أصبحت السلطات الأمنية المغربية ،أكثر من أي وقت مضى، على وعي تام بالعصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين، بعدما جعلت من موانئ عدد من بلدان إفريقيا الغربية ملاذا آمنا لأنشطتها، وتراهن بشكل قوي على الوضع الجيو استراتيجي للمغرب باعتباره نقطة التقاء بين دول التخزين ودول التسويق وتحويله إلى جسر لشحن ونقل مخدر الكوكايين نحو الأراضي الأوروبية. ويتضح أن الوضعية الجيو استراتيجية للمغرب كان لها دور كبير في اختياره كمحطة عبور ضمن مسالك ومسارات الاتجار غير المشروع في مخدر الكوكايين، بحيث استفادت الشبكات الدولية المروِّجة لمخدر الكوكايين من توفر المغرب على أرضية مهيأة ووسائل لوجيستية كانت تستغلها الشبكات الوطنية المتخصصة في ترويج مخدر القنب الهندي، كما استفادت أيضا من المسالك البرية والبحرية التي كانت تسلكها عصابات الهجرة المحظورة واستغلتها في تهريب الكوكايين انطلاقا من دول التخزين في غرب إفريقيا جنوب الصحراء في اتجاه دول التسويق بأوروبا مرورا بالمغرب. ويتبنى المغرب، منذ عقود،سياسة شجاعة لمراقبة المخدرات ومحاربة تهريبها تم بموجبها تفكيك شبكات واعتقال مهربين وزجر الاستهلاك غير الشرعي، بالإضافة إلى اعتماد إجراءات وقائية، وقد شهد، الشهر الماضي، إحباط «أكبر وأخطر» عمليات تهريب للمخدرات القوية في تاريخ المغرب، بعرض سواحل مدينة الداخلة. ولعل حجم العملية وطبيعتها، التي وصفت ب»الشحنة القياسية وغير المسبوقة من المخدرات الصلبة (مخدر الكوكايين)، يبين، بشكل واضح، مستوى التحديات الأمنية التي يتصدى لها المغرب نتيجة الوضع الأمني المتردي في منطقة الساحل والصحراء التي أصبحت تعرف تطورا كبيرا لأنشطة التهريب بكل أنواعها وتبييض الأموال والهجرة السرية وتهريب الأسلحة والمخدرات، والتي توظف مداخيلها في تمويل الأنشطة الإرهابية والإجرام العابر للحدود وتمويل الحركات الانفصالية المسلحة. والخلاصة أن العصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين باتت تراهن على الوضعية الجيو استراتيجية للمغرب باعتباره نقطة التقاء بين دول التخزين ودول التسويق، فضلا عن قربه الجغرافي وامتداداته الساحلية وضعف المراقبة الأمنية عند شركائه الإقليميين في دول جنوب الصحراء، وهو الأمر الذي يفرض على المصالح الأمنية المغربية بذل المزيد من الجهود ،سواء على المستوى الوطني لتحصين مجال المغرب الداخلي، أو على المستوى الدولي للحد من الارتباطات الدولية للظاهرة، باعتباره أحد الشركاء الرئيسيين في استراتيجية مكافحة الجريمة المنظمة بكل تجلياتها وأصنافها. تحولت دول إفريقيا الغربية إلى وجهة مفضلة للعصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين، فمنذ أواسط العقد الثاني من الألفية الثانية اهتمت كارتيلات المخدرات في كل من كولمبيا وفنيزويلا بمنطقة غرب إفريقيا بشكل غير مسبوق وبذلت كل ما في جهدها لجعل موانئ عدد من بلدانها ملاذا آمنا لأنشطتها وتحويلها إلى جسر لشحن ونقل مخدر الكوكايين نحو الأراضي الأوروبية. ويعزو خبراء أمنيون تحول دول منطقة غرب إفريقيا إلى حديقة خلفية لأنشطة العصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين إلى تشديد الخناق على المسارات المباشرة التقليدية في بعض بلدان أمريكاالجنوبية الذي صاحبه في ،ذات الآن، طلب متزايد على مخدر الكوكايين في السوق الأوروبية . فمنذ بدايات القرن الحالي دق خبراء أمنيون ناقوس الخطر بخصوص الاهتمام المتزايد للعصابات المنظمة الأمريكولا تينية المتخصصة في تهريب الكوكايين بمنطقة دول إفريقيا، وسجل حينها تواتر عمليات تهريب مخدر الكوكايين عبر المحيط الأطلسي من خلال شحنات تعبر موانئ دول غرب إفريقيا، مسجلة أن خمس كمية مخدر الكوكايين التي تصل إلى السوق الأوروبية مصدرها موانئ بمنطقة غرب إفريقيا. إن وضعية الهشاشة التي تعيشها عدد من بلدان منطقة غرب إفريقيا تجعلها أقل إمكانيات، ماديا وبشريا، من العصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين الأقوى من حيث الإمكانيات، مما يحد من قدرة عدد من بلدان غرب إفريقيا على ضبط أنشطة هذه العصابات، كما مكنت أرض خصبة في عدد من بلدان غرب إفريقيا عمادها عدم الاستقرار الذي تعاني من ويلاته وتزايد مستويات الفساد والتمويل المحتمل للجماعات المسلحة وارتفاع نسبة المتعاطين لمخدر الكوكايين، من تحويل هذه البلدان إلى سوق غير مشروعة لتهريب هذا المخدر القوي إلى أسواق يتزايد فيها الطلب عليه بشكل كبير. وتشكل منطقة غرب إفريقيا (البينين غانا ونيجيريا)، بالإضافة إلى جزر الرأس الأخضر وميديرا وجزر الكناري، منطقة عبور رئيسية ثانية لمخدر الكوكايين في اتجاه السوق الأوروبية، هذا في الوقت الذي حذر فيه خبراء أمنيون من أن تتحول تنزانيا لممر جديد ومسار إضافي لتهريب مخدر الكوكايين نحو الأراضي الأوروبية، وذلك بالنظر لكمِّ المحجوزات المضبوطة من هذا المخدر. هذا، وتعد شبه الجزيرة الأيبيرية بالنسبة إلى العصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين، أحد أحسن المداخل لإعادة ترويج وتوزيع مخدر الكوكايين في السوق الأوروبية عبر بوابتها الجنوب غربية التي تضم كلا من إسبانيا والبرتغال والجزر المحاذية الممتدة على المحيط الأطلسي. لا يزال مخدر الكوكايين يعبر السوق الأوروبية عبر رحلات بحرية وبرية وجوية نحو غرب وجنوب الأراضي الأوروبية، و أساسا عبر شبه الجزيرة الأيبيرية وبلجيكاوهولندا وفرنسا وإيطاليا، ويعتبر كل من ميناء روتردام في هولندا وإنتويرب في بلجيكا نقطة دخول رئيسية لمخدر الكوكايين، بالإضافة إلى مينائي الجزيرة الخضراء وبالنسيا في إسبانيا. وتعتبر شبه الجزيرة الأيبيرية أحسن المداخل للمخدرات الصلبة بالنسبة للعصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين لتعدد ارتباطاتها بعدد من التجار من الدول المنتجة في أمريكا اللاتينية ودول العبور أيضا، وكذا للارتباط والتقارب التاريخي مع المستعمرات الاسبانية السابقة والدول الناطقة باللغة البرتغالية ثم التوفر على شبكة واسعة ومنظمة من المهاجرين المنحدرين من بلدان إفريقية وكذا السواحل الممتدة في بلدان جنوبأمريكا. وبالموازاة،لا يزال القلق قائما بسبب استعمال العصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين للمسارات التقليدية ذاتها المعتمدة لتهريب القنب الهندي في شمال إفريقيا لنقل كميات كبيرة من المخدر الصلب إلى جنوب غرب الأراضي الأوروبية التي تهيمن على سوقها عصابات كولومبية منظمة تشتغل مع شبكات توزيع اسبانية توجهت أكثر من أي وقت مضى للتعامل مع المغاربة والنيجيريين. إذا كانت الجغرافية الاستراتيجية للمغرب قد حملت معها العديد من المكاسب والامتيازات، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي نتيجة