تُعتبر سنة 2023 بإسبانيا، سنة انتخابية بامتياز حيث ستجري في يوم الأحد 28 ماي انتخابات محلية وإقليمية في 8000 بلدية و12 إقليما من بين 17.. فيما سيعرف شهر دجنبر القادم الانتخابات التشريعية.. وهو ما يجعل من انتخابات 28 ماي...حلقة مهمة في الحملة الانتخابية للتشريعيات الإسبانية الحاسمة في شهر دجنبر 2023، ومساحة لصراع سياسي بين أحزاب اليسار واليمين واليمين المتطرف بالإضافة إلى الأحزاب الصغيرة خاصة بإقليمي الباسك أو الكطلان ... وقد حملت الاستعدادات الحزبية لانتخابات 28 ماي...تعديلا وزاريا بحكومة "سانشيز" في شهر مارس الماضي شمل وزراتي الصحة والصناعة والدفع بالوزيرين السابقين إلى الترشح بكل من العاصمة مدريد التي يسيطر عليها المحافظين منذ سنوات عديدة ، وبلاس بالماس بجزر الكناري.. ولعل الدفع بشخصيات من حجم وزراء إلى المنافسة على عمدية المدن المهمة والكبرى هو تعبير سياسي واضح لأهمية هذه الانتخابات ودورها في حسم التشريعيات القادمة... كما حملت تلك الاستعدادات، الإعلان في 2 أبريل الماضي عن ميلاد حزب سياسي جديد "سومر" بخلفية اليسار الرديكالي من طرف "يولاندا دياز" وزيرة العمل في حكومة سانشيز...والتي لم تخف طموحها لقيادة الحكومة القادمة بعد الفوز بالتشريعيات في دجنبر 2023... وبالموازاة مع الحملات الانتخابية وتصريحات قادة الأحزاب بخصوص التحالفات والبرامج الانتخابية...فقد عرف المشهد الإعلامي سواء التابع للمحافظين والحزب الشعبي أو لليمين العنصري فوكس، أو التابع للحزب الاشتراكي والعمالي...تداولا قويا لنتائج استقراءات الرأي بخصوص نتائج انتخابات 28 ماي ..حيث تسوق كل جهة "تقدما طفيفا" سواء للحزب الاشتراكي أو الشعبي.. بالإضافة إلى تأثير أحزاب مثل فوكس وبوديسموس وسُومر الجديد على خريطة النتائج والترتيب والتحالفات...هذا مع تنبؤ تلك الاستقراءات بخروج الحزب الليبرالي "مواطنون" من البرلمان القادم... وينتظر من جهة أخرى، تغطية إعلامية قوية حول مجريات يوم 28 ماي بالعاصمة مدريد، حيث ستجري انتخابات بلدية وإقليمية (جهوية) إذ ستؤثر نتائج العاصمة على توازنات تشريعيات الخريف القادم، فآخر استطلاعات الرأي جعلت نتائج بلدية مدريد (حوالي 3 ملايين نسمة) مفتوحة أمام كل من تحالف اليمين أي الحزب الشعبي وفوكس ومواطنون، وتحالف اليسار أي الحزب الاشتراكي وماس مدريد وبوديموس ..مع احتمال البقاء خارج المجلس البلدي كل من مواطنون وبوديموس.. وبينما تكثل اليمين وراء عمدة مدريد الحالي "ألمايدا"..فإن مرشحي اليسار الأوفر حظا لمنصب عمدة مدريد هن السيدة "ريتا مايستري" عن حزب ماس مدريد المنشق عن البوديموس.. والوزيرة السابقة "رايس ماروتو" عن الحزب الاشتراكي، مع التذكير أن عمدة مدريد لا ينتخب مباشرة بل يتم عبر اتفاقات سياسية مسبقة... ونفس نتائج الاستطلاعات أعطت تقدما كبيرا لمرشحة الحزب الشعبي اليميني "ايزابيل دياز أيوسو" على مستوى الانتخابات الإقليمية الخاصة بمدريد (6 ملايين ونصف نسمة)، والتي يديرها الحزب الشعبي منذ حوالي 29 سنة...وتقود السيدة "أيوسو" إقليممدريد منذ سنة 2019 وتمت تزكيتها في الانتخابات المبكرة لسنة 2021... ويميل المراقبون إلى أنه في حالة فوز اليسار بعمودية مدريد...فإن هذا سيزرع ثقة أكبر في تيار اليسار في انتظار تشريعيات دجنبر 2023.. ويبدو ان انتخابات 28 ماي تعد بأُفق "موجة وردية" غير مسبوقة في المشهد السياسي الاسباني، إذ من جهة نجد "يولاندا دياز" وزيرة العمل وزعيمة " حزب سومر " الجديد تعبر عن رغبتها في توحيد اليسار وترؤس الحكومة الإسبانية القادمة.. ومن جهة أخرى، تعبر السيدة "إيزبيل دياز أيوسو" مرشحة الحزب الشعبي عن رغبتها في الحصول على الأغلبية المطلقة بعيدا عن حزب فوكس العنصري، واكتساح أصوات إقليممدريد الذي سيفتح لها باب رئاسة الحزب الشعبي، ثم رئاسة الحكومة الإسبانية... ورغم أن الانتخابات المحلية والإقليمية بخلاف التشريعيات، عادة تحكمها علاقة المرشحين بالناخبين وتاريخهم بمكان الترشيح... فإن هذا لا يعني أن بعض المناطق لن تتأثر مثلا بخطابات انتخابية أو أنه سيتم تغييب إنجازات سياسات عمومية من البرنامج الانتخابي...وتأثيرها على حياة الناخب.. لكن الأكيد أن انتخابات 28 ماي ستكون "بارومترا" سياسيا مهما لقياس قوة هذا الحزب أو ذاك في أفق تشريعيات دجنبر الهامة... خاصة تحديد معالم تحالفات الحزب الشعبي وفوكس العنصري المتطرف من جهة، و تحالف الحزب الاشتراكي وبوديموس وسومر من جهة ثانية سواء في تشكيل المجالس المحلية أو الإقليمية...سنتابع...