من المفارقات الغريبة في الحقل الحقوقي بالمغرب، أن يطالب فؤاد عبد المومني بمصادرة حق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في التواصل والتعبير، ويدافع عن إخراس صوتها وحجب بلاغاتها، في مقابل ذوده المستميت عن مخطط "مراسلون بلا حدود" الرامي لمهاجمة المغرب وتسويد صورته الحقوقية. ومن التناقضات الصارخة أيضا، أن يدافع فؤاد عبد المومني عن منظمة مشهود لها بارتباطاتها الفرنسية المشبوهة، وهي تهاجم المغرب وتعادي مصالحه العليا، بينما يبخس حق مندوبية السجون عندما تباشر صلاحياتها في التواصل المؤسساتي بغرض تبديد الأخبار الزائفة التي تتناول وضعية نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية. ولعل أخطر ما انخرط فيه فؤاد عبد المومني، ومعه المعطي منجب، هو الانتصار ليميني فرنسي متطرف، ولمواطن جزائري ارتمى مؤخرا في أحضان تبون، في مقابل ازدراء المؤسسات المغربية واستهجان حقها في التواصل والرد على حملة الأخبار الزائفة التي تستهدف وضعية السجين عمر الراضي. وهذه السكيزوفرينيا "النضالية" ليست بغريبة على فؤاد عبد المومني! أليس هو من حرض مؤخرا الأوروبيين والغرب عموما، في نشاط يساري نظم بهولندا، على مهاجمة المغرب وعدم الرضوخ لمطالبه في المجال الدبلوماسي وفي قضايا الهجرة؟ أليس فؤاد عبد المومني هو من احتفى وهلل كثيرا لقرار البرلمان الأوروبي المناوئ لمصالح المغرب! واعتبر توصياته المغرضة بمثابة "بادرة طيبة" ترنو الضغط على المملكة المغربية! فالملاحظ هو أن فؤاد عبد المومني لا يؤمن بالحق في التعبير، إلا إذا كان هذا التعبير جارحا للمغرب ومستهدفا لمصالحه، أما إذا تطبع هذا التعبير بطابع الرد والتعقيب من جانب السلطات المغربية، فإنه يصبح "تجاوزا وإخلالًا" وغيرها من الأوصاف القدحية التي يبتدعها فؤاد عبد المومني من بنات أفكاره الشاردة. وهنا نتساءل ما الضير في أن تذكرنا مندوبية السجون بالخلفية اليمينية المتطرفة للرئيس السابق لمراسلون بلا حدود؟ ألا يعطينا هذا التذكير فكرة واضحة عن الجهة التي تنشر المزاعم الكيدية والمتواترة ضد المغرب. ألا يسمح هذا التذكير بمعرفة الخلفيات الحقيقية التي تقف وراء استهداف المغرب في قضايا مفتعلة؟ وخلاصة القول هي أن فؤاد عبد المومني لم يكن يدافع عن مراسلين بلا حدود من منطلق حقوقي أو مهني، وإنما كان في الحقيقة ينتفض ضد تصويبات وبلاغات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج التي تقوض مزاعمه الواهية. فالرجل يتطلع لمنع إدارة السجون من التواصل حتى يبقى له الفضاء فارغا لينفث فيه سمومه وأكاذيبه. ويبقى أحسن صنيع يمكن أن تقدمه إدارة السجون للمغاربة هي أن تواصل نهجها التواصلي، وتستمر في نشر البلاغات وبيان الحقيقة، لأنها بذلك تقطع الطريق على فؤاد عبد المومني وحوارييه ممن ألفوا التدوين المخزي في البرك والخلجان الآسنة.