تظافر مجموعة من العوامل الفاعلة كالموقع الجغرافي المتميز وانتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادي وتعدد المنافذ البحرية الممتدة على شريط ساحلي شاسع، فقد حملت معها أيضا عددا من التهديدات والتحديات الأمنية التي اتخذت صورا متعددة أبرزها تنامي الظاهرة الإرهابية وشيوع شبكات الاتجار الدولي في الكوكايين. وتسعى شبكات تهريب المخدرات، التي أصبحت لها خلال السنوات الأخيرة، ارتباطات مع شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، إلى استغلال الموقع الاستراتيجي للمغرب لجعله نقطة عبور لنشاطها الإجرامي. إن ارتفاع مخدر الكوكايين خلال السنوات الأخيرة سواء بالنسبة للاستهلاك أو على مستوى الضبطيات المحجوزة يؤشر بكل تأكيد على بروز اتجاه جديد في السوق العالمي لهذا الصنف من المخدرات يقضي بتحويل مسارات العبور البحرية التي كانت تربط أمريكا اللاتينية بأوروبا إلى مسالك جديدة تمتد من دول الزراعة والإنتاج في كولومبيا والبيرو وغيرها إلى دول غرب إفريقيا مرورا بالمغرب ثم أوروبا باعتبارها دول الوجهة النهائية. ويتضح أن الوضعية الجيو استراتيجية للمغرب كان لها دور كبير في اختياره كمحطة عبور ضمن مسالك ومسارات الاتجار غير المشروع في مخدر الكوكايين، لكن دون أن نغفل عوامل داخلية أخرى كان لها بالغ التأثير في هذا التوجه الجديد للسوق العالمي، بحيث استفادت الشبكات الدولية المروِّجة لمخدر الكوكايين من توفر المغرب على أرضية مهيأة ووسائل لوجيستية كانت تستغلها الشبكات الوطنية المتخصصة في ترويج مخدر القنب الهندي الذي تضاءل نشاطه بحكم سياسات المكافحة وتشجيع الزراعات البديلة التي أعلنتها الحكومة المغربية، مما أفضى إلى تقليص المساحات المزروعة وتفكيك العديد من الشبكات الإجرامية، كما استفادت أيضا من المسالك البرية والبحرية التي كانت تسلكها عصابات الهجرة المحظورة واستغلتها في تهريب الكوكايين انطلاقا من دول التخزين في غرب إفريقيا جنوب الصحراء في اتجاه دول التسويق بأوروبا مرورا بالمغرب. إن مخدر الكوكايين رصد لأول مرة بالمغرب بالمناطق الشمالية للمملكة بحكم قربها من سبتة ومليلية المحتلتين وبفعل ارتفاع حركة عبور السلع والمسافرين عبر المنافذ الحدودية الشمالية، خاصة بمدن الناظور وطنجة وتطوان، لينتقل بعد ذلك إلى المدن السياحية الداخلية كمراكشوأكاديروالجديدة نتيجة تزايد أفواج السياح الوافدين عليها مما خلق سوقا محلية مصغرة يكثر فيها الإقبال وبالتالي يزداد فيها العرض. لكن هذه الظاهرة سوف تعرف منعطفا خطيرا مع توالي السنوات خلال العشرية الأخيرة، كميات تقدر من الغرام الواحد إلى ضبطيات تناهز مئات الكيلوغرامات سنة 2016 ،مما يعكس ظهور اتجاهات جديدة للظاهرة تتمثل في دخول شبكات دولية إلى السوق المحلية، ليس من أجل تزويد السوق المحلي فقط ،وإنما من أجل استغلال المغرب كمحطة عبور صوب الضفة الشمالية للبوغاز في اتجاه دول أوروبا الشمالية. وما تنفيذ المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الشهر الماضي، لعملية نوعية مشتركة مع كل من الدرك البحري والبحرية الملكية المكلفة بمراقبة المياه الإقليمية والتي مكنت من إحباط «إحدى أكبر وأخطر» عمليات تهريب المخدرات القوية بسواحل مدينة الداخلة سوى دليل على رغبة شبكات تهريب المخدرات الموقع الجغرافي للمغرب باعتباره البوابة الإفريقية