إذا كانت الأيادي المرتعشة لا تصنع التاريخ، فإن الاتجار بالبشر والاغتصاب الموسوم بالعنف يزدري صاحبه ويخرجه من التاريخ! كانت هذه التوطئة مدخلا لا مناص منه للتعقيب عمن يضحكون على الذقون، ويحاولون عبثا تقديم جرائم الاتجار بالبشر والاغتصاب المقرون بالعنف والتحرش الجنسي وهتك العرض بالعنف على أنها ضرب من ضروب حرية التعبير وجرائم القلم! اللهم إلا إذا كانوا يقصدون بكلامهم هذا البعد "الميتافوري" للقلم الجامح كسلاح للجريمة في قضايا الاغتصاب! ومنشأ هذا الحديث هو ما دبجته زوجته توفيق بوعشرين من ادعاءات وإيحاءات وإيماءات مشوبة بالخلط السافر بين جرائم الحق العام والاعتداءات الجنسية من جهة، وبين قضايا الرأي وحرية التعبير من جهة ثانية! وإن كان الفرق شاسع بينهما ولا خيط ناظم بين الاثنين. ولئن كان لا أحد منا يبخس عقيلة توفيق بوعشرين حقها في التدوين الافتراضي، ولا يمكن أن ينكرها أحد حق عيادة زوجها في خلوته المحروسة في سجن العرجات، ولكن من العيب أن يسرف البعض في نشر "قهقهات توفيق بوعشرين المزعومة"، في وقت تئن فيه ضحاياه تحت نير النسيان ولظى المعاناة في خلواتهن المفروضة بحكم الطابوهات المجتمعية. هذا بالنسبة للضحايا اللواتي لازلن على قيد الحياة! أما الضحية التي انتقلت إلى عفو ربها وفي نفسها غصة من توفيق بوعشرين، فالله هو الكفيل بها، وهو القادر على إلهام ذويها جميل الصبر والسلوان. فأن تخرج زوجة توفيق بوعشرين زاعمة أن زوجها سريع الضحك وكثير الدعابة، وأن مجرد اطلاعه على بيانات صحفية وبلاغات عبد الاله بنكيران المكتوبة على ورق الزبدة، قادرة على إضحاكه واستدرار سخريته، فهذا هو منتهى العبث والتلاعب بحزن الضحايا المنزويات خلف محظورات المجتمع. والمثير كذلك أن زوجة توفيق بوعشرين وهي في حمأة "التظاهر بغبطة زوجها"، حاولت أن تخلط الأوراق وتدس ملف زوجها (غصبا) ضمن حرية التعبير، مع أن الغصب الوحيد في هذه القضايا هو ما ارتكبه زوجها في حق مستخدمات وزميلات صحافيات. لكن من تراقص على كرامة الضحايا، وأثخن جراحهن ووصمهن ب"حريم التجريم"، وشارك كذلك في الحرب النفسية التي طالتهن لسنوات، لقادر كذلك على أن يتلاعب بحرية التعبير، ويمعن في تمطيطها لتشمل حتى جرائم الاغتصاب والاتجار بالبشر! لكن في نهاية المطاف، سوف يذكر التاريخ دائما أن المغتصب يبقى مآله هو السجن، سواء كانت أياديه هي التي ترتعش أو أن أسنانه هي البارزة بفعل وطأة السخرية السوداء. 1