الخط : مع مطلع السنة الجديدة 2024؛ أحبطت المؤسسات الأمنية المغربية عمليتي تهريب دولي للمخدرات القوية. إذ شهد ميناء طنجة المتوسط، أول أمس الثلاثاء على حجز ما مجموعه طنا و488 كيلوغراما و80 غراما من مخدر الكوكايين. فيما تم عبر معبر الكركرات الحدودي جنوب مدينة الداخلة، يوم الإثنين الماضي، حجز 362 كيلوغراما و950 غراما من مخدر الكوكايين كانت موجهة نحو المغرب انطلاقا من الخارج. وفي ظل استمرار يقظة المؤسسات الأمنية المغربية، بمختلف مكوناتها، في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود؛ يبرز محمد الطيار، الباحث والخبير في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، في حوار مع "برلمان.كوم"، واقع هذا التصدي الأمني وأهم أسباب وعوامل محاولات إغراق المغرب بشحنات المخدرات القوية. في البداية؛ ما تعليقكم على هذه العمليات الأمنية التي يشنها المغرب على موجة تهريب مخدر الكوكايين عبر ترابه؟ ليست هذه أول مرة يقوم فيها المغرب بحجز كميات مهمة من المخدرات التي تستهدف جنوبه- خاصة في منطقة الكركرات- أو شواطئه قرب الداخلة أو بوجدور. حيث تحاول عدة قوارب يملكها الموريتانيون والسينغاليون والأفارقة اختراق الشواطئ المغربية إما لتهريب هذه المادة عبر المغرب أو لتوجيهها نحو لاس بالماس (في جنوب غرب إسبانيا على حدود جزر الكناري). ولكن دأبت البحرية الملكية والأجهزة الأمنية بمختلف مكوناتها على رفض هذا النوع والتصدي له سواء كان عن طريق البحر أو عن طريق استعمال الطريق البري. كما أن القوات المسلحة الملكية تقوم بمجهود كبير جدا في مراقبة الحزام الأمني بحكم أن هناك عصابات تحاول تهريب كميات كبيرة جدا من الكوكايين إلى داخل المغرب. الحدث الذي وقع فيما يخص الكركرات يؤكد من جهة أن المغرب يمارس سلطته الأمنية ورقابته الواسعة على هذه المنطقة التي كانت فيما سبق تشكل مجالا لتهريب الكوكايين، سواء المتجه إلى المغرب في طريقه إلى أوروبا أو المتجه مباشرة إلى الجزر الخالدات (جزر الكناري). ومن جهة أخرى؛ فما قام به المغرب يدخل في تأمين أمنه القومي بحكم تواجده في منطقة تعرف انتشارا واسعا لتجارة الكوكايين وتهريبه. نعم، وما هي- في نظركم- أهم العوامل وراء هذه الشحنات الكبيرة التي تحاول المرور عبر المغرب؟ أولا؛ هذه المسألة تتعلق بمخاطر مطروحة منذ مدة وتشكل عنصرا من العناصر التي تهدد الأمن القومي للمغرب. وذلك بحكم أن المغرب جغرافيا هو لصيق بمنطقة الساحل الإفريقي بفعل حدوده مع موريتانيا.. وهنا علينا أن نعلم أنه سواء موريتانيا أو باقي الدول القريبة منها- كمالي أو النيجر والبوركينا فاسو- هي تعرف نشاطا كبيرا جدا لعصابات الجريمة المنظمة حيث يتم تهريب الكوكايين من دول أمريكا اللاتينية وتتجه خاصة إلى شواطئ غينيا وغينيا بيساو والسنغال. وهناك عدة محطات في موريتانيا لتهريب الكوكايين في اتجاه باقي دول الساحل وكذلك في اتجاه مخيمات تندوف. حيث توجد مخازن متعددة في مخيمات "البوليساريو" لاستقبال شحنات الكوكايين، فقادة عصابة "البوليساريو" متورطون إلى جانب عدد من جنرالات الجزائر في تهريب هذه المادة إلى أوروبا. حتى أن الصراعات الحالية والانفلات الأمني الذي تعرفه مخيمات تندوف هو صراع بين عصابات المخدرات وبالدرجة الأولى الكوكايين. هل يمكن أن نعتبر أن هناك مساع متعمدة لإغراق المغرب بالكوكايين؟ طبعا، ولا ننسى بأننا نعيش الجيل الخامس من الحروب والذي تُستعمل فيه جميع الوسائل لإضعاف الدولة من الداخل. لا ننسى أن الجزائر قد دأبت على صناعة الأقراص المهلوسة ومحاولة إغراق السوق المغربية بها انطلاقا من الحدود الشرقية. وهناك شحنات كبيرة جدا يتم رصدها وهي خارجة من المصانع الجزائرية التي يشرف عليها العسكر الجزائري. ونفس الأمر بالنسبة للكوكايين، لأن له تأثير خطير جدا على المجتمع وعلى قوة الدولة وأمنها القومي. ولذلك فالمغرب يقوم بمجهودت وعيا منه بالمخاطر التي تنعكس إثر انتشار المخدرات في أوساط المجتمع وما لها علاقة بزعزعة أي برامج تنموية أو تتعلق بالرقي بالبلاد. كما لا ننسى أن الجزائر تستقبل وبشكل رسمي شحنات من المخدرات القادمة من أمريكا اللاتينية، كما هو الحال في فضيحة 2018 المتعلقة بسبعة قناطر من الكوكايين جاءت في شحنة مخصصة للحوم المستوردة من البرازيل- وكانت السلطات الإسبانية وراء كشفها- وتورط فيها مدير الأمن الوطني آنذاك وحتى خالد تبون، إبن الرئيس الجزائري الحالي. هل يمكن القول إن هذه اليقظة الأمنية التي يتحلى بها المغرب تعزز مكانته الدولية في هذا المجال؟ نعم، هذا يتجلى في انعكاسات المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الجريمة المنظمة، خاصة المخدرات، إذ أنها تشيد دوما في تقاريرها بالعمل الذي تقوم به السلطات المغربية للتصدي لهذه الظاهرة. وحينما نتحدث عن ما يقوم به المغرب من مجهودات فهذا لا يدخل في إطار تلميع صورة أو غير ذلك؛ وإنما واقع تشهد به تقارير المنظمات الدولية مؤكدة أن المجهودات التي تقوم بها السلطات المغربية لا تستهدف فقط المخدرات والكوكايين بل تستهدف جميع أشكال الجريمة المنظمة سواء تعلقت بالاتجار بالبشر أو الهجرة غير النظامية أو تجارة الأسلحة الصغيرة.. أو غير ذلك من مظاهر الجريمة المنظمة المنتشرة في محيطه الإقليمي. الوسوم الجريمة المنظمة المؤسسات الأمنية المغربية مكافحة المخدرات