الأقرب لمداخل مهمة في بلدان جنوب أوروبا. ولعل حجم العملية وطبيعتها، التي وصفت ب»الشحنة القياسية وغير المسبوقة من المخدرات الصلبة (مخدر الكوكايين)، يبين، بشكل واضح ،مستوى التحديات الأمنية التي يتصدى لها المغرب نتيجة الوضع الأمني المتردي في منطقة الساحل والصحراء التي أصبحت تعرف تطورا كبيرا لأنشطة التهريب بكل أنواعها وتبييض الأموال والهجرة السرية وتهريب الأسلحة والمخدرات، والتي توظف مداخيلها في تمويل الأنشطة الإرهابية والإجرام العابر للحدود. ويأتي إحباط تهريب المخدرات القوية في إطار المجهودات الحثيثة التي يبذلها المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الرامية إلى مكافحة الظواهر الإجرامية، خصوصا تلك المتعلقة بالاتجار والتهريب الدولي للمخدرات. ومن الواضح أن المصالح الأمنية المغربية راكمت خبرة كبيرة في رصد وتتبع أنشطة كارتيلات المخدرات التي لا تتردد، حسب تقارير أمنية دولية، في أن تجعل من المغرب أحد المسالك الرئيسية تمكن شبكات التهريب الدولية من تمرير للمخدرات القوية،حيث تم التأكد من أن شحنة المخدرات انطلقت من دول أمريكا اللاتينية، وصولا إلى سواحل غرب إفريقيا، قبل أن تصل إلى المغرب، حيث كان مبرمجا أن يتم تهريبها إلى أوروبا. وقد تمكنت المصالح الأمنية المغربية من خلال استقراء لمختلف عمليات الحجز التي قامت بها في السنوات الأخيرة، إلى تحديد ثلاثة مسالك رئيسية تعتمدها شبكات ترويج الكوكايين عند مرورها بالتراب الوطني، وهي إما مسالك جوية أو بحرية أو برية. المسلك الجوي: لقد أضحى المسلك الجوي أحد أبرز وسائل تهريب الكوكايين، فالحركية المضطردة للمسافرين والبضائع عبر مطار محمد الخامس تجعل من مسألة الرصد والمكافحة أمرا في غاية الصعوبة ،رغم تجهيز قاعة المراقبة في المطار بأجهزة متطورة للكشف بالأشعة السينية وبأجهزة سكانير لمراقبة الأمتعة والحقائب الشخصية. ويتخذ المسلك الجوي من المغرب، الذي يستعمل ما يطلق عليه «بغال نقل الكوكايين» محطة عبور فقط وليس سوقا للاستهلاك، بدليل صغر حجم الكميات المضبوطة فضلا عن نوعية الرحلات المستهدفة والتي تكون عادة عابرة للمغرب في اتجاه أوروبا. المسلك البحري: لقد جعل انفتاح المغرب على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وامتداده على طول شريط ساحلي يناهز 3500 كيلومتر تقريبا، قبلة مفضلة لشبكات الاتجار الدولي في المخدرات، فأمام تزايد المراقبة الأمنية على المسار البحري الذي كان يربط دول المصدر والإنتاج في أمريكا اللاتينية بدول الوجهة والتسويق بأوروبا الغربية، وجراء تعاظم تكلفة الرحلة واتساع مسافاتها، فضلت الشبكات المتخصصة في هذا المجال الاستعاضة عن تلك المسالك بأخرى أقصر مسافة وأيسر من حيث المراقبة الأمنية، وهو الأمر الذي جعلها تفضل المرور بدول غرب إفريقيا جنوب الصحراء تم المرور برا عبر المغرب في اتجاه أوروبا أو الانطلاق مباشرة صوب الموانئ الجنوبية للمغرب ،مثل ما حدث في عملية «كوكايين» في المياه المقابلة لمدينة الداخلة. وتتميز الضبطيات المحجوزة في هذا المسلك بحجمها الكبير الذي يقدر بمئات الكيلو غرامات بحكم طبيعة وسعة وسائل النقل المستعملة، التي تكون في العادة إما حاويات أو سفن كبيرة يتم تفريغها بالموانئ المغربية على أساس إعادة شحنها في اتجاه أوروبا أو أنها تفرغ في عرض البحر وتشحن على متن زوارق سريعة بهدف