القارة السنراء، ودعم الجماعات المسلحة وتهديد السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا، وهو بذلك يسير عكس التيار. وعلى النقيض من ذلك، يقدم المغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي النصائح والتوجيهات للجماهير المغربية المتواجدة بالكوت ديفوار، داعين إياهم للحفاظ على الصورة المثالية التي يرسمها الإيفواريون عن الشعب المغربي، وتمثيل البلاد أحسن تمثيل والحرص على احترام ثقافة وخصوصيات المجتمع الإيفواري، مع التأكيد على أن كل شعوب القارة يعتبرون إخوة للمغاربة يجمعهم التاريخ والجغرافيا والعديد من التقاليد. وخلال تصويره لمقطع فيديو يوثق به اللحظات التي سبقت وتلت المقابلة الأولى للمنتخب المغربي ضد المنتخب التنزاني، والتي انتهت بفوز الأسود بثلاثية نظيفة، قال يوتوبيرز مغربي بحماس وفخر كبير: "ماللي تجيو لهنا، غاتبان ليكم الخدمة ديال الملك محمد السادس بإفريقيا، الناس هنا كايحترموه بزاف وكايبغيوه وكايبغيو الشعب المغربي"، قبل أن يحيي الملك والدولة المغربية على جهودها وما تقوم به في إفريقيا. الوسوم استضافة كأس إفريقيا الصحراء المغربية الملك محمد االسادس ساحل العاج