اختتم البرلمان بمجلسيه (النواب والمستشارين) يومي الثلاثاء والأربعاء 09 و10 فبراير الجاري، على التوالي ، الدورة الأولى (الدورة الخريفية) من السنة التشريعية التاسعة. وبخصوص حصيلة هذه الدورة ، جاءت الآراء متباينة ما بين فرق المعارضة وفرق الأغلبية، ففيما اعتبرتها الأولى هزيلة وغير مشرفة وصفتها الثانية ب”الجيدة جدا”. فقد اعتبرت ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن حصيلة الدورة الخريفية للغرفة الأولى، من ناحية الكم، أي عدد النصوص ومشاريع القوانين والاتفاقيات التي تمت المصادقة عليها، هي “حصيلة لابأس بها، ولكن من حيث النوع، أي الطريقة التي مررت بها هذه النصوص والمشاريع، تجعلنا نعتقد أن المؤسسة التشريعية، ما يهمها، هو أن يقال عنها أنها استطاعت تمرير أكبر عدد من القوانين، حتى ولو كان ذلك على حساب جودة النقاش والتتبع”. وأضافت حازب “هذا ما لمسناه طيلة أربع سنوات ونصف، فطيلة هذه المدة، واعتمادا على أغلبيتها العددية، والحكومة تمطرنا بعدد كبير من المشاريع تحت ضغط الوقت، وتطلب منا المناقشة والمصادقة بطريقة تلغي المناقشة العميقة، وتلغي الانفتاح على الفاعلين، وبالتالي نمرر ونصادق على قوانين لنعود بعد ذلك الى البحث عن مقترحات القوانين لتصحيح الثغرات الموجودة في الأولى المصادق عليها، وهذا ما حدث مرارا وتكرارا”. الى ذلك، عابت حازب على الحكومة طريقة تعاملها مع مقترحات الفرق النيابية بشكل عام” اذ يوجد في الرفوف 181 مقترح قانون منها 25 مقترح قانون للأصالة والمعاصرة وتسعة مقترحات مشتركة بين فرق نيابية أخرى”، مضيفة أن ” الحصيلة صفر من حيث دراسة القضايا الطارئة، والتجاوب مع طلبات عقد اللجان، فلا بد أن نشير الى أن الحكومة عطلت مقتضى دستوريا وتنظيميا أساسيا في اطار مراقبة العمل الحكومي، أيضا لم تستوف الحصة الكاملة لمناقشة السياسات العامة، وهذا إخلال آخر بمقتضيات الدستور”. كما تميزت الدورة، كسابقاتها، بحسب حازب، بالغياب المتكرر الوزراء عن الجلسات الأسبوعية، ” وهذا الغياب طبعا مقصود من أجل الحد من مراقبة النواب للحكومة، وهذا ما جعل وزراء بنكيران أضحوا يتحكمون في المراقبة وفي التشريع وفي اللجن وفي الإحاطات، وهذا هو منتهى الهيمنة الحكومية”. ومع كل هذا الضغط، تضيف حازب، غاب عن الدورة مشروع قانون مهم للغاية وهو مشروع القانون المتعلق بالأمازيغية، والذي يحتاج لوحده لدورة كاملة من بدايتها الى نهايتها، بالنظر الى حساسية الموضوع، وكذلك مشروع قانون المناصفة المعلق لحد الساعة، رغم فراغ المضمون الذي أراد له الدستور، ثم منظومة اصلاح أنظمة التقاعد، وقانون الاضراب الذي لم تستطع الحكومة الخوض فيه، أيضا قانون تشغيل الخادمات الذي ما زال هو الآخر معلقا بسبب انعدام التوافق بين أحزاب الأغلبية فيما بينها. وختمت حازب انتقاداتها بالقول ” هكذا نسجل خلال هذه الدورة الخريفية هيمنة على العمل التشريعي، وبالتالي إبعاد المؤسسة عن الدور الذي خوله لها الدستور الذي أراد لها أن تكون مؤسسة تشريعية حقيقية، وبين الحكومة التي ارادت لها أن تكون مجرد “صندوق بريد” . ونوهت رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الأولى، مقابل ذلك، ب” المجهودات التي يقوم رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي من أجل تحديث طرق الاشتغال في المؤسسة و تمكين النواب من وسائل العمل و تحسين أداء النواب”. وعلى العكس من ذلك، وصف عبد الله بوانو حصيلة الدورة ب ال”جيدة جدا لأنه ولأول مرة تم تحقيق رقم قياسي حيث صادقنا على 62 نصا تشريعيا، من ضمنها أربعة قوانين تنظيمية، وأربعة مقترحات قوانين، 34 نصا عاديا، و 22 اتفاقية، اذن من الناحية التشريعية الحصيلة مهمة كما ونوعا، أما من الناحية الرقابية فقد تم تفعيل كل أدوات العمل الرقابي من أسئلة شفوية أو كتابية ومهمات استطلاعية، وانعقاد اللجان، وكذا حضور رئيس الحكومة للجلسات العامة”. وأضاف بوانو ” لكن للأسف الشديد، نسجل فشل المعارضة في تفعيل لجنة تقصي الحقائق، اذ طالبت في السنة الماضية بلجنة تقصي الحقائق بخصوص الفياضات، لكنها فشلت فشلا كبيرا فيها خاصة من خلال رئاستها، بسبب التضارب الذي وقع فيما بينها، هذا الفشل لا زال مؤثرا لحد الساعة على البرلمان”. كما اعتبر بوانو الحصيلة مهمة من الناحية الدبلوماسية، “سواء استقبالا أو ذهابا، إذ قام البرلمان بدور مهم جدا خدمة للقضية الوطنية، من خلال حضور المؤتمرات والمنتديات، والشعب واللجن، ويكفينا فخرا أن عددا من البرلمانيات والبرلمانيين ساهموا وبشكل فعال في دحض وإفشال مقترحات وتوصيات خصوم وحدتنا الترابية في المحافل الدولية”. وأشار بوانو إلى كون الدورة الخريفية عرفت العديد من الاكراهات، من بينها أن الحيز التشريعي يتم شغله بنسبة الثلث في مناقشة مشروع قانون المالية وهو ما يؤثر على النصوص القانونية، فضلا عن تأخر مجموعة من مشاريع القوانين، وإن حاولت الحكومة تسريع مسلسل إيداع القوانين التنظيمية مثل القانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، حيث تأخرت مشاريع قوانين مهيكلة ومؤسسة، مثل تفعيل الأمازيغية، والقانون التنظيمي للإضراب، لأنها حسب بوانو، “قوانين صعبة”.