نقلها مباشرة إلى دول التسويق. المسلك البري: هذا المسلك تم رصده من قبل مصالح الأمن المغربية جراء حجز كميات من الكوكايين بكل من أكادير والرباط والعيون ومراكش قادمة من بلدان جنوب الحدود المغربية، ويؤشر على بروز مسلك بري ضمن مسارات الترويج ينطلق من سواحل غرب إفريقيا مرورا بموريتانيا وشمال مالي في اتجاه شرق الجزائر والمغرب. الأكيد أن المغرب يبذل منذ عقود سياسة شجاعة لمراقبة المخدرات ومحاربة تهريبها تم بموجبها تفكيك شبكات واعتقال مهربين وزجر الاستهلاك غير الشرعي، بالإضافة إلى اعتماد إجراءات وقائية، وقد شهد ،قبل سنتين، إحباط المصالح الأمنية المغربية لأكبر عملية تهريب من نوعها للمخدرات القوية في تاريخ المغرب، حيث تمكنت عناصر الشرطة القضائية بولاية مراكش بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني شهر شتنبر من سنة 2014 ،من ضبط ما يناهز 226 كيلوغراماً من الكوكايين تقدر قيمتها المالية بأكثر من 22 ملياراً و600 مليون سنتيم( 226 مليون درهم) كانت موجهة للسوق الخارجية. وهو الأمر الذي جاء في كلمة سفير المغرب بالنمسا والمنظمات الدولية بفيينا لطفي بوشعرة، الخميس الماضي في فيينا ،خلال افتتاح أشغال الدورة ال 59 للجنة المخدرات التابعة لمكتب الأممالمتحدة للمخدرات والجرائم ،المخصصة لتقويم تنفيذ القرارات المعتمدة خلال الدورة الخاصة للجمعية العمومية للأمم المتحدة لأبريل الماضي بنيويورك. أضاف بوشعرة أن مجهودات المغرب في محاربة المخدرات كانت دوما محط تنويه من قبل الهيئات الدولية المتخصصة، وقد مكنت سياسته من تقليص مساحة الأراضي المزروعة بالقنب الهندي ب 65 في المئة. وقال إنه بالنظر لكون الظاهرة لديها تشعبات دولية تتجاوز الحدود الوطنية فإن القضاء على المخدرات يتطلب مقاربة على مستويات متعددة وطنية وإقليمية ودولية تأخذ بعين الاعتبار الأنماط الجديدة لعمل شبكات التهريب والحقائق الجديدة،إذ ليس بإمكان أي بلد لوحده القضاء على الظاهرة، و دعا لتعاون ثنائي وإقليمي ودولي، بالإضافة إلى اعتماد مبدأ المسؤولية المشتركة من أجل محاربة فعالة للمخدرات. وقال إن تعاونا إقليميا فعالا ونشطا بإمكانه، وحده ،مواجهة مثل هذه التحديات، كما أن نجاح هذه المقاربة المشتركة يتطلب بالخصوص فهما لإشكالية المخدرات في إطار مقاربة شاملة واحترام حقوق الإنسان واعتماد آليات الوقاية والأمن وإعادة الإدماج وتشجيع برامج التنمية البديلة والدعم التقني، كما شدد على أهمية نهج سياسة الوقاية التي تستهدف الشباب مع ضرورة تنفيذ مخططات للتنمية البشرية للمناطق التي تعرف زراعة المخدرات على المدى الطويل وتعزيز التعاون مع المنظمات الأممية المعنية والمانحين ووكالات التنمية. والخلاصة أن العصابات المنظمة الأمريكولاتينية المتخصصة في تهريب الكوكايين باتت تراهن على الوضعية الجيو استراتيجية للمغرب باعتباره نقطة التقاء بين دول التخزين ودول التسويق، فضلا عن قربه الجغرافي وامتداداته الساحلية وضعف المراقبة الأمنية عند شركائه الإقليميين في دول جنوب الصحراء، وهو الأمر الذي يفرض على المصالح الأمنية المغربية بذل المزيد من الجهود ،سواء على المستوى الوطني لتحصين مجال المغرب الداخلي، أو على المستوى الدولي للحد من الارتباطات الدولية للظاهرة، باعتباره أحد الشركاء الرئيسيين في استراتيجية مكافحة الجريمة المنظمة بكل تجلياتها وأصنافها.